ودع سهرة أمس المنتخب الوطني النسخة 34 من نهائيات كأس أمم إفريقيا المقامة بكوت ديفوار، ومن الدور الأول، بعد الهزيمة التي تلقاها على يد نظيره الموريتاني في الجولة الثالثة من دور المجموعات، وهي النتيجة التي أوقفت مغامرة الكرة الجزائرية في هذه الطبعة من "الكان"، في "سيناريو" مستنسخ من دورة 2021 بالكاميرون، لأن تشكيلة بلماضي فشلت في تحقيق أي انتصار في آخر 6 مباريات لها في النهائيات القارية، وودعت طبعتين متتاليتين دون تذوق طعم الفوز. المقابلة عرفت قيام الناخب الوطني بلماضي بجملة من التغييرات على التشكيلة الأساسية مقارنة بلقاءي أنغولا وبوركينافاسو، حيث راهن على خدمات 6 عناصر أساسية لأول مرة في هذه المنافسة، ويتعلق الأمر بالمدافع توقاي، الذي عوض بن سبعيني المعاقب، وكذا زروقي وبوداوي في الارتكاز والاسترجاع، إضافة إلى الثلاثي وناس، عوار وعمورة في البناء والتنشيط الهجومي، وهي خيارات سعى من ورائها بلماضي إلى إعادة النظر في طريقة لعبه، من خلال خلق توازن في العمل الهجومي بين الرواقين الأيمن والأيسر. "فيزيونومية" اللعب سارت في اتجاه واحد، على وقع سيطرة مطلقة للمنتخب الوطني، بالاستحواذ على الكرة، والتحكم في منطقة وسط الميدان، لكن دون النجاح في تشكيل خطورة كبيرة على مرمى الحارس نياسي بابكر، على اعتبار أن مدرب المنتخب الموريتاني فضل انتهاج طريقة دفاعية، بتوزيع خطه الخلفي على رواقين، وفرض رقابة لصيقة على كل من عمورة وبونجاح، الأمر الذي جعل محاولات "الخضر" تقتصر على توغلات قام بها وناس على الجهة اليمنى، والتي كادت أن تكلل بهدف السبق في الدقيقة 18، لما تخلص وناس من المراقبة، غير أن تسديدته كانت من زاوية مغلقة، فتصدى لها الحارس نياسي. أخطر فرصة للمنتخب الوطني كانت عند الدقيقة 25، من صنع وناس، الذي قدم كرة على طبق لعوار، لكن تسديدة هذا الأخير جانبت القائم الأيسر للمرمى، ليخرج بعدها المنتخب الموريتاني تدريجيا من قوقعته الدفاعية، فكانت محاولة سوليمان أول إنذار لماندريا، لتشهد الدقيقة 37 "سيناريو" معاكس لمجريات اللعب، لأن "المرابطون" أخذوا الأسبقية في النتيجة، بعدما استغل المدافع يحيى دلاهي سوء تعامل ماندريا وتوقاي مع الكرة، ليودعها بتسديدة قوية في عمق الشباك. هذا الهدف المباغت أثر سلبا على معنويات ماندي ورفاقه، بدليل أن الحارس ماندريا أنقذ مرماه من هدف ثان في أواخر المرحلة الأولى، بعد تسديدة قوية من كويتا. خلال المرحلة الثانية أقحم بلماضي محرز بحثا عن "ديناميكية" أكثر للقاطرة الأمامية، ولو أن المنتخب الموريتاني توجه صوب الهجوم، وكاد أن يضاعف النتيجة في عدة مناسبات، خاصة في الدقيقة 48، حيث تألق ماندريا في التصدي لرأسية عمر بونا، كما أهدر كويتا فرصة إضافة الهدف الثاني بعدما قام بعمل فردي انطلاقا من وسط الميدان، لأن العناصر الوطنية دخلت النصف الثاني من اللقاء تحت تأثير ضغط نفسي رهيب، أفقدها كامل التركيز والتوازن. أول رد فعل جدي للمنتخب الوطني في هذا الشوط كان في الدقيقة 60، برأسية محكمة من بوداوي، إلا أن الحارس نياسي أبدع في إنقاذ مرماه من هدف محقق، ليتكرر بعدها نفس "السيناريو" مع ماندي، الذي تخلص من المراقبة على مستوى القائم الثاني، غير أن نياسي حافظ على تفوق الموريتانيين، ليقوم بعدها بلماضي بتغييرات أخرى، فراهن على بلايلي، بن طالب وسليماني، لأن "الخضر" رموا بكامل ثقلهم في الهجوم، واعتمدوا على ثنائي في منطقة العمليات، وقد عرفت الدقيقة 75 تعرض سليماني لمسك من القميص في منطقة الجزاء من طرف المدافع فوفانا، إلا أن الحكم الصومالي عمر أرتان أمر بمواصلة اللعب، دون تلقي إشارة من طاقم غرفة "الفار"، حارما المنتخب الجزائري من ركلة جزاء شرعية. مع مرور الدقائق زادت درجة الضغط النفسي المفروض على العناصر الوطنية، مما ترك مساحات شاغرة في الدفاع، وقد كاد منتخب موريتانيا أن يسجل الهدف الثاني بتسديدة ديبلوما في الدقيقة 84، غير أن العارضة الأفقية نابت عن الحارس ماندريا، بينما كانت محاولات "الخضر" في الدقائق الأخيرة عبارة عن كرات في العمق، كانت أخطرها في الوقت بدل الضائع، بعد محاولة ماندي وبن طالب، ليطلق الحكم الصومالي صافرة النهاية، والتي توقفت معها مغامرة الكرة الجزائرية في هذه النسخة من العرس القاري. جدير بالذكر، ان المنتخب الوطني تعرض لظلم تحكيمي كبير في هذه المنافسة، حيث لم يشتغل الفار أمس في مناسبتين، ليحرم المنتخب من أربع ضربات جزاء على الأقل.