طيّار المستقبل الذي لم يتلق درسا خصوصيا في مشواره التعليمي سجلت ثانويات ولاية عنابة خلال السنة الدراسية الجارية تحسنا كبيرا في نتائج شهادة البكالوريا، بدليل أن نسبة النجاح قفزت من 24 بالمئة في دورة جوان 2009، إلى 55,40 بالمئة في دورة هذه السنة، و هو رقم يسجل لأول مرة في تاريخ نتائج "الباك " بالولاية. كما أن عنابة عرفت حصول أربعة تلاميذ على شهادة الدخول إلى الجامعة بتقدير ممتاز، يتقدمهم النابغة بلال ياسي من ثانوية زيغود يوسف بحي الصفصاف، في الوقت الذي إعتلت فيه ثانوية 18 فيفري ببلدية سيدي عمار الصدارة على الصعيد الولائي بنسبة 76 بالمئة، مقابل حصول 148 تلميذا على تقدير جيد، و 866 تلميذا على ملاحظة قريب من الجيد، لكن النابغة بلال ياسي كان صاحب الصدارة في بكالوريا هذه السنة بعنابة. هذا الشاب المتألق ينحدر من عائلة بسيطة تقيم بحي الصفصاف بالضاحية الغربية لمدينة عنابة، والده مهندس دولة في الميكانيك، و أمه عاطلة عن العمل، و ماكثة بالبيت تتكفل بالشؤون اليومية للأسرة، إنتظر نتائج البكالوريا بشغف كبير، ليس لأنه لم يكن يتوقع الحصول على هذه النتيجة، و إنما لكونه ظل يراهن على الحصول على معدل يسمح له بالظفر بشرف التكريم من طرف فخامة رئيس الجمهورية، لأن بلال إجتاز الإمتحان بثقة كبيرة في النفس، و كان شبه متيقن من أنه سيكون من بين المتفوقين في ثانوية زيغود يوسف، لأن مسيرته الدراسية كشفت بأنه متفوق و نابغة منذ ولوجه المدرسة بإبتدائية بلعيد عيسى، حيث كان قد تحصل على شهادة " السيزيام " بتقدير ممتاز، و بمعدل 18، قبل أن يضرب موعدا جديدا مع التألق في شهادة التعليم المتوسط، عندما كان من بين المتفوقين على مستوى متوسطة خالد خوجة عمار، حيث تحصل على معدل 17، لكن التألق بلغ ذروته في أهم و أبرز موعد، لأن البكالوريا منعرج حاسم في مشوار أي تلميذ، و الحصول على تقدير ممتاز، بمعدل 18 ليس في متناول أي كان، غير أن بلال ياسي ضرب موعدا مع التألق، و قد شاءت الصدف أن يعلم بالنتيجة التي تحصل عليها من طرف أحد جيرانه بالعمارة التي يقيم فيها، و لم يصدق في بادئ الأمر حصوله على هذا المعدل فسارع إلى الركض كالمجنون حافي القدمين في شوارع حي الصفصاف من شدة الفرح، و لم يكن يدري ما يقوم به، و قد أكد في هذا الصدد بأن تألقه يعد ثمرة الإرادة الكبيرة التي تسلح بها، لأنه ظل يثابر و يجد و يجتهد من أجل الحصول على معدل مرتفع، و قد ساعدته في ذلك الظروف الجيدة التي وفرتها له العائلة طيلة السنة الدراسية، فضلا عن الدعم المعنوي الكبير الذي حظي به من طرف الأسرة الصغيرة، و كذا المحيطين به، و الذين ظلوا يقدمون له النصائح حتى قبيل الدخول إلى قاعة الإمتحان أيام البكالوريا، و هنا كشف ذات المتحدث سرا يتمثل في عزوفه عن تلقي الدروس الخصوصية و دروس الدعم خارج البرنامج الدراسي، لأنه إعتبر ظاهرة الدروس الخصوصية وليدة السنوات الأخيرة، و التي إنعكست بصورة مباشرة على مستوى التلاميذ، فأصبحوا لا يعتمدون إلا على الدعم المقدم لهم لتحسين المستوى، فضلا عن مشكل اللجوء إلى قاعات الأنترنيت لحل التمارين و المسائل، و ختم بلال حديثه بالإعلان عن طموحه المستقبلي و المتمثل في أن يصبح طيارا، لأن هذا الحلم ظل يراوده منذ الصغر، كونه يهوى الطيران و المغامرات.