محمد السادس يرضخ للضغوط و يقرر مراجعة الدستور أعلن العاهل المغربي محمد السادس عن إصلاحات غير مسبوقة في المغرب، تمس خاصة مجال الحريات السياسية الفردية والجماعية والفصل بين السلطات واستقلالية القضاء وتنظيم انتخابات نزيهة لوضع برلمان ديمقراطي وهي الخطوات التي يسبقها تعديل الدستور. بعد أن كان منذ وقت قصير قد عبر عن رفضه التام التنازل عن أي من صلاحياته، عقب الاحتجاجات والمظاهرات التي عرفتها المملكة خلال الأسابيع الأخيرة، و هو ما يمثل تراجعا عن موقفه و رضوخا لضغط الشارع والطبقة السياسية المعارضة. و ترأس محمد السادس أول أمس الخميس في الرباط، تنصيب اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور المغربي، بعد يوم واحد فقط من إعلانه عن الإصلاحات، وقد دعا بهذه المناسبة التي عين فيها أعضاء اللجنة المذكورة، إلى اعتماد منهجية "الإصغاء والتشاور" مع جميع الهيئات وتحديد واضح لسلطات المؤسسات الدستورية، في خطوة أولى غير مسبوقة في المغرب، كما أكد على أهمية انخراط الأحزاب السياسية في بلورة هذا المسعى، وأعلن أن القرار بشأن مشروع الدستور يعود للشعب المغربي عبر استفتاء "حر ونزيه". غير أن أهم الإصلاحات وأهم تنازل أعلن عنه محمد السادس هو اعترافه صراحة بأن الوزير الأول يعتبر رئيس السلطة التنفيذية الفعلية ويتولى حسبه المسؤولية الكاملة على الحكومة والإدارة وتنفيذ البرنامج الحكومي والذي ينبثق من انتخابات شعبية بأغلبية في مجلس النواب، وهو ما يتناقض مع ما قرره في وقت سابق عندما أكد رفض التنازل عن أي من صلاحياته في خطاب ألقاه بعد المظاهرات التي شهدتها العديد من المدن المغربية بتاريخ 20 فيفري الماضي بدعوة من حركة شبابية عبر المواقع الالكترونية، والتي طالب فيها آلاف المغاربة بالمزيد من الديمقراطية وبإصلاحات سياسية واقتصادية والحد من سلطات الملك، ودعت ذات الحركة إلى تنظيم مظاهرات سلمية جديدة في 20 مارس الجاري، وهي المبادرة التي تلقت دعم أحد أحزاب التحالف الحكومي وهو حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وكان الملك المغربي قبل ذلك قد أعلن إنشاء لجنة خاصة لمراجعة الدستور، وطلب منها تقديم مقترحاتها قبل شهر جوان المقبل ودعا إلى التشاور مع المنظمات الحزبية والنقابية والمنظمات الشبابية وجمعيات المجتمع المدني، مؤكدا التزامه بإعطاء دفعة جديدة لما أسماه الإصلاح العميق، بناء على سبع نقاط أساسية تتعلق بترسيخ الطابع التعددي للهوية المغربية الموحدة وترسيخ دولة الحق والمؤسسات وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية وتعزيز منظومة حقوق الإنسان، وضمان استقلال القضاء وتعزيز مبدأ الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية وتنظيم انتخابات نزيهة وحرة لتشكيل برلمان ديمقراطي كمؤسسة تشريعية ورقابية.