أحيت مواقع التواصل الاجتماعي من جديد، رمز المقاومة الشهير حنظلة، الذي رسمه الكاريكاتيري الراحل ناجي العلي، وأمام الأحداث التي يشهدها القطاع المحاصر منذ السابع من أكتوبر، وتواصل العدوان الصهيوني على سكان القطاع، زاد حجم المحتوى المتعلق بالقضية الفلسطينية على مواقع التواصل وأعاد شباب بعث بعض الرموز التي يعلمها جيل ويجهل قصتها جيل آخر عن شخصية حنظلة رمز النضال و العودة. وتداول فنانون وكُتاب ومثقفون، ومهتمون بالقضية الفلسطينية، مؤخرا مع أحداث القصف الإسرائيلي، رسومات كاريكاتيرية للتعبير عما يحدث في غزة من أحداث مؤلمة، يعيشها الشعب الفلسطيني، كما أعادوا مشاركة معلومات في شكل نصوص وفيديوهات عن رمز المقاومة « حنظلة»، فيما رسم البعض نموذجا لشخصية الطفل باعتماد تقنية الذّكاء الاصطناعي. كما راجت على مواقِع التّواصل مُقتطفات وصُور، تُظهر فتاة صغيرة وهي ترسم الشخصية بطبشور أبيض على صبورة القسم، وأُستاذة تعرِض من جهاز حاسُوبِها صورة الطفل خلال حصة تعليمية، وغيرها من الصور التي تعرف بالشخصية وتغرسها في أذهان الجيل الجديد، حتى تظل قائمة كرمز من رموز الصمود والمقاومة. وظهرت شخصية حنظلة إلى التاريخ أول مرة سنة 1969، بعد أن رسمتها ريشة الكاريكاتيري الفلسطيني الراحل ناجي العلي بجريدة السياسة الكويتية، و هي عبارة عن طفل يدير ظهره للعالم، جامعا يديه خلف ظهره، مرتديا ملابِس بالية، تعكس العوز والحاجة والفقر الذي تعيشُه الشخصية، ويُمثل الطفل حنظلة، نموذجا مصغرا عن ناجي العلي وهو يهم بمغادرة الأراضي الفلسطينية، ولم يكن ليكبر حتى يعود ناجي إلى أرض الوطن، وقد ظلت هذه الشخصية بمثابة توقيع اتخذه الفنان في جل أعماله ولوحاته، وقال عنه « وُلِد حنظلة في العاشرة من عمره، وسيظل دائما في العاشرة، ففي تلك السّن غادر فلسطين، ويوم يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما أن فقدان الوطن استثناء». وواصل ناجي العلي واصفا عمله، بأنه كتّف الشخصية بعد حرب أكتوبر 1973، كون المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة، وجاء ذلك التفصيل كدلالة على رفض المُشاركة في حلول التّسوية الأمريكية في المنطقة، فهو ثائر وليس مطبِّعا، ليظل هذا الطفل المكتف حاضرا في أذهان الفلسطينيين على مر السنين، يتداولُونه في رسوماتهم، ومنشوراتهم ومختلف الصور والفيديوهات التي يُشارِكونها على مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى بأعمالهم الكاريكاتيرية المختلفة، ما أسهم في ترسيخ حنظلة كتعبير عن موقف الكثيرين حول مستجدات القضية، تعبيرا عن رفض حلول التسوية والاتفاقيات والأنظمة وسياسات الداخل والخارج. ورغم أن ناجي العلي، قد رسم نحو 40 ألف كاريكاتير خلال حياته، أشهرها « فاطة» رمز المرأة الفلسطينية القوية و « الرجل الطيب» رمز الفلسطيني المشرد المقهور والمناضل المكسور أحيانا، والتي جاءت كلها من باب السخرية والكوميديا السوداء، إلا أن حنظلة ظل الأشهر، وقد طرح عليه يوما سؤال عن سبب عدم رسمه لوجه الشخصية فقال، بأنه سيرسمها يوم العودة. ومما تداوله رواد المواقع، « أن لحنظلة وجه آخر يُعبر عن الطفل الفلسطيني الذي يمثل عصب القضية الفلسطينية وشعبها، كونه طفل يواجه الاحتلال ويواجه مصاعب الحياة تحت سلطة المحتل المستبد، وهو علامة ثابتة تضاف إلى العلم الفلسطيني والكوفية والحجارة، لأنه قد تجاوز القضية المحدودة إلى دلالات إنسانية أوسع. ومن خلال ما يتم تداوله في المواقع، فإن حنظلة لم يعد مِلْكًا لناجي العلي وحده بل تحول إلى عنوان دائم لفلسطينيي المخيمات، داخل أرض فلسطين وخارجها وهو لا يشير فقط إلى فلسطينيي الشتات في مشرق الأرض ومغاربها، بل يشير إلى الفلسطيني المُقاوِم والمتشبث بمشروعه في تحرير الأرض والتاريخ والإنسان حتى عندما يبقى وحيدًا أعزل. فحنظلة اليوم هو عنوان الفلسطيني، المتطلع إلى خلاص يُمكِّنه من استرجاع أرضه وتحريرها، بالرغم من كل ما آلت إليه أوضاعه العامة، وأوضاع محيطه العربي منذ ثلاثة عقود من الزمن، وقد نشرت رسومات أخرى، تُظهر حنظلة ملتفتا وهو ينظر للمقاومة والعالم بعينه اليسرى فقط، وكأنه غاضب رافض لما يحدث، ولما تعيشه الأراضي الفلسطينية من ظلم، حتى أن هناك من استخدموا الذكاء الاصطناعي ليغيروا الصورة، وأظهروا الفتى حاملا للسلاح متحدثا بالعربية تارة والإنجليزية تارة أخرى في فيديوهات تفاعلية، ومدافعا عن القضية الفلسطينية ومبشرا بالثورة.