شهد أمس، الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية مركز قسنطينة، فوضى عارمة أثناء عمليات بيع الكتب المدرسية، تتجسد في تشكل طوابير من الأشخاص لم يحترموا خلالها البروتوكول الصحي، وتمثل سبب الإقبال الكبير في نفاد الكميات المخصصة للبيع في المكاتب الخاصة من جهة، وجهل المواطنين بتخصيص 19 نقطة لبيع الكتب في ولاية قسنطينة من جهة أخرى. وعرف الطريق المؤدي من حي بوالصوف باتجاه وسط مدينة قسنطينة، حركية كبيرة، ليصل الأمر إلى تشكل ازدحام مروري، بسبب العدد الكبير من المركبات المركونة بمحاذاة الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية الكائن مقره في مدرسة بن الرشد سابقا، فيما كان عدد المتوجهين إلى هذا المركز من المارة كبيرا، وخاصة القادمين من محطة الحافلات القريبة منه. وقبل الوصول إلى باب المركز، كان عدد كبير من المواطنين يحملون عددا من الكتب بين أيديهم، وعلامات الرضا بادية على وجوههم بعد تمكنهم من اقتنائها، رغم مظاهر التعب التي بدت عليهم جراء الوقوف في طوابير لفترة تجاوزت 4 ساعات. و تجسدت مظاهر الفوضى مباشرة عند دخول المركز، رغم توفر عناصر الشرطة الذين يقومون بتحرير حركة المرور، وكذا بتنظيم حركة المواطنين الراغبين في اقتناء الكتب، خاصة وأن الطوابير كانت طويلة فيها أكثر من 10 أشخاص، فيما تواجد البعض من الأشخاص وسط الساحة وهم في حيرة من أمرهم، حول الالتحاق بالطابور أو المغادرة والعودة في وقت لاحق. وشكل عشرات الأولياء طابورين، الأول مخصص للراغبين في شراء كتب الطور الابتدائي، فيما خصص الثاني للطورين المتوسط و الثانوي، يتكونان من شيوخ وعجائز ورجال ونساء، جلهم لم يحترموا البروتوكول الصحي المعمول به منذ قرابة سنتين، حيث لم يحترموا مسافة التباعد الاجتماعي، كما لم يضع العديد منهم الكمامات. البقاء لفترة من الزمن جعلنا نتأكد من الفوضى التي تجرى فيها عمليات البيع، حيث نسمع بين الحين والآخر، احتجاجات قوية تتمثل في أصوات مرتفعة وصراخ، صادرة من مواطنين يقفون في الطابور، متهمين القائمين على تنظيم عمليات البيع، بتوسطهم لبعض معارفهم من أجل اقتناء الكتاب والمرور مباشرة إلى مكان البيع دون انتظار دورهم. وكان جل من تواجد في الطوابير يستفسر عن أسعار الكتب، فيما لم يكن جلهم يعلم بتخصيص 19 نقطة لبيع الكتب المدرسية في المكاتب الخاصة موزعة على عدة بلديات في قسنطينة، رغم تعليق مناشير عند مدخل المركز تشير إلى أسعار الكتب للأطوار التعليمية الثلاثة، فيما علقت أخرى بها تحدد نقاط البيع. وأجمع المتحدثون، أن الفوضى تعم عملية البيع، خاصة وأنهم تعودوا في السنوات الماضية على اقتناء الكتب من المؤسسات التربوية، بكل سهولة، إلا أن تغيير هذا الإجراء، جعل البعض منهم يتغيب عن عمله من أجل اقتناء 5 كتب. و أكد كهل يقطن في وسط مدينة قسنطينة، أنه تنقل لاقتناء الكتب من هذا المركز، بعد أن توجه قبل أيام إلى مكتبة تقع في شارع عواطي مصطفى، إلا أنه وجد أن صاحبها يعتمد أسعارا مرتفعة غير تلك الرسمية، وعند استفساره، رد البائع أن هامش الربح المحدد له ولبقية أصحاب المكتبات لا يزيد عن 8 بالمئة، ورفعها ب10 بالمئة ليصل هامش الربح إلى 18 بالمئة، معتبرا هامش الربح عند البيع بالأسعار الرسمية ضئيلا جدا، وأوضح المتحدث أن إجمالي قيمة الكتب المدرسية التي اقتناها يبلغ 1980 دج فيما يطالب صاحب المكتبة بمبلغ 2200 دج. تحدثنا مع شاب يقطن في مدينة الخروب، تمكن من اقتناء الكتب المدرسية بعد عناء طويل حسبه، وعند استفساره عن سبب عدم اقتنائها من نقطة البيع المحددة في الخروب وهي مركز الديوان الواقع بنهج رشيد بن يحيى، رد بأنه لم يكن يعلم، كما أنه قرر اقتناء الكتب بعد أن كان مارا صدفة على مركز «البوليغون» بما أنها متوفرة. وقال شيخ آخر، إنه قدم من المقاطعة الإدارية علي منجلي، ولم يتمكن أيضا من اقتناء الكتب من علي منجلي رغم تخصيص 4 نقاط كاملة، لأن الطلب عليها سيكون كبيرا، بحكم العدد الكبير للسكان في المدينة الجديدة، مضيفا أنه تعود خلال السنوات الماضية على شراء الكتب من هذه النقطة، إلا أنه لم يسبق له وأن صادف هذه الفوضى. وأضاف المتحدث أنه قدم لاقتناء الكتب لحفيديه، الأول يدرس في الابتدائي والثاني في المتوسط، إلا أنه لم ينجح في ذلك، بما أنه تواجد في الطابور لفترة طويلة، من أجل اقتناء الكتب، إلا أنه علم بأن الطابور مخصص فقط لكتب الطور الابتدائي، فما سيكون ملزما بالوقوف مرة أخرى في الطابور الثاني من أجل اقتناء كتب الطور المتوسط، إلا أنه أجل العملية الثانية إلى وقت لاحق.كما قال بعض المواطنين القاطنين في حي بودراع صالح، إنهم صالوا وجالوا كل المكاتب المعنية بالبيع الواقعة في وسط مدينة قسنطينة، إلا أنهم لم يجدوا الكتب المدرسية متوفرة، ما جعلهم يقصدون هذا المركز، فيما كنا نقوم بمحاورة بعض الأشخاص، سمعنا سيدة تتحدث بصوت عال، وهي في حالة غضب موجهة كلماتها إلى عون الأمن الذي كان يشرف على عملية التنظيم، متهمة إياه بتسهيل مهمة بعض الأشخاص في اقتناء الكتب دون غيرهم، واصفة طريقة البيع «بالفوضوية» ومعتبرة إياها «مهينة» لشخصها، خاصة مع عدم تطبيق الإجراءات الصحية. وأوضح كهل يقطن في ولاية سكيكدة ويعمل في ولاية قسنطينة، أنه قدم إلى هذا المركز بعد نفاد كميات الكتب في المكاتب الخاصة الواقعة في وسط مدينة قسنطينة، مضيفا أن أصحاب المكاتب هم من قاموا بتوجيه الأولياء إلى هذا المركز. وأجمع الأولياء، أنهم يعانون كثيرا من أجل اقتناء الكتب، خاصة وأن البعض منهم يقف في الطابور لمدة تزيد عن 4 ساعات، وأضافوا أن الطابور تشكل قبل الساعة الثامنة صباحا، فيما أكد البعض منهم أنهم يجدون صعوبة في التعرف على عناوين المكاتب وخاصة بالنسبة للقاطنين في علي منجلي، معللين ذلك باتساع رقعة الوحدات الجوارية في علي منجلي، فيما غادر الكثير منهم مباشرة بعد علمه بتوفر بعض المكتبات المعنية بالبيع قريبة من مقرات سكناهم.وعند مغادرتنا لاحظنا أن عدد المتوافدين في تزايد مستمر، حتى أن العدد تضاعف في الساعة الثانية بعد الزوال، وحاولنا أخذ رد من مدير المركز إلا أنه تعذر علينا ذلك، بعد أن أجّل استقبالنا في الفترة الصباحية بحجة أنه يراجع حسابات بيع الكتب، فيما لم نتمكن من مقابلته عند عودتنا في الفترة المسائية. حاتم / ب