الحداد ضروري للخروج من الكتابة البكائية حول أحداث العشرية السوداء صدر مؤخرا العمل الروائي الأول للكاتبة الشابة وافية بن مسعود عن منشورات فاصلة، تحت عنوان «دوار العتمة» و الذي تدور أحداثه حول العشرية السوداء، و بذلك انتقلت الأستاذة الجامعية من كتابة القصة القصيرة إلى الرواية. وافية بن مسعود اعتبرت في حديثها للنصر، بأن توجهها إلى الرواية، بمثابة بوابة جديدة تمرر من خلالها أفكارها، خاصة و أن العمل الجديد «دوار العتمة» يحاول إعطاء قراءة جديدة للعشرية السوداء، ستكون مختلفة عن الأعمال الأدبية التي تناولت هذه الحقبة الزمنية، من ناحية تناولها للأحداث بشكل استقصائي و تحليلي. الكاتبة الشابة اعتبرت بأن ما يكتب حاليا حول الإرهاب و العشرية السوداء، لا يدخل ضمن خانة الأدب الاستعجالي، لأن عامل الزمن الذي هو عامل أساسي في الكتابة عن أي حدث، تم تجاوزه بفترة وقتية معتبرة، وهو ما سيسمح للكتاب بالكتابة عن تلك المرحلة بعيدا عن مشاعر الغضب والأحكام غير المؤسس لها، لذلك، حسب الكاتبة، فإنه أضحى من الضروري بمكان الكتابة عن تلك المرحلة، وهذا الأمر يدخل ضمن مسؤوليات الكاتب التاريخية. ابنة مدينة قسنطينة أضافت بأننا نعيش مرحلة التحليل الفني و الأدبي للعشرية السوداء، ويجب الغوص فيها أكثر، من أجل فهم تاريخنا و تخليده من الناحية الجمالية و الإبداعية، لأن من عايشوا المرحلة يعرفون تفاصيلها، و يعرفون بعض أسرارها، فلو كانوا يملكون الأدوات اللازمة في الكتابة لتمرير تلك الأسرار، سيتم اعتبار ما كتبوه مرجع للأجيال القادمة لاسيما و أنهم سينقلون المشاعر في تلك الفترة. و انتقدت الكاتبة الشابة نوعية السرد البكائي الذي اقترن بمرحلة العشرية السوداء، إذ يتطلب الأمر الخروج من مرحلة الغيبوبة و تجاوز الصدمة، داعية إلى الانفتاح و المصارحة أكثر، من خلال الإبداع حول ما حدث فعلا في تلك المرحلة. وافية بن مسعود اعتبرت بأن فترة الحداد مهمة للخروج من أي أزمة و الكتابة عن مرحلة العشرية السوداء، سيساهم في إخراج الأجيال الجديدة من عواقبها، و الانتباه للأشياء الجميلة التي ستعيشها أجيال ما بعد الإرهاب. الرواية، حسب كاتبتها، لن تقرر حقائق بعينها، وإنما ستنقل تصورات من عايشوها و وجهات نظرهم المختلفة، و ستتجنب الأحكام من خلال سرد الوقائع التي تراها بن مسعود بأنها تقترب من جزء من الحقيقة. ودافعت الكاتبة عن صراع الشخصيات في روايتها،لأنها رفعت القداسة عنها، فهي لم تجعل شخصية مثالية و الأخرى سيئة، بل تركتها تتفاعل فيما بينها، ضمن أحداث مأساوية تؤثر على ردود فعلها وأعربت الكاتبة عن استمتاعها أثناء الكتابة في تتبع جرأة شخصياتها، و دفاعهم عن مواقفهم، حيث سيتم من خلال الرواية تسليط الضوء على مفهوم المصالحة الوطنية و مدى تقبل شخصيات عملها الأدبي له. وافية بن مسعود تقترب في عملها الجديد من الرواية البوليسية، من حيث الأجواء الغامضة فالشخصية الرئيسية تبقى لغزا طيلة الأحداث و هناك شاهد يحاول تقفي أثرها، و تبدأ الحكاية من فقدان فتاة صغيرة لوالدها، إثر تعرضه لطلقة نارية طائشة مجهولة المصدر، فتعيش مرحلة العشرية السوداء لوحدها، فتعاني من تلك الأزمة، خاصة وأنها فتاة وحيدة في مجتمع ذكوري يعاني من أزمة أمنية.