يجمع المتتبعون على أن قرعة الدور الثالث لتصفيات مونديال 2018 لم تكن رحيمة بمنتخبات كانت مرشحة لتسجيل تواجدها جنبا إلى جنب للمرة الثالثة على التوالي في العرس العالمي، لكنها ستكون مجبرة على التنافس على تذكرة واحدة مؤدية إلى روسيا، ويتعلق الأمر بالجزائر، الكاميرون ونيجيريا، والتي شاءت الصدف أن تكون الأكثر تمثيلا للقارة السمراء في نهائيات المونديال، بإجمالي 16 مشاركة فيما بينها، ما يعني بأن إفريقيا ستحرم من تواجد أحد أفضل سفرائها في دورة روسيا، خاصة وأن الجزائرونيجيريا بلغا ثمن النهائي في مونديال البرازيل، دون الإنقاص من قيمة منتخب زامبيا، الباحث عن أول ظهور له على الصعيد العالمي، ولو أنه يشترك مع باقي منتخبات «فوج الموت»، بكونه يحوز في سجله لقبا قاريا، لأن المجموعة تتشكل من أبطال سابقين لإفريقيا، عانقوا التاج 8 مرات، نصفها من صنع المنتخب الكاميروني. أسود الكاميرون في رحلة البحث عن الأمجاد الضائعة ولئن كانت تأشيرة التأهل محل صراع ساخن بين المنتخبات الأربعة، فإن المعطيات الأولية توحي بأن المعادلة ستكون في منعرجها الأخير ثنائية، بين الجزائر والكاميرون، لأن الأسود غير المروضة استعادت عافيتها، بعد تجاوز فترة الفراغ التي مرت بها الكرة الكاميرونية، لأن المشاركة المخيبة في مونديال البرازيل، ونكسة الإقصاء من «كان 2015» بغينيا الإستوائية من الدور الأول، دفعت بالمسؤولين في هذا البلد، للقيام بثورة على المنتخب، بالاستغناء عن خدمات المدرب الألماني فولكر فينكه في أكتوبر الماضي، وتكليف ألكسندر بيلينغا بتدريب التشكيلة مؤقتا، قبل التعاقد في فيفري 2015 مع البلجيكي هيغو بروس. ولعل ما يوحي باستعادة المنتخب الكاميروني عافيته، نتائجه في المباريات الرسمية على مدار سنة كاملة، إذ لم ينهزم في تصفيات «كان 2017» وتأهل مبكرا على حساب موريتانيا، جنوب إفريقيا وغامبيا، قبل أن يتراجع خطه الهجومي، رغم ترسانة اللاعبين الذين يصنعون الحدث في أوروبا، كالحارس المحنك كاميني، والقائد ستيفان مبيا ولاعب نادي بورتو ستيفان أبو بكر، إضافة إلى إيدغار سالي ونيكولاس نكولو، وهو الجيل الذي يحاول بروس الاستثمار فيه للتواجد في مونديال روسيا. للإشارة فإن أولى عقبات الأسود في طريقها نحو روسيا كانت سهلة، حيث وفق المدرب المؤقت بلينيغا في مهمته، بحسم التأهل في موقعة الذهاب بنيامي، إثر الفوز بثلاثية نظيفة، سجلت في ظرف قياسي (4 دقائق)، فكانت مباراة العودة شكلية، وانتهت بالتعادل (0/0)، قبل أن يسلم المشعل لبروس، الذي قاد المنتخب في لقائه أمام موريتانيا، ثم في المباراة الودية أمام فرنسا. ويحوز منتخب الكاميرون سجلا ثريا، كونه أكثر المنتخبات الإفريقية مشاركة في المونديال، بحضوره في 7 دورات، انطلاقا من 1982، ليبقى أفضل إنجاز له، التأهل إلى ربع نهائي مونديال إيطاليا 1990، ليكون صاحب الفضل في رفع عدد مقاعد القارة السمراء في المونديال إلى 5، وتبقى حصيلتها في نهائيات المونديال 23 مباراة، حققت الفوز في 4 مقابل 12 هزيمة. وسبق للخضر مواجهة الكاميرون 7 مرات 5 منها رسمية، جميعها في نهائيات «الكان»، ولم ينجح الخضر في الفوز بأي لقاء رسمي، باستثناء الفوز بمباراة دورة الغابون للصداقة سنة 1995برباعية نظيفة. للتذكير آخر مواجهة بين المنتخبين كانت في «كان» 2004 بتونس وانتهت بالتعادل، ما يعني بأن الجزائر والكاميرون سيلتقيان لأول مرة في التصفيات المؤهلة إلى المونديال، بعدما شاركا سويا في 3 دورات سابقة، (1982، 2010 و 2014). نسور نيجيريا بأجنحة مكسورة منتخب نيجيريا فقد الكثير من هيبته، حيث أصبح غير قادر على ضمان المشاركة في نهائيات «الكان»، بعدما كان من المشاركين التقليديين، وأبرز المرشحين للتتويج باللقب، وسجله مرصع بلقبين في 14 مشاركة، لكن غيابه عن نسخة 2017 جسد معاناة الكرة النيجيرية، لأن هذه النكسة امتداد لغيابه عن دورة 2015 بغينيا الإستوائية، بعد مرحلة التحول التي عاشتها منذ المشاركة في مونديال البرازيل حيث أخذ المنحنى في التنازل، مع حدوث تغيير على مستوى التركيبة البشرية، باعتزال بعض النجوم مثل الحارس المحنك إينياما، ولو أن التعداد الحالي يضم لاعبين مخضرمين، يتقدمهم القائد أوبي ميكال والهداف أحمد موسى لكن سياسة التشبيب لم تنعكس بالإيجاب على المنتخب فكان التأهل إلى دور المجموعات بشق الأنفس على حساب سوازيلاندا. ويبقى منتخب نيجيريا صاحب أكبر عدد من الانتصارات في نهائيات المونديال، حيث شارك 5 مرات في المونديال منذ 1994، وغاب مرة واحدة في العشريتين الأخيرتين عن دورة ألمانيا 2006، فكانت حصيلتها الإجمالية 18 مباراة فاز في 5 منها، كما تواجدت نيجيريا في ثمن نهائي المونديال 3 مرات، آخرها في البرازيل 2014. إنجازات مكنت نيجيريا من تحقيق أفضل إنجاز في تصنيف الفيفا، باحتلاله الصف التاسع عالميا في فيفري 2006، لكن وضعيته الراهنة تسببت في تدحرجه إلى المركز 61. الكرة النيجيرية لبست ثوب الحداد مؤخرا، بفقدانها المدربين ستيفان كيشي وأمودو في ظرف أسبوع واحد، ليبقى اللاعب السابق سانداي أوليسييه يواصل مهامه، مادامت الإتحادية أصبحت تراهن على خيار المدرب المحلي منذ 4 سنوات.التنافس بين الجزائرونيجيريا في تصفيات المونديال سيتجدد للمرة الرابعة في التاريخ، والجزائريون يحتفظون بالذكريات الغالية، وموقعة قسنطينة في 30 أكتوبر 1981، التي عبدت الطريق نحو العالمية، بالتأهل إلى مونديال إسبانيا، بفوز الخضر ذهابا في لاغوس بثنائية بلومي وزيدان. وما عدا ذلك فإن نيجيريا تأهلت إلى المونديال على حساب الجزائر في مناسبتين في دور المجموعات بنفس النظام الحالي، الأولى في تصفيات مونديال 1994، لما إنهار الخضر بنتيجة (4/1) ذهابا، ثم التعادل إيابا بالجزائر، فعادت صدارة المجموعة لنيجيريا، كما تكرر نفس السيناريو في تصفيات مونديال ألمانيا 2006، حيث فازت نيجيريا ذهابا والإياب. للإشارة فإن تاريخ المواجهات بين المنتخبين يتضمن 8 مباريات في إطار دورات «الكان»، نصفها انتهى بفوز نيجيريا، مقابل فوز الجزائر في 3 مناسبات، اثنتان منها كانتا في دورة 1990، لما توج الخضر باللقب القاري على حساب ذات المنافس في نهائي ثأري لطبعة 1980، لتكون الحصيلة الإجمالية للمباريات 18 مواجهة، مع التساوي في عدد الإنتصارات ب 7 لكل منتخب. «رصاصات» زامبيا ضيعت النحاس وفقدت مفعولها منتخب زامبيا مصنف في خانة الحلقة الأضعف، في تركيبة مجموعة الموت، لأن رحلة بحثه عن أول مشاركة في المونديال لن تكون سهلة، واصطدم فيها بمنافسين من العيار الثقيل، سبق لهم تمثيل القارة في العرس العالمي، بصرف النظر عن الوضعية الراهنة للمنتخب الزامبي. «الرصاصات النحاسية» أصبحت دون مفعول، وكتيبة «الشيبولوبولو» فقدت بريقها، في مسيرة كان في رحيل «الثعلب» الفرنسي هيرفي رونار بمثابة نقطة التحول فيها، لأنه كان مهندس الأمجاد، بعدما أهدى الكرة الزامبية لقبا قاريا هو الوحيد في سجلها في دورة 2012، لكن بطل القارة لم يعد قادرا على ضمان مشاركته في «الكان»، بدليل تجرعه مرارة الإقصاء المبكر من تصفيات نسخة 2017، فاسحا المجال أمام منتخب غينيا الإستوائية المغمور لدخول التاريخ والتأهل، مع عجز زامبيا عن تخطي التصفيات في فوج ضم الكونغو و كينيا. الكرة الزامبية تمر حاليا بفترة إنتقالية، لأن انتهاء عهدة رونار عادت بهذا المنتخب إلى نقطة البداية، رغم أن التعداد مازال يضم بعض النجوم الذين حضروا على مدار 7 سنوات متتالية، يتقدمهم الهداف كريستوفر كاتونغو، والقائد وينفورد كالابا، إضافة إلى الحارس كينيدي مويني، وسينكالا، ميسوما وماسوندا، وهذا تحت قيادة المدرب الزامبي جورج لوانداميا، الذي كان قد صنع التأهل إلى دور المجموعات، بقيادته المنتخب للفوز ذهابا وإيابا على حساب السودان. وما يوحي بصعوبة مأمورية زامبيا في التأهل إلى مونديال روسيا، وضعيته الراهنة في تصنيف الفيفا، باحتلاله الصف 79 برصيد 436 نقطة، ليبقى أفضل إنجاز له، الارتقاء إلى المركز 20 عالميا في فيفري 1996، نتاج مشاركاته في «الكان» 17 مرة.وسبق للمنتخب الزامبي مواجهة الجزائر في تصفيات المونديال في مناسبتين، وشاءت الصدف أن تكون زامبيا بوابة عبور الخضر إلى مونديال مكسيكو 1986، ثم جنوب إفريقيا 2010، وفوز الخضر ذهابا وإيابا على زامبيا، وبالتالي إحراز العلامة الكاملة في المباريات الأربعة التي جمعتهما، إذ من مجموع المواجهات 10 الرسمية، عادت الغلبة للجزائر في 6 منها، مقابل تفوق الزامبيين مرتين، وفوز لكل منتخب في الوديات.