انتعاش غير مسبوق للسياحة الطبيعية و التاريخية بقالمة تعرف المواقع الطبيعية و التاريخية و الأثرية بقالمة، تدفقا غير مسبوق للسياح القادمين من داخل و خارج الولاية، و تحولت هذه المواقع التي ظلت مهجورة سنوات طويلة إلى قبلة لعشاق الطبيعة و المعالم التاريخية النادرة، حيث يقصدها الآلاف من الزوار كل نهاية أسبوع و هذا منذ حلول السنة الجديدة 2016 التي يعتبرها البعض سنة انتعاش السياحة الجبلية بقالمة، بعد ركود دام طويلا بسبب العزلة و تردي الأوضاع الأمنية منتصف التسعينات و تراجع ثقافة السياحة الطبيعية وسط المجتمع المحلي الذي شغلته المدن و هموم الحياة و أبعدته عن الطبيعة الساحرة التي بدأت تستقطب الهاربين من جحيم المدن التي ضاقت بأهلها و عجزت عن توفير أساب الراحة و الاستجمام. و بعد أن كانت الحمامات المعدنية الوجهة المفضلة للسياح بولاية قالمة، ظهرت مواقع أخرى سرقت منها الأضواء و الاهتمام، من بينها معالم أثرية و مواقع تاريخية و مناطق غابية جميلة و أودية و سدود و شلالات و منابع مائية و جبال صخرية شاهقة تحولت هي الأخرى إلى مواقع جذب لهواة التسلق و المرتفعات. و تعد بلدية بوحمدان الواقعة غرب قالمة، الوجهة المفضلة للسياح من داخل و خارج الولاية، خاصة بعد الاكتشافات المذهلة داخل الكهوف العجيبة بغار الجماعة، من طرف شباب هواة غامروا و تحدوا كل الصعاب للوصول إلى عمق الكهوف المتشعبة و العودة بصور نادرة نشرت على شبكات التواصل الاجتماعي، كشفت عن الأسرار الخفية للطبيعة، فتدفق آلاف السياح إلى تلك الكهوف، يدفعهم الفضول و الرغبة في خوض مغامرات التسلق و التجوال تحت الأرض. و تبذل بلدية بوحمدان و معها جمعية غار الجماعة، جهودا مضنية لتحويل الموقع، إلى فضاء سياحي طبيعي من خلال تهيئة مدخل الكهوف و شق طريق ترابي و تشجير المساحة المجاورة له و تركيب لافتات بمفترق الطرقات، توجه السياحة إلى الموقع في انتظار مشاريع مستقبلية لبناء منتجع سياحي طبيعي قد يتحول مستقبلا إلى قطب سياحي وطني. و يواصل السياح زياراتهم المكثفة إلى مواقع المعارك التاريخية الكبرى بقالمة و النصب المخلدة لها، و كأنهم يكتشفونها لأول مرة، إلى جانب المواقع الأثرية المنتشرة بعدة بلديات، حمام دباغ، سلاوة عنونة، الركنية، إلى جانب غابات بوعربيد، ماونة، بني صالح و غيرها من الفضاءات الطبيعية الأخرى التي تجذب إليها السياح بقوة منذ بداية السنة. و قد ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في التعريف بالمواقع الطبيعية و التاريخية و الأثرية بقالمة، من خلال الصور و الكتابات و تعليقات المهتمين بقطاع السياحة بالجزائر، و أدى الترويج الواسع للسياحة الطبيعية و التاريخية و الأثرية بقالمة، إلى تحول الاهتمام من سياحة المدن و الفنادق و المواقع الحموية، إلى نوع جديد من السياحة في الوسط الطبيعي الذي ظل مهملا و بعيدا عن الاهتمام. و تعمل قطاعات السياحة و الغابات و الموارد المائية و البلديات، على وضع مخططات مستقبلية لبناء منتجعات سياحية على ضفاف السدود و الأودية الكبرى و وسط الغابات الشهيرة و المواقع الأثرية و التاريخية ذات القيمة الكبيرة، لكن التحدي الأكبر الذي يواجه الجميع هو الإمكانات المادية و العمل الميداني القادر على تحويل الأفكار إلى واقع ملموس.