تواصل الدودة البيضاء تدمير مساحات واسعة من محاصيل القمح بقالمة في واحدة من أسوأ الكوارث التي تصيب المحاصيل الكبرى بالمنطقة حتى الآن، و تحولت حقول بأكملها إلى تراب على امتداد الطريق الولائي 123 ببلدية بلخير حيث التهمت اليرقات الشرهة كل المساحات المزروعة ببعض المواقع، و تواصل تلك الحشرات الانتشار بمواقع أخرى ظهرت فيها بقع جرداء دمرتها الدودة الفتاكة بعدة بلديات بينها عين العربي، الركنية، بوحمدان، حمام دباغ، بلخير، الفجوج، هواري بومدين وغيرها من المناطق الأخرى المتضررة. و يتوافد المزارعون بقوة هذه الأيام على محلات بيع المبيدات في محاولة لإنقاذ ما تبقى من الحقول و التصدي لزحف الدودة البيضاء، و وقع هؤلاء المزارعون القلقون على مستقبلهم بين أيدي باعة المبيدات الذين سارعوا إلى رفع الأسعار بجشع كبير، و قام بعضهم بالترويج لمبيدات منتهية الصلاحية و أخرى لا تصلح للقمح إطلاقا حسب بعض أصحاب الحقول المصابة. و تكبد المزارعون الفقراء خسائر كبيرة بعد أن تعرضوا لاستنزاف كبير فرضته محلات المبيدات الكيميائية و ينتظرون خسائر أخرى عندما لا يجدون ما يحصدون في فصل الصيف. و قال المعهد الوطني لحماية النباتات في بيان نشره على موقعه الرسمي عند ظهور أولى بؤر الدودة البيضاء بقالمة و بولايات أخرى منتجة للقمح بأن سقوط أمطار الشتاء الأولى بعد موجة جفاف و الحرارة ساعدا على صعود مكثف ليرقات الدودة البيضاء إلى السطح و تدمير محاصيل الحبوب. و بدأ المهندسون الزراعيون بقالمة خرجات ميدانية لبعض الحقول المصابة لإحصاء الفلاحين المتضررين و اتخاذ الإجراءات اللازمة للسيطرة على الوضع بداية من الموسم الزراعي القادم، حيث لم تعد المعالجة الكيماوية مجدية في هذه المرحلة. و يصعب القضاء على الدودة البيضاء التي تختبئ على عمق بين 20 و 100 سنتمتر تحت التراب و لا يوجد مبيد كيماوي يمكنه النفاذ إلى هذا العمق و قتل اليرقات الشرهة. و قال مختصون في الزراعة بأنه على الفلاحين المتضررين تطبيق مسار تقني يبدأ الصيف القادم بالحرث العميق لإخراج الديدان و البيض من تحت التراب و تعريضها للحرارة و الطيور حيث يمكن بهذه الطريقة قتل 50 بالمائة من الحشرات، و البقية يتم التصدي لها بتعقيم التربة قبل الزرع و استعمال بذور معالجة بمواد سامة تمنع الدودة البيضاء من الاقتراب و التهام النبتة في مرحلة النمو، كما يحدث هذه الأيام بولاية قالمة حيث تصحرت بعض الحقول تماما في واحدة من أسوأ كوارث المحاصيل الزراعية بالمنطقة بعد موجات الجفاف التي ضربت سهل الجنوب الكبير سنوات متعاقبة.