الموت يغيب صانع الابتسامة المسرحي محي الدين بوزيد ووري أمس ، بعد صلاة الجمعة، جثمان الفنان المسرحي محيي الدين بوزيد الثرى بمقبرة بوزوران بباتنة، بحضور وزير الثقافة عز الدين ميهوبي و السلطات المحلية و العائلة الفنية، وكان الفقيد قد لفظ أنفاسه الأخيرة عصر الخميس بالمستشفى الجامعي بباتنة. صانع الابتسامة و الفن الجميل ، فارق الحياة عن عمر ناهز 56 سنة، تاركا خلفه ثلاث بنات تتراوح أعمارهن بين 18 و24 سنة، و رصيدا ثريا من الأعمال المسرحية و التليفزيونية المميزة، على غرار مسلسلات «جحا» مع حكيم دكار و «دوار الشاوية» مع جميلة عراس و «بساتين البرتقال» لعمار محسن، إلى جانب فيلم «بين يوم و ليلة» لجمال دكار، و غيرها من الأعمال ، كما كان رئيسا لجمعية أصدقاء الفن و الموسيقى بباتنة. الفنان الشهير باسم «محيو» ، كان من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة ، و عانى طيلة سنوات من مشاكل صحية لطالما ألزمته الفراش، و قد خضع منذ فترة للعلاج بالمستشفى العسكري بقسنطينة، لكن حالته تدهورت منذ أسابيع و أصيب بوعكة على مستوى الجهاز التنفسي، نجم عنها ضيق في التنفس ، ثم الدخول في غيبوبة، و مكث بمصلحة الإنعاش الطبي بمستشفى باتنة إلى أن وافته المنية. كان الفقيد رمزا للتحدي و الصمود و الإبداع، فلم تمنعه الإعاقة و مضاعفاتها الصحية العديدة، من تحقيق أحلامه، فتألق كفنان مسرحي و تليفزيوني و سينمائي، و أسندت إليه العديد من أدوار البطولة. في حوار أجرته النصر منذ حوالي سنتين مع ابن باتنة «محيو» ، قال بأن عشقه لخشبة المسرح، جعله يتجاوز إعاقته رغم نظرة المجتمع القاسية للمعاق و تهميشه، مؤكدا بأن المعاق إنسان طبيعي ، يكفي أن تتاح له الفرص لتحقيق ذاته و التألق في المجال الذي يحبه ، كما أعرب عن أسفه لتحول الفكاهة إلى تهريج ، ما ساهم في عزوف الجمهور عن قاعات السينما. عن بداياته ، أوضح الفقيد بأنها كانت صعبة ، فقد كان المسرح حلما راوده منذ طفولته بقريته النائية تاحمامت سابقا، المعروفة حاليا ببلدية المعذر، حيث عانى الكثير لأنه معاق لدرجة عدم القدرة على المشي، و كان يرى أمام باب منزله العائلي المعاناة اليومية لأهل قريته الفقيرة ، و صمم على نقلها بطريقة ما، و وجد في المسرح إحدى الطرق للتعبير عن كل ذلك . و أضاف بأنه مارس المسرح المدرسي عندما كان تلميذا بثانوية صلاح الدين الأيوبي بباتنة ، ثم شارك في أول مسابقة لانتقاء ممثلين مسرحيين، لكنه لم يقبل بسبب إعاقته، فالتحق بفرقة للهواة بدار الثقافة، مشددا بأن الفضل في اكتشاف موهبته و مساعدته على النجاح في هذا المجال يعود للأستاذين لمباركية و سليم سوهالي. و أول عمل شارك فيه محيو هو «القافلة تسير» الذي شارك فيه بدور درامي، ثم عرض «حنا في حنا» و كلاهما للكاتب سليم سوهالي، ثم أسس لاحقا جمعية خاصة بمسرح الطفل، لتصل أعماله إلى الأطفال المحرومين بالقرى النائية. و توالت أدواره المسرحية و التليفزيونية و السينمائية الناجحة، خاصة في مجال الكوميديا ، فرسم الكثير من البسمات على أفواه الجزائريين، و قد أكد للنصر ، بأنه و رغم إصرار الكثير من المخرجين و المنتجين على إسناد أدوار كوميدية له، إلا أنه يميل أكثر للتراجيديا، و قد فرض نفسه و موهبته في الأعمال الدرامية التليفزيونية و المسرحية، تاركا خلفه رصيدا متنوعا من الإبداعات.