إدارات تضع شروطا لمحاصرة ظاهرة العطل المرضية توجهت العديد من المؤسسات الاقتصادية و الاستشفائية، بالإضافة إلى عدد من الإدارات و الهيئات العمومية بقسنطينة، إلى ضبط إجراءات خاصة للتحكم في النزيف الذي تواجهه كل سنة خلال العشرة أيام الأخيرة من رمضان، بسبب كثرة العطل المرضية، ما يضع مصالح هامة أمام ضغط كبير ناجم عن تراجع عدد العمال و العجز عن تعويضهم. بمستشفى قسنطينة الجامعي، يطرح إشكال العطل المرضية بشكل كبير في مختلف المصالح، و بالأخص مصلحة الولادة التي كانت من أكثر المصالح التي تشهد هروبا جماعيا للموظفين، خلال رمضان و مع بداية موسم الاصطياف، بسبب ضغط العمل، و هي ظاهرة ارتبطت في السنوات الأخيرة بكثرة العطل المرضية التي تحولت إلى وسيلة لتبرير الغياب و التحرر من المسؤولية، غير أن هذا السلوك عرف تراجعا خلال السنة الجارية، كما أكده مدير المستشفى الجامعي بن باديس بقسنطينة كمال بن يسعد، مشيرا إلى أن احترام ساعات الدوام، أصبح أمرا مفروضا يرتبط الإخلال به بإجراءات عقابية، تصل حد تحرير مخالفة تتعلق ب"ترك العمل"، أما العطلة المرضية، و بناء على تعليمة خاصة من الوزارة الوصية، فقد أصبحت المصادقة عليها مشروطة بالمرور على مصالح الرقابة الطبية التابعة للمستشفى، و إجراء خبرة لتأكيد أحقية الموظف بالعطلة قبل منحها له. بمصلحة الولادة المتواجدة حاليا على مستوى مستشفى الخروب، أكدت لنا العديد من القابلات بأن العطل المرضية تعد طريقة للهروب من الضغط، خصوصا في الفترة الممتدة بين العشرة أيام الأخيرة من رمضان إلى غاية ما بعد عيد الفطر، لأنها فترة تعرف ضغطا غير طبيعي، حيث تتزامن مع بداية العطل السنوية، ما يترك أحيانا أربع قابلات في المصلحة تتناوبن على العمل، لذلك تلجأن إلى العطل المرضية للهروب من الضغط، كما أشارت القابلة آمال، بأنها في السنة الماضية طلبت عطلة لمدة أسبوع، و لأنها حرمت منها، اضطرت لأخذ عطلة مرضية لترتاح من الضغط الذي تسبب لها في آلام حادة في الكتف. بمؤسسة اتصالات الجزائر التي يتجاوز عدد النساء الموظفات بها نسبة 80 في المائة، مقارنة بعدد الموظفين الرجال، يكثر الطلب على العطل في هذه الفترة، كما أوضح المكلف بالاتصال على مستوى المؤسسة السيد بودراع، مشيرا إلى أن الطلب على العطل يزيد من قبل كافة الموظفين نساء و رجالا في الأسبوعين الأخيرين من رمضان، خصوصا بالنسبة للنساء، و في حال رفضت الإدارة التصريح لهم بالخروج، فإن الحل يكون عادة العطل المرضية، مع ذلك تبقى الظاهرة محدودة، كما قال، و لم تصل بعد حد اعتبارها مشكلة، وذلك لأن المؤسسة تضبط برنامج عمل يتضمن مواقيت مناسبة بالنسبة للعنصر النسوي في رمضان، وهو ما يجنبها الوقوع في مشكل الخروج الجماعي للموظفات في هذه الفترة. مسؤول بمصلحة الحالة المدينة بأحد القطاعات الحضرية بقسنطينة، أشار بدوره إلى أن العطل المرضية تحولت إلى ظاهرة خلال السنوات الأخيرة، و يتزامن ارتفاع الطلب عليها عموما، في كل مناسبة، سواء في أواخر رمضان، أو الأعياد، و حتى موسم الأعراس و الاصطياف، مشيرا إلى أن مصالحه لجأت إلى إجراء يخص إلزام الموظف الذي يطلب عطلة مرضية تزيد عن 8 أيام، بالحصول على ترخيص باستئناف العمل من مسؤول المصلحة أولا، قبل الالتحاق بمنصبه بعد انتهاء العطلة، وذلك لتجنب خروجه مجددا، و التحكم نسبيا في العطل. أشار ذات المصدر إلى أن النساء يتعمدن في كل سنة الاستفادة خلال هذه الفترة من عطل مرضية، خصوصا إذا ما قوبلت طلباتهن للحصول على عطل سنوية بالرفض، فالجميع يرغب في قضاء آخر أيام رمضان في المنزل بعد إرهاق الأيام الأولى منه، كما أن الكل يبحث عن عطلة مطولة في العيد. و قد أكدت السيدة عذراء، عاملة بذات القطاع الحضري، بأنها قدمت طلبا للحصول على عطلتها السنوية خلال شهر رمضان، إلا أن الإدارة رفضت طلبها و فرضت عليها تغيير التاريخ، إلى ما بعد انتهاء الشهر الفضيل مباشرة، والسبب في ذلك أن العديد من زميلاتها قدمن طلبات عطل مماثلة، ما سيخلف، حسبها، فراغا في المكاتب و تعطيلا لسير عمل المصلحة، وهو ما اضطرها للجوء إلى العطلة المرضية لتتمكن من قضاء ما تبقى من الشهر في منزلها، و تحضر لوازم العيد بكل أريحية. ن/ط