الجزائر (7) تانزانيا (0) حقق المنتخب الوطني سهرة أمس تأهلا سهلا إلى دور المجموعات من التصفيات المؤهلة إلى مونديال 2018، بعد فوزه على نظيره التانزاني بسباعية تاريخية، لم يحرزها الخضر منذ أزيد من ربع قرن من الزمن، لكنها كانت بمثابة رد صريح من العناصر الوطنية على كل من شكك في قدراتها. و بددت المخاوف التي تسربت إلى قلوب ملايين الجزائريين بعد موقعة دار السلام قبل 3 أيام، لأن تشكيلة المدرب غوركوف إستعادت عافيتها، و أدت أفضل مقابلة لها في عهد التقني الفرنسي، و ظهرت في صورة المنتخب المونديالي القادر على المحافظة على مكانته في الساحة العالمية، مما أعاد منتخب تانزانيا إلى حجمه الحقيقي، و فاتورة السباعية كادت أن تكون أثقل لولا التسرع، ليحرز براهيمي و رفاقه تأهلا دون عناء بعد مشقة لقاء الذهاب، مع طمأنة الأنصار على مستقبل الكرة الجزائرية، و إستعادة الثقة التي كانت مفقودة بين الطرفين، مادامت الرحلة بإتجاه روسيا إنطلقت بالسرعة السابعة. المقابلة عرفت إنطلاقة سريعة جدا من العناصر الوطنية، و قد أتت أول حملة هجومية بهدف مبكرا جدا وقعه براهيمي بعد 38 ثانية فقط من إعطاء الحكم الكاميروني نيانت صافرة البداية، إثر تمريرة ذكية جدا من محرز بإتجاه سليماني، بنفس طريقة الهدف الثاني لموقعة دار السلام، و سليماني فضل الفتح في العمق، حيث وصلت الكرة إلى براهيمي الذي كان متحررا من المراقبة في القائم الثاني، ليسكن الكرة بذكاء في الزاوية اليمنى لمرمى الحارس علي مصطفى. هذا السيناريو كان الأفضل بالنسبة للتشكيلة الوطنية التي تحررت بفضل الهدف المبكر من الضغط النفسي الكبير الذي كان مفروضا عليها، سيما و أنه مكنها من إستعادة ثقة الأنصار، الأمر الذي إنعكس بالإيجاب على مردود براهيمي و رفاقه، لأن الخضر أحكموا سيطرتهم المطلقة على مجريات اللعب، و نجحوا في فرض ريتمهم إنطلاقا من وسط الميدان، بالإعتماد على الإنسجام الكبير الذي ظهر بين براهيمي، مسلوب و محرز في صنع اللعب، مع مشاركة غلام في بناء الحملات الهجومية، فضلا عن المراهنة على التمريرات القصيرة بين المجموعة، مما أعطى اللاعبين الكثير من الثقة في النفس و الإمكانيات، و أعاد التوازن للمنتخب. إحكام التشكيلة الجزائرية كامل سيطرتها على اللعب أفقد منتخب تانزانيا البريق الذي كان قد أظهره في الشوط الأول من مباراة الذهاب، لأن نجومية ساماتا أفلت، أمام مجموعة لعبت بروح جماعية، و كانت كتلة واحدة في منطقة الوسط، و كان الإنسجام الكبير بين براهيمي، محرز و سليماني بمثابة المفتاح الذي فك شفرة الدفاع التانزاني، و لو أن الدقيقة 23 كللت بالهدف الثاني للنخبة الوطنية، إثر مخالفة مباشرة نفذها غلام من على بعد 25 مترا، فأستقرت صاروخيته في عمق شباك الحارس علي مصطفى.هدف الإطمئنان للجزائريين أجبر منتخب تانزانيا على محاولة الخروج من قوقعته، فكان أول ظهور للحارس مبولحي في هذه المقابلة بعد 27 دقيقة، لما تصدى لحملة هجومية قادها ساماتا على الجهة اليمنى، و هي الفرصة الوحيدة للزوار، لأن سيطرة أشبال غوركوف تواصلت، و كانت فرديات محرز و براهيمي كافية لصنع الفارق، و التحكم كلية في زمام الأمور على مستوى الدائرة المركزية، و الإستحواذ على الكرة أطول فترة ممكنة، مع التنويع في اللعب و المراهنة على التمريرات في الرواقين، و هي الطريقة التي أجبرت لاعبي تانزانيا على الإعتماد على التدخلات الخشنة، مما كلف المدافع يحي مدثر البطاقة الحمراء في الدقيقة 41، بعد تلقيه إنذارين، لتكون عواقب النقص العددي وخيمة على التانزانيين، على إعتبار أن شباكهم إهتزت بعد دقيقة واحدة فقط، بعد حملة هجومية قادها براهيمي و غلام على الجهة اليسرى، ختمت بتمريرة على طبق لمحرز الذي أسكن الكرة بقوة و ذكاء كبير في الركن الأيمن من مرمى الحارس علي مصطفى. «فيزيونومية» المقابلة في نصفها الثاني سارت بنفس «سيناريو» الشوط الأول، لأن إستئناف اللعب أعقب بإعلان الحكم نيانت عن ضربة جزاء للمنتخب الجزائري، بعد العرقلة التي تعرض لها محرز داخل منطقة العمليات من ليونداني، و هي الضربة التي نفذها بنجاح سليماني مسجلا الهدف الرابع للنخبة الوطنية. اللقاء فقد نكهته و لم يعد يختلف عن الحصص التدريبية، لأن منتخب تانزانيا إنهار كلية، و عجز عن مسايرة الريتم القوي للسريع الذي فرضته التشكيلة الوطنية، و كاد مسلوب أن يثقل فاتورة المنافس في الدقيقة 53، لولا تدخل الحارس البديل سالوم مانولا، كما ضيع براهيمي هدفا محققا بعد دقيقتين، قبل أن يعلن الحكم عن ضربة جزاء ثانية بعد تلقيه إشارة من المساعد الثاني، بعد سقوط مجاني داخل منطقة العمليات، ليتولى غلام تنفيذ الركلة بنجاح. المد الهجومي الجزائري تواصل، و الضغط على منطقة الحارس مانولا كان كبيرا، لأن اللعب إنحصر في منطقة المنتخب التانزاني، مع تضييع العناصر الوطنية عديد الفرص السانحة للتهديف، في ظل بحث كل اللاعبين على إختلاف مناصبهم عن التسجيل، و لو أن النجاعة كانت حاضرة بقوة، و كانت الكرات الثابتة من بين المفاتيح التي تمت المراهنة عليها، و هي الطريقة التي كللت بهدف سادس وقعه مجاني براسية محكمة بعد ركنية نفذها محرز على الجهة اليسرى، و كان ذلك في الدقيقة 72، و لم تمر سوى دقيقتين حتى نجح سليماني برأسية من إمضاء الإصابة السابعة، بعد مخالفة من البديل غزال. فاتورة التانزانيين كادت أن تكون أثقل بالنظر إلى الفرص الكثيرة التي أتيحت لكل من غزال، مسلوب، بودبوز و سليماني، في الوقت الذي كان فيه رد فعل الزوار محتشما، بدليل أن حصولهم على أول ركنية كان بعد مرور 83 دقيقة من عمر اللقاء، و لو أن ساماتا كان قريبا من حفظ ماء الوجه، لما أتيحت له فرصة في الدقيقة 85، لكن قذفته جانبت القائم الأيسر لمرمى مبولحي، كما أهدر أوليموانغي هدف الشرف في اللحظات الأخيرة، لتنتهي المباراة بفوز عريض برهن على أحقية «الخضر» في التأهل إلى الدور الثالث من التصفيات المؤهلة إلى روسيا، في رحلة بحث الكرة الجزائرية عن مشاركتها الثالثة على التوالي في أكبر تظاهرة كروية عالمية.