تحظى رياضة الحمام الزّاجل للسِّباقات في الجزائر، باهتمام كبير من قبل عشاق الطيور، الذين تجاوزوا هوس تربية الفِراخ الصغيرة إلى تدريب الحمام الزاجل منذ شهره الأول، للمشاركة في البطولات الوطنية التي تنظمها نوادي وجمعيات ناشطة في المجال، باعتماد تدريبات خاصة ونمط غذاء معين يحتوي حبوبا وأملاحا معدنية وفيتامينات ومكمِّلات غذائية، تُساعد الحمام على اكتساب لياقته البدنية في ظرف وجيز، حتى يكون جاهزا للمنافسة على لقب البطولة والظفر بالميداليات. رميساء جبيل يُتداول عبر مواقِع التّواصل الاجتماعي، بما في ذلك منّصات فيسبوك وتيك توك واليوتيوب، صُور ومقاطع فيديو، تُبرز مهارات المربّين في تدريب الحمام الزاجل على قطع مسافات مختلفة منذ صغره، بدءا بكيلومترات قليلة حتى يصل للأداء المطلوب. كما يُشارك مُدرِّبون جزائريون على صفحاتهم الافتراضية، معلومات قيمة عن كيفية انتقاء الحمام المطلوب للمنافسة على السباقات القصيرة والمتوسطة والطّويلة، مُرفقة بفيديوهات تفصيليّة للتمييز بين الأنواع بعد النظر إلى الجناح أو الرقبة وغيرهم، وكذلك طُرقا فعّالة في بناء علاقة جيدة مع الطيور وكسب ثقتهم، لضمان عودتهم إلى القفص أثناء المنافسة، فور سماعهم صوت الصفارة. حسب رئيس نادي الحمام الزاجل بالجزائر العاصمة، كازيت رشيد، وبطل للرياضة ثلاث مرات على التوالي منذ اقتحامه للمجال، فإن النشاط قديم جدا، ظهر في الحقبة الرومانية، ليتطور فيما بعد مع مرِّ السنين، ويتحول إلى رياضة عالمية، ذات شعبية كبيرة، يشارك فيها الصغار والكبار، ولها صدى أكبر بكل من هولندا وبلجيكا وألمانيا وبريطانيا، وارتبط اسم ملكة بريطانيا إليزابيث بتربية الحمام الزاجل، ناهيك عن اعتماده منذ القدم في إيصال الرسائل. رياضة فتية دخلت الجزائر حديثا لكنها على حد قول المتحدث، تبقى رياضة فتية شقت طريقها في الجزائر حديثا، إلا أنها لاقت استحسانا كبيرا من محبي الطيور والحيوانات، الذين استحسنوا المجال فاستثمروا فيه بمختلف ولايات الوطن على غرار وهران والعاصمة وتلمسان وسطيف، وهذا رغم مختلف العراقيل الموجودة حاليا وعدم الاعتراف به بعد، ما وقف حاجزا أمام المشاركة في المنافسات العالمية والبطولات الكبرى المنظمة خارج الجزائر، لعدم وجود اتحادية ومنسقين، وأوضح كازيت، أن الجزائر تضم عددا من النوادي والجمعيات الناشطة بالرياضة، التي بدأت في الظهور منذ ثلاث سنوات تقريبا، وهي تضم أصنافا مختلفة من الحمام، مضيفا أن الرياضة كانت في السابق تحت وصاية وزارة البيئة، لكن ملفات النوادي مؤخرا، حُوِّلت لوزارة الشّباب والرياضة. كما يقِفُ عائِقُ غلاء سعر وجبات الحمام والمكمِّلات الغذائية أمام نجاح هذه الريّاضة، فالمنتوجات المطرُوحة في السوق أوروبية، فسعر عشرين كيلوغرام من الحبوب الغذائية يتعدى 7500 دينار، وهو مبلغ يفوق إمكانيات المربي البسيط، ناهيك عن حاجة الحمام الرياضي للمكملات الغذائية والفيتامينات والبروتينات والأملاح المعدنية. مزادات لبيع الحمام وترقّبٌ للظفر بالأبطال وقال المتحدث كذلك، إنه على الراغب في ولوج المجال والتميز فيه، الظفر بالحمام البطل أو أحد خطوطه، من الذين سبق لهم الفوز في المنافسات الدولية والعالمية والظّفر بالمراتب الأولى في مختلف المسابقات، ويتم عرضهم عبر صفحات مواقع التواصل المعنية بالأمر، أو بيعهم في المزادات بأسعار تنافسية، بدءا من 10 مليون سنتيم، قائلا إن أغلى حمام زاجل قد بلغ سعره 130 مليار سنتيم، مضيفا، أن المربين الجزائريين على اتصال بأبطال الرياضة من مختلف البلدان، أين يتم تتبع وترقب إعلانات بيع الحمام الزاجل البطل أو أحد خطوطه من الأبناء أو الأحفاد، والحصول على شهادة النسل التي تحمل معلومات الطائر، وتعرِّف بشجرة نسله. وعند وصول الفراخ إلى المربي، يجمع الأنثى والذكر في بيت واحد للتزاوج، من أجل استمرار الخطوط، في حين يتم فصل الفرخ عن أمه عند إتمام الشهر، ويوجه إلى مكان مخصص للسباقات، حتى يعتاد على الأجواء المحيطة به، وبعد حوالي الأسبوع، يفتح القفص له ويسمح له بالخروج، ليضع خطواته الأولى ويجرب المشي والقفز خارج الوكر لمدة عشرة أيام، إلى أن يبدأ تدريجيا بالطيران على مسافات قريبة وارتفاع محسوب، وبمجرد بلوغه شهرين ونصف يصبح على استعداد لخوض السباقات بعد تدريب مكثف يخضع له متبوعا بعناية وحرص شديد. منافسات قائمة على قطع مئات الكيلومترات وأضاف محدثنا، أنه منذ انطلاق المنافسات الرياضية للحمام الزاجل، يكون حجل كل موسم بلون معين، وهذه السنة سيتم عالميا حجل الحمام المتسابق بالأصفر، وفي العادة تبدأ المنافسات بسباق الزغاليب الموجه للصنف الصغير، لاجتياز 200 كيلومتر، إلى أن ينضج ويكمل السنتين فيصبح قادرا على قطع مسافات طويلة تصل 1200 كيلومتر. ويوجد حسب رئيس النادي، 3 أصناف تدخل ضمن برنامج السباقات، منها سباقات السرعة التي تبدأ من 100 كيلومتر إلى 300 كيلومتر، وسباق النصف طويل المخصص لقطع مسافة من 300 إلى 450 كيلومتر، ثم الطويل من 100 إلى 600 كيلومتر، وسباقات الطويل الممتاز بمسافة من 900 إلى 1200 كيلومتر، ويطلق عليها سباق الماراتون، مشيرا، إلى منافسة جمعيات جزائرية في الموسم الفارط، على مسافتي 600 و 800 كيلومتر. بيع بالملايين في مزادات عالمية ويعرض الحمام البطل المتحصل على عديد الألقاب في المنافسات الدولية أو العالمية بمزاد أمام الراغبين في الظفر بالحمام الرياضي القادر على المنافسة وحصد الألقاب بنيله للمراكز الأولى في السباقات المختلفة، وفي الجزائر هناك مربين قاموا بإدخال الحمام الزاجل في السنوات السابقة، بعد اقتنائه من أبطال في أوروبا من هولندا وبلجيكا وألمانيا وحتى من ليبيا، من أجل تحسين السلالة وتطوير الإمكانيات، كما يتم اقتناء أبناء الحمام البطل، كون الرياضة تتطلب المشاركة بحمام زاجل بطل أو يحمل خطوط تعود للأبطال، مع العلم أن أسعارهم خيالية لا تقل عن عشرة ملايين سنتيم، فأغلى حمام بطل في أكبر مزاد عالمي وصل سعره إلى 130 مليارا. اسم الحمام الزاجل وخطوطه تحدد قدراته وصفاته ويحمل الحمام الزاجل البطل اسم مالكه ومربيه من الأبطال العالميين الكبار الذين لهم صيت وشهرة في هذا المجال، مثل آبون وفارلون وكوفمان و لوي هيرمان، وهي أسماء حققت شهرة واسعة في مسابقات داخل أوطانهم وخارجها وحتى بأكبر المنافسات العالمية، والملاحظ أنهم عندما يبيعون حمامهم يعطي نتائج جيدة خلال التزاوج، فينجبون أبناء وأحفادا يطلق عليهم الخطوط ولكل خط اسمه، فعلى سبيل المثال هناك حمامة تدعى كيدن، وتعود للبطل البلجيكي في سباق الدراجات النارية، ومعروف بأنها قوية وأبناءها وأحفادها جيدين ومناسبين لاجتياز المنافسات، وهي معروفة عالميا، كما هنالك حمام المربي فينيسترا المشهور عالميا، والذي أطلق على خط حمامه البطل الأصلي اسم رولاكس. هكذا نعتني بالحمام الزاجل وهذا نمط تدريبه ولكل حمام زاجل ميزاته الخاصة ومواصفاته التي كسبها في جيناته الوراثية، التي انتقلت إليه من الحمام البطل الأول، ويتم التعرف عليها حسب المتحدث، من خلال شهادة نسله، فالحمامة التي تأتي من أب وجد معروفين بالسرعة تتميز هي الأخرى بالسرعة والقدرة على الطيران لمسافات بعيدة، فالسلالة العالمية المعروفة بكيتنا على سبيل المثال، وهي منتشرة عبر أنحاء العالم، يعرف أن أبناءها وأحفادها أبطال في سباقات السرعة، لهذا نجد أنواع مختصة في سباقات السرعة، وأخرى بالمسافات المتوسطة أو الطويلة، ويتم تمييزهم من الجناح فالكبير بطل في المسافات الطويلة، أما القصير فبطل في منافسات السرعة. وأوضح رئيس النادي، أنه من أسرار المجال، اعتياد أذن الطائر على صوت الصفارة منذ صغره، بدءا بتوقيت الطعام والخروج من القفص، وهذا من أجل ضمان عودته بعد الطيران فور سماعه صوت الصفارة، ويدخل مباشرة للقفص، فضلا على ضرورة بناء الثقة بين المربي وطيوره، وتجنب تخويفه، دون فرض السيطرة عليه بإخراجه من القفص أو إدخاله إليه عنوة خلال فترة التدريب، كما أن الجانب النفسي للحمام مهم جدا، فلا يحبذ وضعه في قفص صغير، وإلا سيلاحظ عليه تقلص حجمه ويصاب بالصرع والتواء الرقبة فيموت بعدها، مع وجوب متابعة علاج الحمام أثناء وجوده بالقفص، وضرورة علاجه بالأدوية قبل كل سباق، لتفادي إصابته بالأنفلونزا أو تريكومولوز أو الديدان. وأفاد كازيت، إنه في العادة يبدأ بتدريب حمامه على مسافة 5 كيلومتر وفي كل مرة يزيد المسافة تدريجيا في مدة 30 إلى 60 دقيقة إلى أن يصل للتدرب على مسافة 60 كيلومتر، ليعود بعدها ويدخل من فتحة المهبط بالقفص، ويقدم له الطعام والفيتامينات الممزوجة مع الماء إلى جانب المكملات والأملاح المعدنية، ويُترك لينام، حتى يسترجع قوته وطاقته، وعند وصول الحمام للياقته البدنية الكاملة، يُصبح قادر على البدء في سباقات 100 كيلومتر، بعد التأكد من سلامة صدره وجهازه التنفسي، بفحص صدره الذي يفضل أن يكون منتفخا وأحمر اللون، ما يعني أنه جاهز. وتابع قائلا، إن حمام التزاوج يقدم له طعام خشن بغية تبييض الفراخ، في حين أن حمام السباقات يقدم له طعام خفيف يحتوي إما على الفرينة أو الكاربي مع المكملات. هذه أسباب ضياع الحمام الرياضي من بين الأمور التي يتخوف منها المربون خاصة المبتدئين في المجال والذين لا يملكون خبرة واسعة، هو فقدان الحمام الزاجل المنافس، وعدم عودته للمقر أثناء المسابقة، بسبب وجود زوابع رملية أو رياح قوية فيفقد الطائر الطريق، فضلا عن الأشعة البنفسجية التي تؤثر على نظره، فتتشتت الرؤية ويضيع، ناهيك عن إمكانية تعرضه لطلق ناري من صيادين عشوائيين، ولهذا السبب يتم المنافسة على مسافات قصيرة من 100 إلى 150 كيلومتر بدلا من 800 كيلومتر، وغالبية الحمام الضائع يكون إما من سلالة ضعيفة أو مريضة غير قوية، في حين قد تتعرض لهجومات من الطيور الجارحة كالصقر أو الشاهين، مع قلة خبرة المربين في التدريب، وغفلتهم عن أهمية الأدوية والمكملات والفيتامينات، مع عدم توفير منزل مريح للحمام، الذي يجعله متشوقا للعودة، ويكون حافزا جيدا له من أجل تقديم أداء مميز في المسابقة، زيادة إلى ضُعف الجمعيات في إدارة السباقات والجهل بالأحوال الجوية.