الإصلاحات لم تكن تسويقا للخارج ومسألة الحدود مع المغرب ستحل بما يرضي الطرفين أكد وزير الخارجية مراد مدلسي، بان العديد من الدول الأجنبية "غيرت نظرتها تجاه الجزائر منذ إطلاق الإصلاحات السياسية"، وقال مدلسي في حديث إذاعي أمس، أن هذه الدول لم تعد "تتحدث عن الاستثناء الجزائري من الربيع العربي بل على خصوصيات الجزائر التي مكنتها من تجاوز هذه الأحداث" . وأضاف بان الأجانب اقتنعوا بان لكل دولة في المنطقة خصوصيتها، بحكم الأحداث التي مرت بها كل دولة، مشيرا بان الشعب الجزائري هو الذي صنع "الاستثناء الجزائري من أحداث الربيع العربي". وقال بان اللقاءات التي جمعته مع عديد المسؤولين الأجانب، كشفت وجود تحول في مواقف هذه الدول، بعد اعتماد الجزائر طريق الإصلاحات السياسية، وقال بان هذه الإصلاحات دفعت كل المتحفظين على مسيرة الجزائر إلى مراجعة مواقفهم ودعم المسار، وهو ما ظهر جليا –حسبه- من خلال تصريحات المسؤولين الأجانب الذين زاروا الجزائر. وأكد مدلسي، بان الحكومة "لا تبحث على إقناع الأجانب بجدوى الإصلاحات لأن الأهم هو إقناع الجزائريين" وأضاف "لسنا بحاجة إلى رأي الأجانب فقط بل يهمنا موقف الجزائريين"، وأضاف يقول "الأهم أن يشعر الجزائريون بان هناك حركية جديدة ونفس جديد" وهي العوامل التي ستحفزهم على المشاركة القوية في الانتخابات المقبلة. واعتبر مدلسي، بان العديد من الدول تراقب عن قرب مجريات الانتخابات التشريعية المقررة في ماي، بسبب الأحداث التي عرفتها المنطقة العربية، وصعود التيارات الإسلامية في الدول المجاورة، وأضاف بان فوز الإسلاميين في الانتخابات التي جرت في بعض الدول العربية، أثار اهتمام المجموعة الدولية، التي تتابع ما سيحققه هذا التيار في الجزائر، مشيرا، بان الأوضاع في الجزائر مختلفة عما جرى في الدول الأخرى، بحكم أن التيار الإسلامي في الجزائر مرخص له عكس الدول الأخرى التي كانت التيارات الإسلامية محظورة وممنوعة من العمل السياسي. كما تحدث مدلسي، عن العلاقات الجزائرية مع فرنسا، وقال بان هذه العلاقات تسير نحو الأفضل، مشيرا بان البلدين يطمحان إلى تطوير هذه العلاقات لتتحول إلى امتياز، كما استعرض مدلسي التحول الكبير الذي عرفته العلاقات الجزائريةالأمريكية، مقارنة مع ما كانت عليه بداية الألفية، وتحدث عن قفزة نوعية في العلاقات من الناحية السياسية والتعاون من اجل محاربة الإرهاب والتعاون في الأقطاب الأخرى وخاصة الطاقة والاستثمارات خارج المحروقات، وقالت بان هذا التطور وضع أمريكا على رأس قائمة الشركاء التجاريين للجزائر، واعتبر بان زيارة كاتبة الدولة الأمريكية هيلاري كلينتون إلى الجزائر كانت جد ايجابية، بحيث مكنت المسؤولين الأمريكيين من الاطلاع على مضمون الإصلاحات، وأضاف بان الفكرة السائدة لدى الأمريكيين حاليا هي أن الجزائر بخير. 500 مراقب دولي وملاحظين أمريكيين في التشريعات وبخصوص الاستعدادات لاستقبال الملاحظين الدوليين المكلفين بمتابعة التشريعات، قال مدلسي بان كل الإجراءات قد اتخذت لاستقبال وفود المراقبين الدوليين الذين سيتابعون الانتخابات والمقرر أن يصل عددهم إلى نحو 500 مراقب يمثلون عدة منظمات إقليمية، مشيرا بان الجزائر ستوقع قريبا مذكرة مع الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى استقبال ملاحظين من المعهد الديموقراطي الأمريكي ومركز "جيمي كارتر". وبخصوص تصويت الجالية الجزائرية المقيمة في كندا، قال مدلسي، بان عملية التصويت ستتم على مستوى المراكز القنصلية، واعترف مدلسي بإمكانية ظهور"بعض الصعوبات مقارنة بالسابق" بالنسبة لتصويت أعضاء الجالية الجزائرية المقيمين في كندا، وكشف عن أن اتصالات قال إنها لازالت مستمرة مع السلطات الكندية لإيجاد حل "يمكن الجالية الجزائرية في هذا البلد من مشاركة قوية ومشرفة في الانتخابات التشريعية القادمة". كما تحدث مدلسي، عن الجهود المبذولة لإحياء اتحاد المغرب العربي، وقال بان الظروف الحالية مواتية لإنعاش فكرة الاندماج المغاربي، وقال بان الدول المغاربية أبدت رغبة قوية لإنعاش جديد لاتحاد المغربي العربي، مشيرا إلى الاجتماع الأخير لوزراء خارجية المغرب العربي في الرباط، أين تم بحث منهجية عمل، وتم الاتفاق على عقد قمة على مستوى القادة خلال السداسي الثاني من هذه السنة، مشيرا بان كل دولة مدعوة لتحضير الاجتماع، وقبل ذلك ستحتضن الجزائر اجتماعا لوزراء خارجية المغرب العربي، في افريل القادم لبحث الملف الأمني. وسيتم خلاله بحث الآليات التي تعزز العلاقات بين الدول الخمسة بالنسبة للملف الأمني وهي خطوة أولى قبل خطوات أخرى لبحث أفاق هذا الاندماج المغاربي في أقطابه السياسية والاقتصادية والإنسانية وبخصوص العلاقات بين الجزائر والمغرب، قال الوزير بان هذه العلاقات تشهد "إنطلاقة جديدة من التعاون الثنائي يشمل أغلب القطاعات". وأوضح في رده عن سؤال حول فتح الحدود البرية بين الجزائر والمغرب أن "هذه القضية موجودة في ذهن الجميع وأنها ستدرس في سياق التطورات الشاملة التي تعرفها العلاقات بين البلدين وستجد حلا يرضي الجميع". مشيرا بان هذا الملف لم يدرج خلال المشاورات التي جمعته مع المسؤولين المغاربة. الجزائر متمسكة بالوحدة الترابية لليبيا ومالي وفيما يتعلق بالوضع في منطقة الساحل إعتبر الوزير أن الأزمة الليبية "زادت في تعقيد الوضع خاصة مع انتشار الأسلحة وتهريب الأموال" مشيرا إلى أن الجزائر وانطلاقا من هذا الوضع الجديد "أخذت زمام المبادرة التي سمحت لها بإقناع شركائها الدوليين بأن قضية أمن الساحل تخص بلدان المنطقة بالدرجة الأولى". وجدد وزير الشؤون الخارجية تمسك الجزائر بالوحدة الترابية لكل من ليبيا ومالي على إثر التطورات التي شهدها هذان البلدان في المدة الأخيرة. وأوضح مدلسي أن "ليبيا اليوم بصدد إنشاء مؤسسات جديدة لكن أولوية الأولويات هي قضية الأمن وبالتالي كان من الضروري أن تكون الجزائر موجودة لإرساء تعاون ملموس وفعال من شأنه مساعدة هذا البلد الشقيق على استعادة أمنه واستقراره". وذكر في هذا الصدد أن وزراء خارجية إتحاد المغرب العربي كان لهم لقاء على هامش الاجتماع الوزاري للجامعة العربية مؤخرا بالقاهرة وأصدروا بيانا أكدوا فيه على ضرورة إحترام وحدة الأراضي الليبية" مشيرا إلى أن موقف الجزائر "يعزز هذه الوحدة" لأن هدف الثورة الليبية —كما قال— كان "تقوية الوحدة الليبية وليس العكس". وأكد أن التعاون بين الجزائر وليبيا "دخل في مرحلة ملموسة ونحن ننتظر أن يتعزز هذا التعاون أكثر في الأسابيع القادمة تكريسا للروح الأخوية الموجودة بين الشعبين الشقيقين إنطلاقا من الإرادة السياسية القوية التي تحدو قادة البلدين".