* أطباء يتأسفون لتسويق صورة سوداوية عنهم و يثمنون تشديد العقوبة على المعتدين تفاقمت ظاهرة الاعتداء على عمال قطاع الصحة، و بالأخص الأطباء خلال الأزمة الوبائية العالمية، لأسباب أرجعها مختصون في علم النفس و الاجتماع إلى تسويق صورة سوداوية عن القطاع و تحميل الأطباء مسؤولية فشل المنظومة الصحية في مجابهة الوباء، و ترويج معلومات مغلوطة، و كذا لعوامل نفسية ناتجة من جهة عن الخوف و حالة التذمر التي يعيشها المجتمع، و كذا غياب الوعي و فقدان الثقة بالأطباء، و أخرى تتعلق بالتنشئة الاجتماعية، فيما أكد أطباء تعرضوا للاعتداء، بأنهم يدفعون ثمن أخطاء لا يتحملون مسؤوليتها، و عيوب عرتها الأزمة، فيما ندد نقابيون و حقوقيون بالظاهرة، و ثمنوا مرسوم تشديد العقوبة على المعتدين لتصل إلى 10 سنوات، في بعض الحالات. * ملف من إعداد / هبة عزيون / أسماء بوقرن الاعتداء الجسدي و اللفظي على الأطقم الطبية، عرف تزايدا ملفتا في الظرف الاستثنائي الذي نعيشه، نتيجة تفشي كوفيد 19، حيث أصبحت المستشفيات الجامعية خاصة التي تشهد اكتظاظا كبيرا، مسرحا للشجارات و تبادل عبارات السب و الشتم، ما أدى إلى إصابة الكثير من الأطباء بجروح بليغة تسببت لهم في عجز بدني و مشاكل نفسية، مثل الدكتور م.م ، المختص في الأمراض المعدية بالمستشفى الجامعي بن باديس بقسنطينة الذي تعرض لإصابات على مستوى الصدر و الأنف، فأغمي عليه، فيما تعرض أطباء و أعوان بمستشفى ديدوش مراد لاعتداء من قبل أهل مريض، كما تكررت الحادثة مع طبيب مناوب بمصلحة الإنعاش بمستشفى بن سينا بعنابة، و لم تقتصر الاعتداءات على العاملين في الصفوف الأمامية، و شملت حتى مسؤولي المؤسسات الاستشفائية، كمدير مستشفى محمد بوضياف بالبويرة . نشطاء يطلقون حملة «انهض يا بطل» و « شكرا لك دكتور» الظاهرة لاقت استنكارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، من قبل نشطاء و عاملين في القطاع، فدعوا إلى تسليط أقصى العقوبات على المعتدين، كما أطلقوا حملة بتسميات مختلفة، أبرزها « شكرا لك دكتور» و «انهض يا بطل»، حثوا من خلاله إلى ضرورة توفير الأمن للطواقم الطبية و شبه الطبية و الأعوان، خاصة في هذا الظرف الحساس و تشجيعهم على مواصلة مهامهم، و إدراك ما يواجهونه من مشاكل و صعوبات جمة، في مقدمتها تعريض حياتهم للخطر، بدليل أن الكثير منهم توفوا من أجل إنقاذ حياة الآخرين، معتبرين بأن جحيم اللباس الواقي لا يوصف و تأثيره على نشاطهم و نفسيتهم كبير جدا، خاصة مع الارتفاع المحسوس في درجات الحرارة. و قد غير عدد كبير من رواد الفضاء الافتراضي صور بروفايلاتهم و استبدلوها بصور طبيب متعب كتب عليها «انهض يا بطل»، و كتب آخرون في بروفايلاتهم عبارة « شكرا لك دكتور و لكل العاملين في قطاع الصحة». عقوبات صارمة تصل إلى 10 سنوات للحد من تفاقم الظاهرة بعد الضجة الكبيرة التي أثارتها هذه الاعتداءات، تبنت الحكومة في اجتماعها يوم الأربعاء قانونا جديدا لحماية مستخدمي السلك كان أمر به رئيس الجمهورية الأسبوع الماضي، وتشدد بموجبه العقوبات على المعتدين بين 5 و10 سنوات سجناً. وسبق لوزير العدل توجيه تعليمات إلى النواب العامين لدى المجالس القضائية، من أجل ردع المعتدين على مستخدمي السلك الطبي و شبه الطبي و مسيري المؤسسات الصحية، و التعامل مع الظاهرة بصرامة، و ذلك باللجوء مباشرة إلى إجراءات توقيف المعتدين للنظر، و مثولهم وجوبيا أمام وكيل الجمهورية، مع تقديم التماسات صارمة لتشديد الحكم الصادر في حقهم. القرار ثمنه الكثيرون من خلال منشورات فايسبوكية و تغريدات على تويتر، للحد من الظاهرة و فرض النظام داخل المؤسسات الاستشفائية، كما ثمنه أطباء تعرضوا مؤخرا لاعتداءات . أ ب * طبيب مختص في الأمراض المعدية تعرضت لاعتداء أفقدني الوعي و أعاني إلى غاية اليوم من ضرر نفسي م. م ، طبيب مقيم مختص في الأمراض المعدية بالمستشفى الجامعي بن باديس بقسنطينة، تعرض يوم 8 جويلية الجاري، لاعتداء من طرف مرافقي مريضة، ما تسبب له في عجز قدره الأطباء بمدة 14 يوما، و أعرب عن أسفه لأن مواقع التواصل الاجتماعي، حسبه، تسببت في ترويج صورة سوداوية عن الطبيب و حملته مشاكل المنظومة الصحية، ما أدى إلى «التكالب على الأطباء»، كما قال . التفاصيل تحدث للنصر عن تفاصيل الحادثة، التي تسببت له في ضرر جسدي و نفسي لا يزال يعاني من آثاره لحد اليوم، قائلا « التحقت يومها بمقر عملي على الساعة التاسعة و النصف صباحا، ارتديت لباسي الطبي الوقائي، و قمت مع زملائي، رفقة الطبيب المشرف، بمعاينة المرضى، و تسجيل الأسرة الشاغرة و محتملة الشغور»، مضيفا بأنه و بعد القيام بمهمته في المصلحة، انتقل في حدود الساعة الرابعة مساء، إلى مصلحة الاستعجالات لتحديد المرضى الذين هم بحاجة للمكوث بالمصلحة التي يعمل بها، وفق الشروط السارية المفعول، فقام بانتقاء مريضين حالتهما مستقرة، و لا يعانون من مشكلة نقص الأوكسيجين في الدم، لأن المصلحة لا تتوفر على أجهزة التنفس». محدثنا الذي رفض تقديم اسمه كاملا، أضاف أنه و خلال قيامه بمهمته بالمصلحة، رغم التعب الشديد و العطش و الجوع، استوقفته سيدة و طلبت منه أن يطلع على ملف والدتها الطبي، لأنها كانت على وشك الدخول رفقة ابنيها، للخضوع للمعاينة. اطلع المتحدث على الملف، ثم وجهها إلى الأطباء المشرفين على الاستعجالات، قبل أن يؤكد لها بأنه لا يعمل بالمصلحة و معاينتها ليست من صلاحياته، ثم التفت لشرح تقرير سكانير لأحد أقاربه بعد أن التقى به هناك بمحض صدفة. دخل شابان رفقة أمهما إلى المصلحة و طلبا منه فحص والدتهما، فاعتذر، قائلا « أنا لا أعمل بالمصلحة و لا يحق لي معاينة المرضى بها، و هناك تعليمة تنص على ذلك علي الالتزام بها. فباغتني أحد الشابين بضربة بمرفقه على الصدر ما تسبب في فقداني الوعي، ثم لكمني على مستوى الأنف و الفم، ما تسبب لي في إصابات بليغة، كما تعرضت للإهانة و السب و الشتم». المتحدث أضاف بأن بعض مرافقي المرضى، يعتبرون الطبيب هو المسؤول عن كل ما يجري، و لا يعلمون ما يتعرض له من ضغوطات و مشاكل، و مخاطر، و قيامه في كثير من الأحيان بدور المرافق الطبي، لنقل المريض لإجراء الأشعة و غيرها، نتيجة نقص العمال، ضف إلى ذلك المعاناة الناجمة عن ارتداء اللباس الواقي الذي يصعب على أي كان تحمله، في ظل ارتفاع درجات الحرارة. و أكد بأن الأطباء في عين الإعصار، خاصة في ظل جائحة كورونا، فالمجتمع يحملهم كل ما يحدث داخل المستشفيات، و قد ساهمت، حسبه، مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج لصورة سوداوية عن الطبيب، و تحميله كل ما يجري، و ذلك من خلال الفيديوهات التي يتم تسريبها من داخل المستشفيات، داعيا إلى توفير الأمن داخل المؤسسات الاستشفائية، و مثمنا تشديد العقوبات على المعتدين. أ ب * إنقاذ بوتاش طبيبة مقيمة بالمستشفى الجامعي بن باديس هاجمنا عشرة أشخاص و الأمن الحلقة الغائبة في المستشفى الطبيبة المقيمة إنقاذ بوتاش، من مصلحة الطب الداخلي في المستشفى الجامعي بن باديس في قسنطينة، قالت لنا بأنها تعرضت رفقة طبيبتين من نفس المصلحة، قبل أسبوع، لحادثة جد مؤسفة. «كانت الساعة تشير إلى الرابعة مساءا عندما تقدم 10 أشخاص أو أكثر، إلى الطابق الثاني من المصلحة، للاحتجاج على عدم قبول مريضتهم، مؤكدين بأنهم أبلغوا بأن الطاقم الطبي الذي عاين كافة الحالات التي حضرت للفحص، وافق على إدخالها، لأن حالتها الصحية صعبة، مقارنة بباقي المرضى، علما بأن نقص الأوكسجين و الأسرة، من بين الأسباب التي تحتم على الأطباء اختيار الحالات الحرجة للمكوث بالمستشفى لتلقي العلاج». و أردفت المتحدثة أن نقل المريضة المعنية إلى غرفتها في الطابق العلوي، تطلب الاستعانة بعون غرفة لأنها مسنة، و مقعدة، كما أنها تعاني من مشكل السمنة. و نظرا للنقص الكبير في العمال المهنيين، تطلب نقلها وقتا للعثور على من يقوم بنقلها، و خلال ذلك حدثت مناوشة بين الطبيب المعاين و العون الذي رفض التكفل بالمريضة، لأنه لا يرتدي اللباس الواقي، و طلب من الطبيب المناوب القيام بذلك، هذا الأخير رفض لأن الأمر ليس من صلاحياته ، خاصة و أنه قضى يوما كاملا من التاسعة صباحا إلى غاية الرابعة مساء في معاينة المرضى في درجة حرارة مرتفعة و هو يرتدي اللباس الواقي. و تم بعد ذلك إدخال المريضة إلى الغرفة، حينها كانت الدكتورة بوتاش، كما قالت للنصر، رفقة اثنتين من زميلاتها داخل غرفة تغيير الملابس، من أجل ارتداء الألبسة الواقية و ثم التوجه إلى غرفة المريضة لفحصها و القيام بإجراءات الاستشفاء، لكن أثناء ذلك حاول الأشخاص الذين أحضروا المريضة كسر باب الغرفة، ما أجبرهن على غلقه، و وضع مكتب و خزانة أمام الباب لمنع دخول هؤلاء الأشخاص، و بالموازاة مع ذلك قامت الطبيبات بالاتصال بمركز الحراسة المتواجد في مدخل المستشفى، و كن خائفات بعد أن سمعن صوت تكسير زجاج الباب المحاذي لغرفتهن. بعد قرابة ربع ساعة حضر رئيس الأمن و طلب من الطبيبات مغادرة الغرفة، فرفضن لأن المعتدين لم يغادروا المكان، و خشين أن يعتدوا عليهن. و طلبت الطبيبات من المسؤول عن الأمن إخراج هؤلاء الغرباء، من أجل توفير جو ملائم لمعاينة المريضة، لكنه فشل في إقناعهم بالمغادرة، فاتصلن بعدد من مراكز الأمن الحضري المجاورة ، و كذا بعض زملائهن الذين نجحوا أخيرا في إقناع الشرطة بالحضور، و غادر الغرباء المكان، في الوقت الذي لفظت المريضة أنفاسها الأخيرة، بسبب ما حدث، دون أن تتلقى العلاج. و ترى الطبيبة المقيمة إنقاذ، أن فشل إدارة المستشفى في فرض نظام عمل داخلي صارم، تسبب في تعرض الأسلاك الطبية للاعتداءات، رغم أن الظاهرة ليست جديدة ، فقد كانت تسجل مثل هذه الحوادث لكنها قليلة، و ليست بهذا الحجم ، مؤكدة أن وصول أفراد عائلات المرضى إلى الطبيب و الاعتداء عليه في ظل هذه الظروف، يعني، حسبها، الغياب الكلي للإدارة ، و تساءلت «هل يعقل أن يرافق المريض أكثر من ثلاثة أشخاص، دون تدخل أعوان الحراسة في المدخل الرئيسي للمستشفى ، وصولا إلى المصالح الطبية، ما يجعل الطبيب يدفع ثمن الاستهتار و الفوضى الإدارية . ه ع * البروفيسور ياسين قيطوني ظاهرة الاعتداءات غير مبررة و الطبيب ضحية فشل المنظومة الصحية يرى البروفيسور ياسين قيطوني، أن ظاهرة الاعتداءات على المنتسبين لقطاع الصحة غير مبررة ، و رغم حساسية الظرف الصحي و حالة الارتباك الكبيرة التي يعيشها المواطن بسبب الجائحة، لكن هذا لا يمنحه الحق في التهجم على الطبيب أو الممرض، سواء لفظا أو بالضرب. و في حديثه للنصر، قال الطبيب أن ظاهرة العنف ضد الأطقم الطبية في الجزائر قديمة ، لكنها لم تكن بهذا الحجم و الحدة ، و كانت تقتصر على أحداث متفرقة و نادرة، لكن في ظل الأزمة الوبائية الراهنة، خرجت الظاهرة للعلن و أصبحت تتكرر بشكل شبه يومي مع الأطباء و الممرضين، لا لسبب سوى لأنهم في الواجهة، يدفعون ثمن أخطاء ، هم غير مسؤولين عنها، كغياب التنظيم و النقص الكبير في العمال المهنيين و نقائص أخرى عديدة، و أضاف قيطوني أن الطبيب لطالما دفع ثمن أخطاء غيره ، و قد حان الوقت لإعادة الأمور إلى نصابها ، و تحمل كل شخص لمسؤوليته ، و إعادة الطبيب إلى مكانته الذي فقدها داخل المجتمع منذ عقود ، بسبب فشل المنظومة الصحية الجزائرية ، و يتجلى بوضوح في نقص الإمكانيات و الوسائل و الكثير من العيوب التي عرتها أزمة كورونا ، ما جعل المواطنين يصدمون بالحقيقة و يصبون جام غضبهم على الكوادر الطبيبة التي بقيت مجندة لأشهر، دون راحة . أما عن أهم الأسباب التي فجرت الظاهرة حاليا، فلخصها المتحدث في ثلاثة عوامل رئيسية هي، حالة الخوف و الارتباك عند عامة الناس بسبب تفشي الوباء، و تزايد عدد الإصابات الذي يقابله عجز كبير في استقبال المرضى، بسبب نفاد الطاقة الاستيعابية للمستشفيات ، ثانيا الفوضى و الغياب التام للتنظيم من قبل الإدارات التي تتهرب في غالب الأحيان من مسؤولياتها، و تحديدا خلال الظرف الراهن. بالمقابل يتحمل الطبيب و الممرض النتائج، بحكم علاقتهم المباشرة مع المرضى و عائلاتهم الذين يصبون جام غضبهم على الأطباء و يحملونهم مسؤولية ما يحصل ، و قد وصل الأمر حد العنف الجسدي ، ثالثا النقص الفادح في العمال المهنيين من أعوان الأمن، إلى عمال النظافة و الأعوان المكلفين بمراقبة الغرف و الأجهزة الطبية و نقل المرضى و الجثث ، ممن برزت الحاجة الماسة إليهم خلال الجائحة، و تسبب في الكثير من المشاكل، مع التدفق الهائل للمرضى على المستشفيات و قابلته خدمات طبية شحيحة ، ما زاد من تأزم الوضع. و أكد البروفيسور أن أبسط الخدمات، كنقل الجثث من غرف المرضى إلى مصلحة حفظ الجثث، أضحت من الأمور المستعصية لعدم توفر اليد العاملة و هذه كارثة حقيقية ، إضافة إلى مشكل تأخر ظهور نتائج التحاليل لعدة أيام بعد وفاة المرضى بسبب نقص « الكواشف» المستخدمة في التحاليل الطبيبة « بي سي ار» ، ما جعل إدارة المستشفى تمتنع عن تسليم الجثث لعائلاتها لعدة أيام، إلى غاية ظهور النتائج، وهو ما أجج الاحتجاجات التي شهدها مستشفى قسنطينة مؤخرا و عدد المستشفيات في الجزائر. البروفيسور قيطوني، أشار من جهة أخرى، إلى أن عمال قطاع الصحة يعيشون حالة من التعب النفسي و الإحباط ، فرغم الجهود التي يبذلونها منذ أكثر خمسة أشهر بإمكانيات بسيطة، يتم الاعتداء عليهم و اتهامهم بأبشع التهم، الأمر الذي أفاض الكأس و عزز فكرة الابتعاد عن العمل في القطاع العام و التوجه إلى العيادات الخاصة، أو الهجرة، بالنسبة للكثير من الأطباء. و يرى أن الوضع الراهن للمنظومة الصحية ببلادنا، ناجم عن سياسات عرجاء دامت سنوات طويلة، يدفع ثمنها اليوم الطبيب الذي تحول إلى مشجب لكل ما يحدث، مع غياب الإمكانيات و أبسط حوافز العمل، حسبه. أما بخصوص الإجراءات القانونية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية لحماية الأطقم الطبيبة من الظاهرة ، فقد استحسنها المتحدث، و يرى أن من شأنها التقليص أو الحد من الاعتداءات على الجيش الأبيض إلى حد كبير، رغم أنها جاءت متأخرة، حسبه، مقارنة بباقي دول العالم التي صادقت على قانون خاص بمهنيي قطاع الصحة يجرم الاعتداء عليهم، و يسلط على مرتكبيها عقوبات صارمة . ه ع * رئيس المكتب الولائي للنقابة الجزائرية لشبه الطبيين عبد المالك جمام تكثيف الأمن داخل المستشفيات حتمية لمجابهة الظاهرة ثمن رئيس المكتب الولائي للنقابة الجزائرية لشبه الطبيين بقسنطينة، عبد المالك، ثمن ما قامت به السلطات العليا في البلاد، بإصدار مرسوم يتضمن تسليط عقوبات بين 5 و 10 سنوات على المعتدين على الأطقم الطبية، لأن ذلك سيساهم بشكل فعلي في الحد من الظاهرة، لكن لابد من إرفاقه بإجراءات أخرى تتمثل في تكثيف مراكز الأمن في المؤسسات الاستشفائية التي تشهد ضغطا كبيرا، و توظيف عدد كاف من أعوان الأمن، كما قال. المتحدث ذكر بأن الاعتداءات مست كل عمال الصحة على حد سواء، و جعلتهم يعملون في ظروف تفتقر لعنصر الأمن و الأمان، مؤكدا بأن العدد الحالي من الأعوان لا يكفي لتوفير الحماية الكافية للعاملين في القطاع، داعيا إلى توظيف المزيد منهم ، لتوفير جو مريح و آمن للعاملين في المستشفيات خاصة التي تستقطب أعدادا كبيرة من المرضى، مشيرا إلى أن أسباب تفشي الظاهرة تعود إلى طبيعة العقوبة التي كانت خفيفة، حسبه، و تنتهي في الغالب بالصلح بين المعتدي و الضحية، لكن اليوم أصبحنا أمام حتمية تشديدها للحد من هذه الاعتداءات على العاملين في قطاع الصحة الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة الفيروس الفتاك. أ ب * مختص في علم الاجتماع البروفيسور عبد العزيز بوودن استقالة الأسرة و الخوف من الجائحة وراء تفشي الاعتداءات أكد من جهته أخصائي علم الاجتماع البروفيسور عبد العزيز بوودن، أستاذ بجامعة عبد الحميد مهري بقسنطينة، الاعتداء على الأطقم الطبية سلوكا مشينا و منبوذا، محملا المجتمع و العقل الجمعي، مسؤولية تفشي الظاهرة التي أرجعها أيضا إلى دوافع باطنية و أخرى خارجية، مؤكدا بأنه يجب تجنيد المجتمع المدني و وسائل الإعلام للتوعية و التحسيس. محدثنا أوضح بأن غياب التنشئة الاجتماعية، و استقالة الأسرة و عجزها عن القيام بدورها، أدت إلى تفشي سلوكات تتنافى و قيمنا الإنسانية الأخلاقية، و و أعرب عن أسفه لصدور هذه التصرفات الطائشة ضد نخبة المجتمع، من كهول في بعض الأحيان. ذكر المختص أسباب كثيرة لذلك، منها غياب الوعي و عدم احترام الأطباء و تفهم وضعهم الحالي، و ما يمرون به من صعوبات، و كذا دافع الأنانية، حيث يفضل مرافق كل مريض أن يتم الإسراع بالتكفل بمريضه، كما أن للخوف من الجائحة و حالة التذمر التي يعيشها المجتمع، نصيب من تفشي هذا السلوك المشين، الذي يصدر أحيانا من أشخاص ينتمون لفئات هشة، أو يعانون من ظروف اجتماعية مزرية. و قد تكون الانفعالات ناتجة عن طبيعة العلاقة بين المريض و مرافقه، ما يجعل هذا الأخير يقوم بكل شيء من أجل إنقاذ قريبه، معتقدا أن بتصرفه الطائش يحصل على النتيجة المرجوة، مشيرا إلى تأثير إعلانات الوفاة و فقدان قريب من العائلة في تفاقم الاعتداءات. المتحدث حث على تجنيد المجتمع المدني في هذه الفترة الحرجة، و استعادة الثقة به من قبل كل الجهات، داعيا وسائل الإعلام إلى تقديم برامج توعوية للشباب من أجل الحد من التصرفات المشينة، مع ضرورة اختيار التوقيت المناسب لذلك، و كذا القيام بخرجات ميدانية تهدف إلى تثمين الجهود التي يبذلها السلك الطبي و تثمينها، فهو يواجه الخطر ليحمي المواطنين، و يجب أن يكون التفاعل بين كافة الأطراف مبني على أساس التعاون و التضامن، لكبح جموح الفيروس. أ ب * النفساني ماليك دريد غياب الثقة و الثقافة الصحية يجعل الفرد مبرمجا للاعتداء أرجع المختص في علم النفس بمستشفى سطيف، ماليك دريد، سبب تفاقم سلوكات الاعتداء على الكوادر الطبية و شبه الطبية، إلى غياب الثقة و حمل أفكار مسبقة تجعل الفرد مبرمجا للاعتداء، كما أن البعض يعانون من عقدة النقص اتجاه الطبيب، فيسعون لتشويه صورة الكوادر الطبية، و يزيد انتشار معلومات خاطئة عن الفيروس في درجة العنف عند البعض الآخر، و إذا حدث و أن توفي أحد أقاربهم يحملون الطاقم الطبي مسؤولية وفاته. المتحدث اعتبر الاعتداء اللفظي والجسدي على الكوادر الطبية وشبه الطبية، خصوصا بمصلحة الاستعجالات و مصلحة التوليد، ظاهرة عالمية تختلف أسبابها و درجاتها من مجتمع لآخر. و يعد ببلادنا شكلا من أشكال العنف المتجذرة بالمجتمع، لكنه تزايد بشكل مثير للقلق، منذ بداية جائحة كورونا، و يعود ذلك لعدة أسباب تتعلق بالمريض ومرافقيه، و عوامل تتعلق بطبيعة شخصية الممارس و أخرى بالإعلام، و حتى بظروف المؤسسات الصحية نفسها. و أكد المصدر بأن غياب الثقة و الأفكار المسبقة المتعلقة بوضعية المنظومة الصحية و المؤسسات الإستشفائية ، جعلت المريض و مرافقيه، مبرمجون نفسيا للاعتداء، كما أن غياب الثقافة الصحية و المستوى التعليمي المحدود لبعض المرضى ومرافقيهم، يجعلهم يعتقدون أن لهم الأولوية والأسبقية بمجرد دخولهم إلى مصلحة الاستعجالات، حتى وإن كانت حالتهم غير خطيرة. افتقار بعض ممارسي الصحة لمهارات التواصل أشار النفساني إلى أن بعض الأشخاص يعانون من عقدة نقص اتجاه الطبيب فيتوهمون، أنه شخص متكبر و متعجرف، حتى وإن كان غير ذلك ، و لا يمكن إنكار، حسبه، افتقار بعض ممارسي الصحة لمهارات التواصل مع المرضى وعائلاتهم، وقد يستفزهم أسلوب كلامهم و طريقة تعاملهم في بعض الأحيان، لكن رغم ذلك يبقى العنف غير مبرر بأي شكل من الأشكال. كما حمل المتحدث جزء من المسؤولية لبعض وسائل الإعلام، لأنها في السنوات الأخيرة، حسبه، شوهت صورة الكوادر الصحية و روجت لأفكار سلبية، إلى جانب تأثير الإشاعات والمعلومات الخاطئة حول الفيروس على نفسية أفراد المجتمع، و دورها في زيادة العنف. و للحد من هذه الظاهرة، يدعو النفساني إلى تطوير جميع العمال بالمستشفيات، خاصة بمصلحة الاستعجالات و التوليد، لمهاراتهم التواصلية، عن طريق تنظيم دورات تكوينية لهم، كما يجب اختيار طاقم طبي مؤهل، وفق خصائص نفسية وشخصية معينة، مع تحسين ظروف الاستقبال والتوجيه التي تعتبر مفتاح الثقة بين المرضى و الجيش الأبيض. أ ب * الدكتور محمد زعبال محام و أستاذ قانون بجامعة منتوري قسنطينة تشديد العقوبات سيقلص الظاهرة اعتبر الدكتور محمد زعبال، محام لدى المحكمة العليا و مجلس الدولة و أستاذ بكلية الحقوق جامعة الإخوة منتوري قسنطينة، الاعتداءات التي ترتكب في حق الموظفين و مؤسسات الدولة من الجرائم الخطيرة، لما لها من تبعات وخيمة، سواء على مردودية المرفق العام أو على الموظف المنتسب لهذا المرفق،لاسيما إذا اقترف الاعتداء في ظروف غير عادية، و لعل أبرز مثال على ذلك، كما قال، ظاهرة الاعتداء على منتسبي الصحة العمومية بمختلف رتبهم في ظل أزمة صحية عالمية. إن مصالح الصحة العمومية و خاصة المستشفيات في مواجهة مباشرة مع كوفيد 19، و تقصدها موجة غير عادية من المصابين، و يرافق ذلك أحيانا بعض الاعتداءات من عائلات المرضى على الأطقم الطبية و شبه الطبية، تتراوح بين السب و الإهانة و حتى الاعتداء الجسدي. وفق التعليمات التي أسداها رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة، لوضع حد لهذه التصرفات المشينة و الخطيرة، فإن وزير العدل أصدر تعليمة للسادة النواب العامين، بوجوب تقديم الأشخاص الذين يرتكبون هذه الأفعال مباشرة. من الناحية القانونية، فإن هذه الجرائم نص عليها المشرع الجزائري في قانون العقوبات الجزائري في القسم الأول من الفصل الخامس من الباب الأول من هذا القانون ، من خلال المواد 144 ،148 146 ، حيث نصت المادة 144 من قانون العقوبات على جريمة الإهانة التي يكون ضحيتها الموظف بصفة عامة و قررت لها عقوبة من شهرين إلى سنتين حبس و من 20.000 دج إلى 100.000 غرامة نافدة، أو إحدى العقوبتين . كما أن المادة 148 من قانون العقوبات تنص على جريمة الاعتداء التي يكون ضحيتها الموظف و أقرت عقوبة الحبس و الغرامة و تختلف من حيث حدها الأقصى، تبعا لحجم الضرر الناتج عن الاعتداء و خطورته و نتيجته، كأن يترتب عن هذا الاعتداء جرح أو مرض أو إحداث إعاقة أو وفاة الضحية، و كذلك الظروف التي تم فيها هذا الاعتداء، إن صح هذا التعبير، لاسيما إذا تم عن إصرار أو ترصد . و أضاف الدكتور زعبال أن القانون في الأساس ظاهرة اجتماعية و بالتالي يستوجب أن يكون استجابة لمتطلبات المجتمع، فبالنسبة لتجريم الاعتداءات فهي منصوص عليها في قانون العقوبات، لكن و في ظل الظروف الصحية غير العادية، فإن النتيجة المرجوة من نص التجريم، يمكن أن تحقق مبتغاها من خلال طريقة تحريك الدعوى العمومية في مثل هذه الجرائم، من خلال إجراءات المثول الفوري، و التي دون شك ستساهم بشكل فعال في الحد من هذه الجرائم، من خلال تعديل نص التجريم في حد ذاته، و تشديد العقوبة التي أقرها رئيس الجمهورية بالحبس من خمس إلى عشر سنوات .