أكد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، أن مبادرة الرئيس عبد المجيد تبون، للوساطة بين روسيا وأوكرانيا مساهمة جدية وفعلية في المساعي الحميدة الرامية لإنهاء الأزمة الأوكرانية، وجدد تمسك الجزائر- وهي تتأهب لشغل مقعد غير دائم بمجلس الأمن الدولي- بكل القيم والمبادئ التي قامت عليها منظمة عدم الانحياز في الظرف الدولي الحالي. و توقف وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج في كلمة له أمس بعاصمة أذربيجان باكو، خلال الاجتماع الوزاري لحركة عدم الانحياز، عند الظروف الدولية الحالية، حيث قال إن الساحة الدولية تشهد اليوم تصدعات متسارعة وتوترات متزايدة وسط حالة من الاستقطاب الحاد تشكل مصدر قلق كبير بالنظر لتداعياتها العميقة على مختلف مناحي الحياة الدولية. وأضاف بأن العولمة السعيدة كما وصفت في تراجع، والترابطية لم تعد السمة الأولى للتعاون الدولي، ومنظومة الأمن الجماعي في تأزم مضطرد، وأطر الشراكات متعددة الأطراف قد انتابها انتعاش الأنانيات والتشكيك في الغير والانكماش على الذات، ومنظمة الأممالمتحدة لم يعد بإمكانها توفير الملجأ وضمان السند للمعوز و المغبون و المضطهد. و في نفس الاتجاه أوضح بأن هذا الوضع يستوقف الجميع لتأكيد التمسك الجماعي بالمبادئ الأساسية و المثل العليا التي قامت عليها حركة عدم الانحياز واتخذت منها روافد صلبة وجعلت منها مصدر إلهام ثابت وعلة وجود لا تزعزع والتي أثبت راهن الوضع الدولي العام مدى رجاحتها وصوابها. و منه وفي ظل هذه الظروف الدولية أكد عطاف أن الجزائر التي تتأهب لشغل مقعد غير دائم بمجلس الأمن بفضل دعم ومساندة أشقائها وأصدقائها من الدول الأعضاء في منظمة عدم الانحياز «تؤكد التزامها بكل هذه القيم والمبادئ التي تشكل مرتكزا لمواقفها المتزنة والمتوازنة إزاء مختلف التطورات الإقليمية والدولية، وتمثل في ذات الحين منبعا لجهودها ومبادراتها الرامية للمساهمة في نشر الأمن والاستقرار». ومن هذا المنطلق – يشدد عطاف- جاءت «مبادرة الرئيس عبد المجيد تبون للوساطة بين روسيا وأوكرانيا كمساهمة جدية وفعلية في المساعي الحميدة الرامية لإنهاء هذه الأزمة عبر بلورة وترقية حل سلمي يضمن إعلاء مبادئ ومقاصد الأممالمتحدة واحترام الشواغل الأمنية لطرفي النزاع اللذين تربطهما بالجزائر أواصر صداقة تاريخية أصيلة». وفي ذات السياق تكثف الجزائر- يضيف وزيرنا للشؤون الخارجية- تعاونها مع شركائها الدوليين للتخفيف من وطأة التداعيات التي خلفتها هذه الأزمة العالمية لا سيما في شقها المتعلق بالطاقة، وذلك عبر مواصلة وتقوية دورها كممون موثوق وذي مصداقية عالية أكيدة. وعلى الصعيد الدولي أكد أحمد عطاف أن الجزائر تؤمن ألا مناص من الانخراط بصفة جماعية وبطريقة فعلية في العمل الدولي متعدد الأطراف لبلورة حلول مشتركة وشاملة تعود بالخير والمنفعة على البشرية قاطبة. وبالمناسبة جدد المتحدث مقاربة الجزائر ورؤيتها للأوضاع في المحيط الإقليمي بكل ملفاته، مؤكدا أن قناعتها تبقى راسخة أنه لا يمكن مواجهة التحديات متعددة الأبعاد التي ترمي بثقلها على منطقة الساحل الصحراوي دون تفعيل العلاقة الترابطية الوثيقة بين الأمن والتنمية، وهو ما تسعى الجزائر للمساهمة في تجسيده، ولو بالقسط المتواضع عبر عديد المشاريع التنموية التي أقرت لفائدة عدد من الدول الإفريقية الشقيقة. وفي نفس الإطار تواصل الجزائر مساعيها لإعادة تفعيل مسار تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر، ومساندتها للمسار السياسي الذي ترعاه الأممالمتحدة في ليبيا تحضيرا لتنظيم انتخابات حرة في هذا البلد تستجيب لتلطعات الشعب الليبي، و في السودان فهي تدين بأشد العبارات تواصل الاقتتال بين الأشقاء في و تدعو إلى هبة دولية يشارك فيها أبرز الفاعلين الدوليين للدفع بآفاق الحل السلمي لهذه الأزمة وإخراج السودان من دوامة العنف والانقسام. وبالنسبة لقضيتي الشعبين الفلسطيني والصحراوي شدد عطاف على أن مسيرة حركة عدم الانحياز الناصعة بأبهى صور التضامن مع الشعوب المضطهدة والمستعمرة والمليئة بأقوى المواقف في مناصرة القضايا العادلة عبر العالم « تملي عليها اليوم مواصلة وتكثيف دعمها لقضيتي فلسطين والصحراء الغربية في وجه ما تتعرض له هاتان القضيتان من محاولات الطمس والتشويه والتدليس والتغليط».وفي هذا الصدد أشاد باسم الجزائر بالمواقف المبدئية التي تم تضمينها في مشروع البيان الختامي للاجتماع الوزاري لحركة عدم الانحياز من حيث أنها تدعم بكل وضوح وبكل شفافية حقوق الشعبين الفلسطيني والصحراوي غير القابلة للتصرف أو التقادم وفقا لقواعد القانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة. وفي الختام لفت عطاف إلى أن المرحلة الدقيقة التي يمر بها العالم اليوم وما تحمله من تحديات وتعقيدات، تعيد إلى الأذهان ظروف نشأة حركة عدم الانحياز ومسيرتها التاريخية وهو ما يفرض تسليط الضوء من جديد على الدور المنوط بدولها ككتلة متجانسة، التي يقع عليها مضاعفة جهودها من أجل ترقية علاقات دولية متوازنة وسلمية يسودها الاحترام بين الأمم في كنف القيم والمبادئ المكرسة في ميثاق الأممالمتحدة.