لا أعترف بمسابقات الإنشاد الخليجية التي تروج لألقاب خيالية اعتبر الإنشاد حلقة من أسرة الفنون الطربية يتم تأديته كسائر الطبوع الغنائية الأخرى،لا زال الأتراك يؤدونه في المساجد قدوة بعهد الخلافة ،والمشارقة يتداولونه في الزوايا،نافيا عن نفسه صفة الإنشاد ،إنه الفنان المغربي رشيد غلام الذي جمعنا به لقاء في قاعة إشبيليىا لصاحبها فيلالي بمدينة قسنطينة على هامش تسجيل حصة من "سهرات المدينة" فكان لنا معه هذا الحوار. في البداية نود التعرف على الفنان رشيد غلام الذي ذاع صيته في مجال الأغنية الدينية. - من مواليد 1972 بمدينة الدارالبيضاء(المغرب)توجهت للفن وعمري لايتجاوز ال13 سنة،بدأت مشواري الفني بأداء أغاني عمالقة الطرب العربي أمثال ناظم الغزالي وأم كلثوم، رافقت مطربين كبار في سهرات فنية عالمية،أنشأت مجموعة كورال يرافقني في السهرات الموسيقية وأشرف حاليا على مؤسسة الضحى للإنتاج الفني والإعلامي التي تتولى إنتاج كل أعمالي. يقال أنك ترفض تصنيفك ضمن خانة المنشدين، مع أنك برزت في مجال الأغنية الدينية أكثر، لماذا هذا التناقض؟ - أضع الغناء الديني والغناء العام بين قوسين لأن هذا التصنيف بالنسبة لي هو نتاج الصراعات الأخيرة التي فرقت بين الدين والدولة ووضعت أمامنا مايعرف ب(اللائكية)فالغناء كل غناء بالنسبة لي يشيد بالجمال والروح السمحاء يسمو بالأخلاق، أما خارج هذا المجال سواء كان أغنية دينية أوغير ذلك،لاينبغي حصر الفنان في زاوية واحدة،وبالنسبة لي فإن المنشد هو من يؤدي نشيد في مناسبة دينية أو وطنية . كيف تتعامل مع الأغنية وأنت لديك حكم مسبق على المنشدين والمطربين؟ - الفن بالنسبة لي ليس له وطن يصطبغ ببعض خصوصياته الجغرافية،تجتمع في رحمه جميع الأعراق والشعوب والحضارات والأجناس،قاسمه المشترك هو الجمال والحب والسلام،بهذا فقط يكون الفن رسالة جامعة للشتات الإنساني وهو مزيج من التراث المشترك في اللغة والدين والأدب ،لذلك أعود لأكرر القول أنه لاينبغي الفصل بين الغناء الديني والغناء العام،لأن المطرب في كلا اللونين يغرف من وعاء واحد هو الجمال الحب والسلام. هل تعتقد فعلا أن المنشد أو كلمة الإنشاد لاتدخل ضمن تعريف المطربية الفنية؟ - طبعا،لأن الإنشاد في مفهومي أنا هو نوع من الألحان البسيطة والإيقاعات ذات الشعر البسيط أو المتواضع الذي غالبا يكون من بحر الرجز أو المتقارب التي تستعمل في أناشيد الأطفال والكشافة ودور الشباب أو مايراد أن يحفظه العامة فيكون سهلا كنشيد وطني أما ما نؤديه نحن فهو غناء الموشح والمونولوج والأوبرا والطقطوقة والقدود،فهل هذه الطبوع تسمى نشيدا؟ . أرجو عدم تسويق مفاهيم خاطئة بحصر الفن الإسلامي في الصوت والدف. بماذا ينصح رشيد غلام الشباب المتوجه إلى مجال الإنشاد؟ - ضرورة الانفتاح على الألوان الغنائية كاملة ولا يقتصرون على هذا القالب الذي تسوق له بعض القنوات عبر التشهير للمسابقات وهو في مضمونه لايخدم الفن الإسلامي في شيئ ،بل يسوق وهم البترودولار. ماذا تقصد من هذا الكلام؟ - أقصد المسابقات المغرية التي تسوقها القنوات الإعلامية الخليجية على الخصوص والتي توزع فيها ألقابا خيالية للمواهب الشابة التي تغتر بالهالة التي تحيطها،أنا شخصيا لست مقتنعا بهذا المنتوج،ولا أعترف بالمسابقات التي تقف وراءها جهات ترصد أموالا ضخمة من عائدات البترودولار، فالشباب عليه أن يتفطن لهذا ولايرهن نفسه بالألقاب الظرفية زائلة. و لكن أنت بدأت كمنشد، فلماذا هذا التحول؟ -لالا،أنا لاعتبر هذا تحولا لأن ماحصل في بدايتي الاولى كان مجرد انبهار واندفاع نتيجة الظروف التي أحاطتني في ذلك الوقت مثل أي هاو يلقى التشجيع والدعم،ثم شيئا فشيئا بدأت أعي بأن الفن أكبر من أن يحصر في خانة ضيقة،زيادة على ذلك فإن كل مانؤديه من غناء إذا كان ضمن الحدود والقواعد المتعارف عليها تسبح بالجمال والحسن والحب والسلام فهي أغنية عامة تخدم البشرية،أما ماعدا ذلك فهو يخرج عن إطار الطرب. المعروف عنك أنك معارض سياسي ومن الفاعلين في حركة العدل والإحسان المغربية،كيف تفسر لنا انفتاحكم على المشهد الفني؟ -أنا مطرب ولست منشد حتى أرهن نفسي بلون فني واحد،وأؤمن بضرورة إخراج روحانية المسجد إلى الفضاء العمومي ،المسرح،السينما،الأوبرا..والمسرح والمسجد هو الجامع، وإذا اصطحبت هذا إلى الجامع معناه أني أجتهد أن يكون الإبداع جامعا للإنسان على الله في تلاوين الحياة،لذلك فإنما ضمن هذا الإطار ملتزم بحدود الديني والدنيوي.