أدانت مختلف الهيئات بدولة فلسطين، استهداف الكيان الصهيوني للمسجد العمري الكبير بالبلدة القديمة وسط مدينة غزة، و رفعت تقارير بالجملة داعية لتدخل «اليونيسكو» لوضع حد لسياسة تدمير المعالم التاريخية والأثرية في المدينة و الحفاظ على الكنوز الأثرية المتبقية في القطاع. وجاء تنديد هيئات الثقافة والسياحة و الآثار و البلدية بغزة، عقب استمرار سياسة تدمير المواقع التاريخية بالقطاع، خاصة استهداف المسجد العمري الكبير، الذي يصنف كأحد أبرز المعالم الإسلامية والتاريخية بحسب ما تضمنه التقرير الأولي الثاني حول أضرار القطاع الثقافي الصادر عن وزارة الثقافة الفلسطينية أول أمس، و الذي أوضح أن طائرات الاحتلال الإسرائيلي قد استهدفت المسجد و قامت بتدمير مئذنته التي يعود تاريخ بنائها إلى 1400 عام، كما أنه يعد الجامع الأكبر في القطاع ككل، و تبلغ مساحته 4100 متر مربع، فيما تبلغ مساحة البناء 1800 متر مربع. وزارة الثقافة الفلسطينية نددت أيضا، باستهداف الموروث الثقافي الواضح، و ذلك بعد قصف مسجد «عثمان بن قشعار» الأثري في البلدة القديمة بغزة، ما أدى لوقوع إصابات في أوساط المواطنين، و إلحاق أضرار مادية بالمنازل المجاورة بعد تهديم المسجد الذي كان قد تأسس سنة 620 للهجرة، و يعد من أقدم المساجد و الأعيان الأثرية في القطاع و يتواجد بحي الزيتون شرق المدينة و يجاور مسجد العمري، كما أكد بيان الوزارة الذي تم نشره عبر حسابها الرسمي على موقع فيسبوك، قصف الكيان الصهيوني لثمانية متاحف كمتحف رفح الذي كان يحوز على أدوات متعلقة بالتراث الفلسطيني القديم، إلى جانب متحف القرارة الثقافي الذي تأسس سنة 1958، إذ أدى القصف لتحطيم معظم أجزائه و كذلك متحف خانيونس و متحف العقاد و شهوان و متحف الخضري، مع استهداف واضح للكنائس كقصف و تدمير كنيسة القديس «برفيريوس» التي تعد ثالث أقدم كنيسة في العالم و تصنف من أقدم المعالم الأثرية المسيحية، و تضرر جامع السيد هاشم، و قصف جامع كاتب ولاية، وسوق الزاوية التاريخي و بيت «السقا» و بيت «ترزي، و قلعة برقوق وتل رفح و مبنى بلدية غزة التاريخي و غيرها من المباني. وذكر وزير الثقافة الفلسطينية عاطف أبو سيف، في التقرير، أن الكيان الصهيوني و كعادته يستهدف الحياة الثقافية في البلاد كجزء من الحرب التي تهدف في جوهرها إلى استكمال مخطط النكبة الذي بدأ عام 1948، معتبرا إياها سياسة تقوم على حرب على الرواية من أجل سرقة البلاد وما فيها من قيمة غنية بآثارها و كنوزها المعرفية و التاريخية والحضارية و ما عليها و عنها من حكايات، مؤكدا أن القصف طال كل مكونات التاريخ و الحاضر في قطاع غزة من المباني تاريخية إلى الكنائس و المؤسسات الثقافية و المتاحف، و أدى لسقوط شهداء من أبناء القطاع، مؤكدا أنه و على الرغم من صعوبة تحديد الخسائر بشكل دقيق إلا أنهم يسعون لاستعراض ما تم الوصول إليه من أضرار بعد شهرين من الحرب على غزة. من جانبها، تحدثت رئيسة الهيئة الإدارية للجمعية الفلسطينية للمعالم والمواقع الأثرية التاريخية «إيكوموس» فلسطين، شيرين علان، للنصر عن تقرير مفصل استلمنا نسخة عنه، يحدد أماكن الضرر و المباني التاريخية المستهدفة طيلة فترة العدوان، بما يوثق أدلة تم توجيهها لمؤسسات حفظ التراث الثقافي العالمي و في مقدمتها «اليونيسكو»للتعجيل في التدخل لحماية ما تبقى من تراث مادي، مركزين في تقريرهم على تدمير مسجد العمري و مختلف المباني التاريخية و الثقافية مع تقديم أدلة توضيحية خلال الفترة الممتدة بين 24 نوفمبر و 30 نوفمبر 2023. أما وزارة الثقافة و الآثار الفلسطينية، فقد دعت منظمة «اليونيسكو» للتدخل العاجل للحفاظ على الكنوز الأثرية المتبقية في القطاع، بعدما أدى القصف الهمجي للكيان الصهيوني إلى تدمير و إلحاق الضرر بمعالم أثرية مهمة كأقدم كنيسة و آخر الحمامات الأثرية و المساجد التاريخية، منددة بما اعتبرته تدميرا ممنهجا لهذه المواقع من طرف جيش الاحتلال و جريمة تدفع العالم ككل و منظمة «اليونيسكو» بشكل خاص للتحرك السريع، في ظل استمرارالاحتلال في اغتيال التاريخ و آثار الحضارات التي مرت على قطاع غزة منذ آلاف السنين، موثقة تدميره لكل ما يتعلق بالتاريخ و الثقافة. بلدية غزة أيضا، أدانت استهداف الاحتلال للمباني التاريخية و التي كان آخرها مسجد العمري، الذي أطلق عليه هذا الاسم تكريما للخليفة عمر بن الخطاب، معتبرة أن تدميره يندرج ضمن العدوان الهمجي الإسرائيلي الذي لم يستثن المعالم الرئيسية في المدينة ضمن محاولاته لطمس المعالم الدينية و الوطنية التي تجسد رمز و هوية الشعب الفلسطيني، داعية منظمة الثقافة و العلوم التابعة للأمم المتحدة «اليونيسكو» إلى ضرورة التدخل و إدانة أفعال الاحتلال بحق الرموز و المعالم و التراث.