يشهد صالون الجزائر الدولي ال 23 للكتاب المنتظم في قصر المعارض ‹›صافيكس ‹› بالجزائر العاصمة منذ افتتاحه، إقبالا كبيرا من طرف المواطينين، حيث بلغ عدد المتوافدين، عليه في أيامه الخمسة الأولى فقط أكثر من مليون زائر، وهو ما يعني أن هذه التظاهرة الكبرى تشكل فرصة سانحة للتصالح مع القراءة والكتاب بصفة خاصة، وهو دليل قاطع على أن الكتاب الورقي مازال يحظى بمكانته في وسط الجزائريين. وأكد حميدو مسعودي محافظ صالون الجزائر الدولي للكتاب للنصر أمس، بأن هذه التظاهرة التي تشهد مشاركة أكثر من ألف دار نشر جزائرية عربية وأجنبية، عرفت خلال أيامها الخمسة الأولى فقط أكثر من مليون زائر وهو رقم غير مسبوق، وله كما قال أكثر من دلالة على رغبة الجزائريين في إشباع نهم القراءة وتصالحهم معها ومع الكتاب بشكل خاص. والمتجول عبر مختلف أجنحة الصالون التي تضم ما لا يقل عن 300 ألف عنوان، في مختلف المجالات المعرفية والتخصصات العلمية والأدبية، يلاحظ مدى إقبال الطلبة الجامعيين والباحثين على الكتاب الجامعي وفي مختلف التخصصات، خاصة كتب العلوم الطبية والهندسة المعمارية والبيولوجيا والفيزياء والرياضيات والاقتصاد والإحصاء والتسيير والقانون إلى جانب الكتب الأدبية والتاريخية وكتب الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع. وتحظى هذه الكتب بنفس الإ‘قبال تقريبا سواء في أجنحة دور النشر الجزائرية والعربية والأجنبية رغم التفاوت في الأسعار المطبقة بين الكتاب المحلي والقادم من الخارج. وفي هذا الصدد لاحظنا أن جناح ديوان المطبوعات الجامعية الذي يعرض حوالي 1200 عنوان في جميع التخصصات من بينها 100 إصدار جديد، إقبالا معتبرا. وبخصوص الأسعار المطبقة في مختلف الأجنحة أكد عدد من الطلبة والباحثين الذين قابلناهم بأن الكتب الصادرة داخل أرض الوطن غالبا ما تكون في المتناول، عكس تلك المعروضة في أجنحة البلدان العربية والأجنبية وهو ما يعترف به بعض الناشرين من بلدان شقيقة، (سنتطرق إليها في محطة قادمة). وإن كانت الكتب ذات الصلة بالفنون الأدبية كالقصة والرواية وكتب الأطفال وحتى الكتب شبه المدرسية قد فرضت نفسها، في الصالون فإن ما يلفت الانتباه أن ثمة تراجع ملحوظ في حضور الكتاب الأدبي، وقد فسره أحد العارضين من دار ابن باديس، بالأزمة الناجمة عن ‹› توقف استيراد الكتاب من الخارج ‹›. وفي المقابل نجد حضورا لافتا للكتاب التاريخي من خلال عشرات الإصدارات في مختلف الدور الجزائرية التي أصبحت تولي أهمية كبرى لإصدار المذكرات الهامة بأقلام مجاهدين وكذا مختلف القضايا المرتبطة بتاريخ الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر فضلا عن تلك التي تؤرخ للهوية الوطنية. ولعل ما يلفت الانتباه هنا توجه بعض الكتاب إلى كتابة القصة التاريخية والتراجم المتعلقة بأبطال جزائريين على مر العصور للأطفال والناشئة، وهو ما نجده في جناح المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار ‹› أناب ‹› وغيرها من الدور. إلى ذلك يبدو جليا أن رجال الإعلام لم يعودوا مجرد شهود وناقلين للأحداث فقط عبر مختلف المؤسسات الإعلاميين الذين ينتمون إليها، السمعية البصرية والمكتوبة، بل هناك توجه لعدد من هؤلاء إلى خوض تجربة الكتابة الأدبية منها والمتخصصة، نذكر منهم على سبيل الذكر الإعلامية كريمة عباد وزين العابدين بوعشة من المؤسسة الوطنية للتلفزيون والزميل الصحفي بجريدة النصر سامي حباطي فضلا عن الكاتب الصحفي الساخر الإعلامي أسامة وحيد، وغيرهم وهو ما أثار إعجاب زوار المعرض الذين كان إقبالهم كبيرا على شراء كتب البيع بالتوقيع لهؤلاء الإعلاميين والتقاط صور معهم باعتبار أنهم ‹› نجوم مجتمع››. وهكذا يدخل الزملاء "الإعلاميون" ساحة المنافسة في عالم الكتابة وأصبح يصطف امامهم الكثيرون للظفر بكتاب موقع تماما مثل ما يجري مع كبار الكتاب الذين صنعوا الحدث في الصالون على غرار واسيني الأعرج ومحمد مولسهول ( اسمينة خضرة ) وأمين الزاوي ورشيد بوجدرة وغيرهم. روايات فائزة بجوائز " البوكر " و " الغونكور " في صالون الكتاب من جهة أخرى يتميز صالون الجزائر الدولي للكتاب ‹› سيلا 2018 ‹› الذي ينعقد تحت شعار ‹› الكتاب يجمعنا ‹›، بعدة أعمال أدبية جديدة أبرزها روايتان سبق لهما وأن فازتا بجائزة ‹›الغونكور›› وتتمثلان في رواية ‹› مآخذ عن الحب ‹› للكاتبة ناتلي أزولاي ‹› مترجمة إلى العربية إلى جانب رواية ‹› وطني الصغير ‹› المترجمة للعربية أيضا، والتي تزدان بهما رفوف دار الفارابي. كما تزدان رفوف عددا من أجنحة الصالون بروايات أخرى على غرار ‹› نات حواء الثلاث ‹› الكاتب أليف شافاك الصادرة عن دار الآداب. من جهتها قدمت دار العين المصرية باقة من الروايات على راسها رواية حصن التراب ‹› لأحمد عبد اللطيف التي تتناول حكاية عائلة موريسكية وهي تجربة روائية جديدة، له و تمثل امتدادا لمشروعه الروائي الذي بلغ الآن خمس روايات، وهي الرواية التي دخلت القائمة الطويلة لجائزة البوكر لهذا العام. الزوار يستقبلون المشاركة الصينية بمزيد من الشغف استقبل جمهور ‹› سيلا 2018 ‹› الحضور الصيني ( ضيف شرف الطبعة 23) بمزيد من الشغف كون أن هذا البلد العريق الذي تربطه ببلادنا علاقات تاريخية عريقة بعمر 60 سنة، قد ألقى بثقل حضارته وثقافته في جناح خاص بالبناية المركزية لصالون الكتاب الذي اعتاد أن يحتضن أكبر عدد من الأجنحة دور النشر والبلدان المشاركة. فعلى رفوف عدد من أجنحة دور النشر الصينية يمكن للزائر ان يطلع على أعرق حضارة في آسيا عمرها 11 ألف سنة من خلال الكثير من الإصدارات التي تعرف باللغة وبالثقافة والحضارة الصينية وبالقوة الاقتصادية لهذا البلد فضلا عن التعريف بعدد من علمائها ومن بينهم الأديب العالمي الصيني مو يان ، الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 2012 والذي أسدى له رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وسام الاستحقاق الوطني برثبة ‹› أثير ‹›. وعموما فإن صالون الكتاب يرصد من خلال الجناح الصيني التجربة الصينية في مجال النشر. إلى ذلك حضر عدد من الشخصيات العالمية إلى صالون الجزائر الدولي للكتاب لتنشيط ندوات على غرار السينمائي الفرنسي ‹› كوستا غافراس ‹› وأسماء أدبية أخرى. كما احتفى جناح المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار ‹› أناب ‹› هذا العام بصورة خاصة بالرياضة، و بخاصة منها كرة القدم، حيث أصدرت بالمناسبة كتابا من تأليف اللاعب والمدرب السابق حميد زوبا بعنوان›› حياتي..شغفي›› والذي نشط أمس ندوة بالمناسبة في جناح المؤسسة. أما الإصدار الثاني فمن تأليف أحمد بصول الهواري تحت عنوان›› موسوعة الأخضر الأبيض›› حول تاريخ الرياضة 1963-1988.