الحملة العسكرية على ليبيا في مرحلة حرجة والقذافي أكبر مستفيد بريطانيا وايطاليا تعيدان النظر وأوباما يواجه مشكل شرعية التدخل تواجه الحملة العسكرية التي يشنها التحالف الدولي على ليبيا مأزقا كبيرا، إذ يبدو أن سير الأحداث بدأ يميل لصالح معمر القذافي والموالين له، خاصة بعد التململ الكبير الذي تعرفه صفوف البلدان المشاركة في الضربات الجوية التي سمح بها مجلس الأمن الدولي في قراره 1973، وبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر لم تحقق تلك الضربات تقدما كبيرا حيث حافظت قوات القذافي على قدراتها القتالية وتمكنت حتى اليوم من دحر مقاتلي المعارضة ومنعهم من التقدم صوب معاقل الزعيم الليبي، خاصة في العاصمة طرابلس. و يعاني الرئيس الأمريكي مشكلة عويصة بسبب إقدامه على التدخل العسكري دون الحصول على موافقة الكونغرس، حيث كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الصادرة أمس الأحد عن ارتفاع حالة الغضب في الكونغرس بعد أن ورد أن باراك أوباما، قد تجاهل آراء بعض مستشاريه القانونيين بإعلانه أن الحملة العسكرية في ليبيا لا يجب اعتبارها "عملا عدائيا"، وأضافت الصحيفة أن المشرعين الرافضين لدفاع أوباما عن الحملة العسكرية في ليبيا يملكون خيارين لاستئناف مهمتهم لتجريد تلك الحملة من شرعيتها، الأول يكمن في محاولتهم وقف تمويل الحملة، والثاني هو تسجيل اعتراضهم رسميا على اتخاذ أوباما قرار المشاركة فيها دون موافقة الكونغرس، وأوضحت الصحيفة أن قرار أوباما الأسبوع الماضي باعتبار العمل العسكري في ليبيا "غير عدائي" سمح له بتجاهل قرار سلطات الحرب لعام 1973، وهو قانون يتطلب من الرؤساء الأمريكيين تقديم تقرير إلى الكونغرس بشأن أي نزاع عسكري دائر خلال فترة محددة من الزمن، على أن يقوم الكونغرس بعد ذلك باتخاذ القرار بالموافقة على العمل العسكري وإكسابه شرعيته من عدمه. وكان المستشار العام للبنتاغون جيه جونسون، والرئيسة بالوكالة لمكتب الاستشارة القانونية في وزارة العدل كارولين كراس، أبلغا البيت الأبيض أنهما يعتقدان أن الأنشطة العسكرية الأميركية في إطار حملة الناتو بليبيا ترقى إلى مستوى العمليات العدوانية، وأضاف المحاميان أنه بموجب "قانون صلاحيات الحرب" يتعين على الرئيس وضع حد لمشاركة القوات الأميركية في الأعمال العدوانية في حال لم يوافق عليها الكونغرس خلال 60 يوما وقد تمدد تلك الفترة ل90 يوما في ظل بعض الظروف . مجلس النواب الأمريكي كان قد رفض الأسبوع الماضي تمويل العمليات العسكرية في ليبيا، حيث تبنى تعديلا يهدف إلى منع تمويل العمليات العسكرية الأمريكية في ليبيا، وهو التعديل الذي تم تبينه بأغلبية 248 صوتا مقابل 163، وأعرب عدد من النواب عن امتعاضهم من قرار الرئيس باراك أوباما تجاوز موافقة البرلمانيين لشن عمليات في مارس الماضي ومواصلة هذه العمليات بعد انتهاء المهلة الشرعية المحددة بستين يوما بدون موافقة الكونغرس، وذلك فيما دعا العضو الديمقراطي في الكونغرس الأمريكي "دافيد كوسينيتش"، المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة حلف الأطلسي "الناتو"عما اعتبره انتهاكات للقانون الدولي في ليبيا وكذا محاولة اغتيال الزعيم الليبي معمر القذافي. من جهته أعلن وزير الدفاع الايطالي اينيازيو لاروسا أول أمس، أن بلاده يمكنها أن تبدأ التفكير بموعد لإنهاء مشاركتها الفعلية بالمهمة في ليبيا بعد انتهاء الأشهر الثلاثة التي وعدت بها، وقال أن تفكير إيطاليا في هذا الأمر من شأنه أن يحث حلفاءها البريطانيين والفرنسيين والأمريكيين على إيجاد مخرج للأزمة، أما بريطانيا فقد أعلنت أنها تبحث إعادة النظر في تدخلها العسكري في ليبيا، حيث أعلن قائد البحرية الملكية البريطانية الأميرال مارك ستانهوب أن بلاده يمكن أن تضطر لاتخاذ قرارات مهمة بخصوص إعادة توجيه أولوياتها العسكرية هناك خاصة إذا طال أمد تدخل حلف شمال الأطلسي في هذا البلد، وأضاف أنه يجب إعادة التفكير بالأولويات إذا استمرت العملية التي أطلقها الناتو منذ أكثر من ستة اشهر. والمشكل الأساسي يتمثل في خفض ميزانية وزارة الدفاع البريطانية وهو ما انجر عنه أن حاملة الطائرات الوحيدة العملياتية وطائراتها القتالية من نوع "هاريير" قد عادت بشكل نهائي إلى قاعدتها ما ترك بريطانيا بدون سفينة حربية يمكن أن تنطلق منها مقاتلاتها نحو الأراضي الليبية، وأضاف ستانهوب أنه بعد المهلة الحالية لمهمة الأطلسي التي مددت 90 يوما، يمكن أن يضطر لكي يطلب من الحكومة اتخاذ قرارات مهمة حول أولوياتها . وقد أعلن قادة المعارضة مؤخرا عن نقص في الموارد المالية وحمّلوا الدول الغربية ذلك النقص، حيث صرح علي الترهوني مسؤول النفط والمالية بالمجلس الوطني الانتقالي للمعارضة أن المال بدأ ينفذ من المعارضة بسبب الحرب الطويلة التي تخوضها ضد القذافي متهما الغرب بعدم الوفاء بتعهداته بتقديم مساعدات مالية عاجلة. ويبدو أن جميع الأطراف أصبحت تميل نحو إيجاد مخرج سلمي بعيد عن ميدان المعركة العسكرية، سيما في ضل الجمود الذي تعرفه الأوضاع الميدانية، وهي المساعي التي يقوم بها الاتحاد الإفريقي فضلا عن المفاوضات التي تسربت أنباء أن المعارضة والسلطات الليبية يجريانها بعيدا عن الأضواء الإعلامية وبإشراف أوروبي.