شد الحزام يعصف بالكماليات و المستورد انعكست الزيادات التي أقرها قانون المالية لسنة 2017 في أسعار بعض المواد الاستهلاكية، على عادات التسوق عند العائلات الجزائرية، التي أصبحت تستغني عن الكثير من الكماليات و المستورد، مقابل الاكتفاء بشراء المواد الأساسية، و رغم أن هذه الزيادات تُعد طفيفة؛ إلا أن بعض التجار و الممونين الكبار استغلوا الوضع لفرض أسعار غير قانونية تفوق المستويات القانونية المصرح بها. روبورتاج: خالد ضرباني النصر تجولت بعديد المراكز التجارية بقسنطينة، و تقربت من المتسوقين لقياس نبض العائلات بخصوص الزيادات التي طرأت على أسعار المواد الاستهلاكية، و التي انطلق العمل بها منذ بداية السنة الجديدة و تلك المرتقبة مستقبلا، حيث أجمع مسيرو مراكز التسوق و الممونون بأن هذه الزيادات ستعمم تقريبا على جميع المواد المعروضة بصفة تدريجية، فيما أكد جل المتسوقين أن الإجراء اضطرهم في كثير من الأحيان إلى التخفيض من كمية المشتريات، مقابل التمسك بالمواد واسعة الاستهلاك و الضرورية لإعداد المائدة فقط، و بالرغم من كون الزيادة في نسبة الرسم على القيمة المضافة طفيفة و لا تضر المواطن بشكل كبير، إلا أن أصحاب المراكز التجارية قالوا إن هناك ممونين لا يطبقونها بالشكل المطلوب و المصرح به، بحيث يعتمدون أسعارا على المقاس وفقا لأرباحهم الشخصية و دون مراعاة للمواطنين. ممونون يحتكرون السلع لبيعها بالأسعار الجديدة جولتنا استهدفت المراكز التجارية الواقعة في محيط الأحياء و التجمعات السكنية غير الراقية، و التي يقصدها متسوقون متوسطو الدخل، و بالرغم من كون أوقات التسوق تتركز أكثر في فترات ما بعد الظهيرة و في المساء، أين تكثر الحركة بالأسواق التجارية إلى درجة الاكتظاظ بالبعض منها، إلا أن ما لفت انتباهنا هو الانخفاض الملموس في عدد المرتادين على أماكن التسوق الكبرى خاصة مع الفترة الصباحية، و هو ما وقفنا عليه بإحدى المراكز التجارية المعروفة، و التي تفاجأنا بانعدام أي متسوق لحظة دخولنا إليها، ما عدا بعض العمال الذين كانوا بصدد وضع السلع في الرفوف، و هي عادة يرجعها أصحاب هذه المراكز إلى تفضيل عامة الناس إلى تخصيص أوقات الخروج من العمل لاقتناء حاجياتهم المنزلية، إلا أن المعنيين قالوا إن وتيرة التسوق تنخفض بشكل كبير مع حلول كل سنة جديدة، خاصة بالنسبة لسنة 2017 التي وردت فيها قرارات الزيادات في قانون المالية. تواجدنا بهذه المراكز تزامن مع تردد العديد من الممونين الذين يتعاملون مع أصحاب هذه المرافق، حيث أكد لنا العديد منهم أن السلع متوفرة بكميات كافية و لم يتم تسجيل أي ندرة في هذا الخصوص، فيما أشار مسيرو بعض المراكز التجارية إلى وجود بعض الممونين الكبار ممن يحتكرون السلع مباشرة بعد الإعلان عن زيادات مرتقبة، و ذلك بهدف بيعها وفقا للأسعار الجديدة بالرغم من كونها تموينات قديمة، و لا تدخل في كميات السلع المعنية بالزيادة، في خطوة غير قانونية لتحقيق أرباح معتبرة بطريقة تحايلية على أصحاب المراكز التجارية و المستهلك على حد سواء، موضحين أنه في كثير من الأحيان يتم رفض طلبيات المراكز التجارية من طرف هؤلاء الممونين تحت مبرر الندرة، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك، من خلال تخزينها و بيعها فيما بعد بنفس أسعار السلع المعنية بالزيادات، و كثيرا ما تتزامن هذه العملية مع مطلع كل سنة جديدة يتم فيها إقرار زيادات في أسعار المواد الاستهلاكية من طرف الحكومة. «الزيادات طفيفة لو طُبقت بشكل قانوني» و أفاد أصحاب المراكز التجارية التي شملتها جولتنا، بأن الزيادات تتعلق أساسا برفع نسبة الرسم على القيمة المضافة ب 2 بالمئة، المطبقة على عديد المواد و السلع ابتداء من حلول سنة 2017، ذكروا منها جميع أنواع مادة الزبدة و مشتقاتها، إضافة إلى كافة أنواع الأجبان تقريبا، و كذا أصناف من زيت المائدة رفيعة الجودة و من العجائن و المشروبات، مضيفين أن هناك مواد غذائية أخرى زادت أسعارها بشكل تجاوز النسبة المذكورة، مرجعين الأمر إلى قائمة الأسعار الجديدة التي يفرضها الممونون، و من بينها أصناف "الكاشير" التي ارتفع سعرها بمقدار 90 دج في الكلغ الواحد، إضافة إلى أنواع من الخميرة و السمن، فيما قال أصحاب مراكز تجارية أخرى بأنهم لم يعتمدوا الزيادة بنسبة 2 بالمئة كونها طفيفة، حيث أبقوا على الأسعار المعمول بها سابقا حفاظا على الزبائن، خاصة و أن جل هذه المواد تباع بأثمان مرتفعة نوعا ما في محلات المواد الغذائية، مقارنة بمراكز التسوق. و أخبرنا تجار و ممونون أن هذه الزيادة ستشمل جميع المواد الاستهلاكية في التموينات القادمة للمراكز التجارية، موضحين أن السلع المتوفرة حاليا تخضع للأسعار المعمول بها سابقا و غير معنية بالزيادة في الوقت الراهن، إلا في حالة تسجيل طلبيات أخرى لأصحاب المراكز التجارية مستقبلا، بحيث سيتم اعتماد أسعار جديدة تتماشى مع رفع نسبة الرسم على القيمة المضافة، و هو ما يعني، حسبهم، أن الارتفاع سيشمل جميع المواد بطريقة تدريجية، رغم كونها زيادات طفيفة و لا تمس القدرة الشرائية للمواطن لو يتم تطبيقها بالشكل القانوني المصرح به. و خلال جولتنا بين رفوف السلع و احتكاكنا بالمتسوقين مباشرة، لاحظنا بوادر التقشف عند العائلات التي كانت تركز على اقتناء المواد الضرورية، و بدافع الفضول و الكشف عن تداعيات رفع الأسعار، قمنا بتسليط الضوء على بعض سلات المشتريات الخاصة بالمتسوقين، و ذلك من خلال رصد طبيعة السلع التي وضعت فيها انطلاقا من طاولة مصرف المراكز التجارية عند قيام الزبائن بالدفع، حيث تجلت أغلب المشتريات في المواد الغذائية الأساسية كالعجائن و الزيت و السكر و القهوة، إضافة إلى مواد التنظيف و الغسيل و كذا المشروبات، فيما كان الزبائن يتحاشون المواد باهظة الثمن خاصة المستوردة منها، و تعويضها بمواد محلية و أخرى أسعارها منخفضة كبدائل للاقتصاد في المصاريف. الياغورت بما تبقى من دنانير.. و قالت إحدى السيدات أنها استغنت في قائمة مشترياتها عن كل المواد و السلع المصنفة ككماليات، و التي ترى أن الظرف الحالي جعل منها مواد غير ضرورية، و ذكرت منها أنواع الأجبان مرتفعة الثمن و التي تستعمل في تحضير الكثير من الأطباق العصرية، إضافة إلى الكريمات المخفوقة و مواد التنظيف المستوردة من الخارج، و ماركات القهوة العالمية، و غيرها من المواد التي تمت التضحية بها، فيما ذكرت متسوقة أخرى أن التسوق حاليا يقتصر على اقتناء سوى المواد الضرورية واسعة الاستهلاك فقط، مستثنية بعض الكماليات كمشتقات الحليب "الياغورت" مثلا، و التي تقتنى كآخر طلبية بالدنانير المتبقية من التسوق، كما أضافت سيدة أخرى أن ارتفاع الأسعار اضطرهم إلى التقليص من حجم المشتريات بصفة كبيرة، بتفادي اقتناء أي سلعة أو مادة غير ضرورية في تحضير المائدة. و من خلال حديثنا مع عديد المستهلكين، تبين أن غالبيتهم يجهلون أسعار المواد المقتناة، فبالرغم من تدوين أصحاب المراكز التجارية للأثمان في رفوف السلع، إلا أن الكثير من المتسوقين لا يعيرون اهتماما لها، بل يجهلون أن كون بعض الأسعار ارتفعت، و هي عادات أكدها مسيرو المراكز التجارية، الذين قالوا بأن جل المتسوقين لا يراجعون وصل المشتريات و الأسعار الذي يقدم بعد دفع المستهلك للثمن، فيما يرفض البعض منهم استلامها أصلا من القابض، بالرغم من أن هذه الوثقية تبين بوضوح كل المشتريات التي اقتناها المستهلكون مع الأسعار و القيمة الإجمالية، و حتى ساعة الدفع. مستهلكون من فئة 5 نجوم! و لدى استفسارنا عن مثل هذه العادات التي تجعل المستهلك يجهل تطور أسعار المواد التي يقتنيها أسبوعيا تقريبا من المحلات و المراكز التجارية، ذكر العديد منهم أن وصل المشتريات غير مهم بالنسبة لهم، حيث اعتبرت إحدى المتسوقات التي تحدثنا معها، بأنه من الضروري اقتناء السلع و خاصة منها المواد الأساسية واسعة الاستهلاك، بحكم الحاجة الملحة إليها، و بالتالي فإن وصل المشتريات غير مهم في هذه الحالة، فيما لاحظنا لدى رصدنا لسلوكات الزبائن بأماكن الدفع، أن العديد من المتسوقين يرفضون استلام الوثيقة و آخرون يرمونها داخل أكياس المشتريات دون أدنى اهتمام بتقييم مصاريف التسوق، فيما أكدت سيدة أخرى بأنها تعرف مسبقا قيمة المواد التي ستقوم بشرائها من المراكز التجارية، و ذلك بحكم خبرتها و مداومتها على التسوق، مضيفة أنها تقوم في كثير من الأحيان بتخصيص مبلغ معين يكون كافيا لتغطية ثمن المقتنيات. و برغم عدم اكتراث غالبية المتسوقين لقضية الأسعار بدافع الحاجة إلى اقتناء المواد الأساسية مهما كان ثمنها، إلا أن أصحاب المراكز التجارية قالوا بأن هناك من المعنيين من يستفسر عن أسعار المواد الاستهلاكية و يتابعون تطور الزيادات، و لكن بشكل أقل بكثير من نظرائهم الذين لا يكترثون لهذه القضية، و من خلال توغلنا في الحديث مع مسيري مراكز التسوق، أخبرونا بأن هناك فئة أخرى من المستهلكين لا يهمهم إطلاقا الاستفسار عن الأسعار، فمنهم أثرياء يقومون باقتناء أي سلعة أو مواد غذائية يحتاجونها بغض النظر عن أثمانها، بعد أخذ الوقت و معاينة رفوف السلع، و من ثم تحميل السلات بمختلف الأنواع و الماركات و إشباع حاجياتهم من التسوق دون قيد، عكس المستهلك ذو الدخل المتوسط و الذي يشتري حاجياته حسب الإمكانياته المادية.