عدت إلى قسنطينة بالجائزة الكبرى و هي الجمهور صلاح الدين خالدي من بين التلاميذ الجدد الذين تخرجوا من الطبعة الأخيرة لألحان و شباب و الذي عاد لقسنطينة بعد هذه التجربة التي لم يحالفه الحظ للذهاب بعيدا فيها، و كله أحلام و أمال في مستقبل فني زاهر بعد أن اكتسب أدوات فنية فاعلة في المدرسة التي ساعدته على الاحتكاك بعالم الاحتراف مما أعطاه ثقة أكبر في نفسه و في قدراته الصوتية كما أخبرنا في هذا الحوار الذي أجراه مع النصر، مؤكدا أن أكبر جائزة في البرنامج كانت من نصيبه و هي " الجمهور " الذي سانده بقوة ، كما أشار أن في جعبته الكثير من المشاريع المستقبلية أهمها تنظيم جولات فنية و إنجاز أول ألبوماته في طابع المالوف و العيساوة كنوع من الوفاء لمدينته. *استنكر جمهور ألحان و شباب خروجك من المنافسة في التصفيات الأولى مباشرة و أعتبروا أنك لم تأخذ الفرصة التي كنت تستحقها في المدرسة ، فماذا تقول لهم في هذا الحديث ؟ و ماذا كان هدفك من المشاركة في " ألحان و شباب"؟ - أولا سأغتنم هذه الفرصة لأحيي الجمهور الرائع الذي اكتسبته من خلال هذا البرنامج ، و الذي بتشجيعه و مساندته الكبيرة لي أثناء تواجدي داخل المدرسة جعلني أشعر أنني تحصلت على الجائزة الأولى لأنني فزت بأهم ما يمكن أن يتحصل عليه فنان في بدايته وهو " الجمهور". فغايتي من دخول " ألحان و شباب" منذ البداية كانت الاستفادة من تأطير أساتذتها المحترفين في صقل صوتي واكتساب مهارات فنية ، لكوني صاحب تجربة سابقة في الغناء في الأعراس و الأفراح ضمن فرقة " الساقية " للمالوف و العيساوة، التي كونتها مع مجموعة من الفنانين الشباب في مدينة قسنطينة ، رغم أن الجائزة و التتويج كانت مهمة بالنسبة لي لتشريف مدينتي. و لهذا كنت أرد بحكمة على الناس الذين يوقفونني في الطريق أو في الأماكن العامة أو الذين يتصلون بي من كافة ولايات الشرق معبرين لي عن أسفهم الشديد من إقصائي من المنافسة في بدايتها، بأن المهم بالنسبة لي هو اكتسابي لهذه التجربة التي ستدعم بداية مشواري الفني. *قبل أن تتجه للغناء في الأعراس و تصبح من بين الأصوات المطلوبة في أفراح المدينة ، كيف كانت بدايتك؟ - كنت مولعا بالغناء القسنطيني منذ الطفولة ، و كانت أول خطوة لي فيه في مسابقة " ما بين الثانويات" التي أديت فيها أغنية " هياو يا طلاب ، هياو يا طالبات " من ألحان أستاذ الاجتماعيات قوميدة ، و هي أغنية في طابع العيساوة مقتبسة من أغنية " هياو يا زيار" و كان هذا أول ظهور متواضع لي ، و من ثم بدأت في تطوير نفسي شيئا فشيئا في نوعي المالوف و العيساوة، اللذان صقلا صوتي في هذا الطابع الذي أميل إليه أكثر من غيره، و ربما هذا سبب ملاحظات الأساتذة الكثيرة حول تأثري بالغناء القسنطيني حتى عندما أؤدي طبوعا أخرى. *كيف استطعت أن تتجاوز الملاحظات المتكررة للأساتذة و لجنة التحكيم حول تأثرك بالطابع القسنطينى و الذي يغلب على آدائك لباقي الطبوع الجزائرية ؟ و ماذا كنت تشعر عندما كنت تتلقى هذه الإنتقادات؟ - الإنتقادات لم تكن تربكني أو تقلقني، بل بالعكس دفعتني للعمل و الاجتهاد أكثر، و فيما يتعلق بتأثري بالنوع القسنطيني كثيرا فهذه ملاحظ تشعرني بالفخر لأنني في " ألحان و شباب " ذهبت لأمثل مدينتي و فنها الذي أعشقه حتى النخاع و اعتبره من أرقى الفنون، فالطريقة الصوفية ليست عبارة عن مجرد غناء فقط، فهي تعتمد أيضا على قوة شخصية و أخلاق الفنان الذي يؤديها. وأعترف أني حاولت أن أتخطى هذه العقبة و أستفيد أكثر من ملاحظات الأساتذة و إختبار صوتي و قدرتي على آداء طبوع أخرى ، كما كنت دائما أحث نفسي على العمل أكثر متحكما في نفسي و مشاعري لكي لا أبرز قلقي أو انزعاجي من تعليقات لجنة التحكيم و آرائها . * ماهي أكثر ملاحظات لجنة التحكيم التي أقلقتك؟ - أتذكر بالتفصيل كل الملاحظات التي وجهها الي الأساتذة منذ دخولي لألحان و شباب، و لا أنفي أن البعض منها أصابني ببعض التوتر و ربما القلق الداخلي و لكنني تقبلتها كلها بصدر رحب ، كرأي اللجنة في أدائي في أول برايم للحصة لأغنية " يا بحر الطوفان " الذين قالوا أنه كان ينقصني التفاعل معها، هذه وجهة نظر لا يمكنني مجادلتها. " بحر الطوفان " كانت من بين أكثر الأغاني التي خفت منها و حاولت قدر المستطاع غناءها بشكل مقنع و لكن الارتباك أمام اللجنة والكاميرا و الجمهور كان كبيرا جدا في أول برايم لنا. و أيضا الملاحظة التي قدمتها لي السيدة ليلى حول آدائي لأغنية " يا محمد يا جد الحسني " العيساوية، عندما قالت أن طريقتي في الغناء تميزت بالصراخ الذي لا يليق بهذا النوع من الأغاني الصوفية التي تتميز عادة بالهدوء، فيما كنت جد مقتنع بأدائي لأنني متعود على الأغاني العيساوىة كما هي معروفة في قسنطينة و لكنني لا أملك الحق في التعليق أو التعقيب على آراء اللجنة، كما اعتقد أن هذه الملاحظات و الانتقادات كانت في صالحي لأنها أثارت فضول المشاهدين لمتابعة مشواري و التطورات الحاصلة في المدرسة . *هل تعتقد أن الطلبة الذين تحصلوا على الجائزة الأولى و الثانية كانوا يستحقون هذا التتويج ؟ - محمد صيلع كان من بين أحسن الطلبة الذين اجتهدوا كثيرا من اجل تحقيق أحسن النتائج و هو بالفعل يستحق اللقب و الجائزة الأولى و أيضا سهيلة بلشهب . وصاحب الجائزة الأولى على خلق جيد و علاقتي به كانت جيدة ، و الحمد لله كان الجميع يعتبرونني كأخ أكبر لهم و كانوا يستمعون باهتمام لنصائحي و هذا ما خلق بيننا جوا مميزا ،إلى درجة أن طاقم الحصة قال لنا انه لأول مرة لم يلمسوا جو المشاحنات بين الطلبة . * ماهي مشاريعك بعد " ألحان و شباب"؟ و هل ستركز على طابع المالوف و العيساوة فقط أم ستتوجه لطبوع أخرى ؟ - " ألحان و شباب " كانت بداية لمشوار فني أتمنى من قلبي أن يكون طويلا و مثمرا و أملي أن أستطيع الوصول إلى المكانة التي حققها العديد من الفنان الجزائريين المميزين. حاليا ليس لدي مشاريع واضحة المعالم ، ففي هذه الفترة مازلنا على علاقة بأساتذة المدرسة التي تخرجنا منها بعقد سيتيح لنا في المستقبل القريب العمل على ألبوماتنا الأولى و تنظيم جولات فنية و المشاركة في بعض التظاهرات الفنية أيضا. وقد وعدني مدير الثقافة فور عودتي لقسنطينة أن تكون لي مشاركات في المهرجانات الغنائية القادمة في المدينة . كما اطمح في الفترة القادمة القيام بجولات فنية في دور العجزة و غيرها لأنني أؤمن بان الفنان يجب أن يحمل رسالة إنسانية. إلى جانب أني أفكر في إنجاز ألبومي الأول. * كلمة أخيرة - أشكر مرة أخرى كل الأساتذة الذين ساعدوني كثيرا داخل المدرسة و خاصة الأستاذ قويدر بوزيان و أمين دهان اللذان كانا يدرباني على الأغاني الجديدة ، و أيضا كل من ساندني على مستوى الوطن و في مدينتي ،و لا أنسى حسان بن زراري وزوجته و الحاج طبي الذين وقفوا إلى جانبي ، وكذلك الأستاذ حمدي بناني الذي شجعني أكثر من مرة في الكواليس و الأستاذ زوبير رحال الذي أخبرني أن لديه أغنية جديدة من تأليفه و يتمنى أن يسمعها بصوتي.