بدت الحملة الانتخابية للمحليات في أيامها الأولى فاترة و مقتصرة على نشاطات محدودة وملصقات لم تسترع الاهتمام المطلوب بعد، فيما تحركت حملة من نوع آخر على مواقع التواصل الاجتماعي، تضع القوائم وكل تحركات من أدرجوا فيها تحت مجهر المواطن. شعارات و صور وملصقات تم نشرها على نطاق واسع، لتوجه انتقادات لأصحابها حول اللغة المستخدمة و طرق الدعاية ونوعية الشعارات المستخدمة، في رسائل فحواها، أن الزمن قد تغير وأن من عليه استمالة الناخبين يجب أن يتحدث لغة هذا العصر ويستعمل أدواته، وأن الحملة في العهدة الحالية تختلف حتما عن الفترات السابقة. وإن كان بعض المترشحين قد انتبهوا إلى حتمية التواصل عن طريق فيسبوك و تويتر وباقي الوسائط، إلا أن حضورهم يظل مقتصرا على نشر ملصقات وصور عن الاجتماعات وحتى الخرجات، فلا نجد تواصلا تفاعليا مع الفئات المستهدفة ولا حتى شرحا للبرامج، فأغلب الحاضرين على المواقع يتعاملون على أنهم «نجوم مجتمع» يشاركون متابعيهم لقطات عن حياتهم اليومية، في استعراض لا يسوق لهم بالشكل الذي تتطلبه الانتخابات بكل ما تحمله من بعد جواري. ما حدث في التشريعيات يتكرر في المحليات، من حضور محتشم وغير مكتمل المعالم وضعف تحكم في الوسائط الجديدة، وإن كنا نكاد نجزم أنه لا يوجد مترشح واحد لا يملك هاتفا ذكيا مزودا بالانترنت، إلا أن هذا لا ينعكس على مجريات الحملة، وللأسف أغلب من خاضوا سباق دخول البلديات و المجالس الولائية يفتقرون لحد أدنى من القدرة على التواصل والتجدد والاستقطاب، حتى مع تحكمهم في التكنولوجيا . الاتصال عبر الوسائل الجديدة التي تتفوق في ذكائها على الإنسان أحيانا، ليس بالبساطة التي يراها البعض، قد يرتكز على الصورة إلا أن تلك الصورة وإن لم يحسن استعمالها تنقلب على صاحبها، وهو ما حدث مع منشورات تحولت إلى موضوع تهكم، كما أن الاعتقاد بأن الصورة كافية في حالة الانتخابات يعد سوء تقدير، لأن الصوت والنقل المباشر يعوض حاليا حتى التلفزيون، لكن عندنا لم نبتعد كثيرا عن مرحلة الاستخدام البدائي. 13 مليون جزائري يستخدمون الانترنت يوميا، تسعة ملايين منهم يتصفحون فيسبوك، وهو وعاء لا يمكن تجميعه في قاعة واحدة ، إلا أنه من السهل مخاطبته افتراضيا وحتى فتح نقاشات على مدار اليوم، وهو ما لم يستوعبه معظم من يخططون لتسيير الجماعات المحلية. كما أن هناك عامل آخر وهو عدم تكيف القوانين الخاصة بالحملات الانتخابية مع وجود طرق أخرى للترويج، وهي طرق بقدر نجاعتها قد تكون خطيرة في حال أسيء استعمالها، وقد تكون تجربة المحليات هذه المرة منطلقا لتدارك الأمر، طالما لم يعد التلفزيون بتلك القوة التي كان عليها، والصحافة بصدد التراجع أمام المد الفايسبوكي.هي فرصة إذا قد تساعد على الإقناع بطرق أسرع وأقل كلفة، يكفي فقط التفكير وفق ما يمليه العصر و إقحام شباب يساعد على تحقيقها، بعيدا عن صرف الأموال في وريقات ترمى في الشارع حتى قبل قراءة محتواها، القوة اليوم لا يصنعها المال فقط بل الأفكار، وما نجاح أشخاص عاديين في التحوّل إلى نجوم بفيديوهات إلا دليل على أن السر يكمن في القدرة على مخاطبة الغير.