حول جيش الاحتلال الصهيوني مستشفيات غزة إلى ركام، وعوض أن تقدم المستشفيات العلاج للمرضى والجرحى سواء في الحرب أو السلم، تحولت إلى مقابر في غزة ورائحة الموت تنبعث منها نتيجة السياسة الإجرامية الهمجية التي ينتهجها الكيان الصهيوني منذ بداية العدوان على غزة، حيث قام بتدمير ممنهج للمنظومة الصحية بشكل كامل وأخرج أغلب مستشفيات القطاع عن الخدمة، وما بقي منها إما محاصر أو تحت القصف من حين لآخر، أو ينتظر دوره من آلة التدمير والقتل الصهيونية. بدأ الكيان الصهيوني ضمن الحرب المدمرة التي مست الأخضر واليابس بمستشفيات شمال قطاع غزة، حيث ركز منذ البداية على تدميرها ضمن مخططاته لتهجير السكان قسريا، وارتكب في الأسابيع الأولى للعدوان مجزرة مروعة في مستشفى المعمداني، حيث فاق عدد الشهداء فيها عن 500 شهيد في قصف متعمد للمستشفى الذي كان يتواجد فيه آلاف النازحين، ولم تنته الجريمة عند هذا المشهد رغم قساوته ومحاولة جيش الاحتلال التنصل من المسؤولية في ارتكاب الجريمة، بل واصل استهداف المستشفيات بالشمال ومنها مستشفى العودة ومستشفى كمال عدوان وأخرجهما عن الخدمة بشكل نهائي. لينتقل بعدها الكيان الغاصب إلى وسط غزة واقتحم في نوفمبر الماضي مجمع الشفاء ثم غادره، بعد أن اعتقل مدير المستشفى وعدد من النازحين والطواقم الطبية، وارتكب عددا من المجازر فيه، لكن مهمة الاحتلال لم تكتمل في هذا المستشفى خصوصا وأنه طيلة 6 أشهر لم يتمكن من تحقيق انتصار واحد يستطيع من خلاله تهدئة جبهته الداخلية التي تعيش الغليان بسبب فشل حكومتهم في تحقيق ولا هدف من أهداف الحرب المعلنة سوى تقتيل المدنيين وقصف المنازل واقتحام مراكز النزوح والمستشفيات، وعاد الاحتلال من جديد إلى مستشفى الشفاء، لعله يحقق انتصارا وهميا، وما كان عليه أن يحول هذا المستشفى الذي يفوق عمره عمر دولة الاحتلال الصهيوني إلى ركام، مرتكبا محرقة لا يستطيع العقل البشري تصور مشهدها أمام هول الصور التي نقلت من ذات المكان، والدمار والخراب الذي مس كل شيء وجرائم التقتيل التي نفذها في حق المدنيين العزل من النازحين والجرحى والمرضى والطواقم الطبية. ولم تنته جرائم الاحتلال في غزة مع المستشفيات بالنهاية المدمرة لمجمع الشفاء وارتكاب محرقة فيه، بل لا يزال الكيان الصهيوني يحاصر مستشفى ناصر بخانيونس منذ أسابيع، كما أخرج مستشفى الأمل بنفس المدينة عن الخدمة بعد أن أمر بإخلائه وارتكب عدد من المجازر فيه كان منها سقوط شهداء من المسعفين التابعين لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني واعتقال عدد آخر، هم في عداد المفقودين حاليا، كما دمر المحتل مستشفى الجزائر التخصصي، والقائمة لا تنتهي بتدمير هذه المستشفيات، بل قام منذ ثلاثة أيام بقصف خيم النازحين والصحفيين بمستشفى شهداء الأقصى بدير البلح وسقط عدد من الشهداء والجرحى، وكل ممارسات الاحتلال ضد المنظومة الصحية تندرج ضمن مخططاته لجعل غزة غير صالحة للحياة وتهجير سكانها، كما أن كل هذه المشاهد الصادمة والمحزنة لما وقع ويقع للمنظومة الصحية في غزة تحدث أمام مرآى العالم، دون أن تكون هناك أي تحركات فعلية لوقف الكيان الصهيوني عند حده ووقف حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها وحماية المستشفيات وفق ما تنص عليه المواثيق الدولية. وفي ظل الوضع المزري الذي تعيشه المنظومة الصحية في غزة بصفة عامة والمستشفيات بصفة خاصة، نشرت أمس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيانا عبرت من خلاله عن صدمتها لما آلت إليه المنظومة الصحية في غزة، وبالخصوص مستشفى الشفاء الذي تحول إلى ركام، وأكدت بأن نظام الرعاية الصحية يواجه ضربات متتالية في قطاع غزة تحول دون وصول المرضى إلى الرعاية الطارئة، وفي السياق ذاته قالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية أن تدمير مستشفى الشفاء في غزة بعد حصاره لأسبوعين أدى إلى نزع قلب النظام الصحي في القطاع باعتبار مجمع الشفاء يعد أكبر المستشفيات في فلسطين كاملة، ويعود تاريخ إنشائه إلى ثلاثينيات القرن الماضي، أي قبل ظهور سرطان الاحتلال الصهيوني وإعلان دولته على أرض فلسطين، كما دعت منظمة الصحة العالمية إلى حماية المستشفيات. وفي الإطار ذاته قالت منظمة أطباء بلا حدود بأنها تقف مذعورة أمام الدمار الذي لحق بمستشفى الشفاء، وأشار بيان المنظمة بأنه لا يمكنهم تحديد عدد الضحايا، إلا أن مئات الأشخاص قتلوا ومن ضمنهم كوادر طبية، والجثث ممدة في الشوارع، كما وقعت أيضا اعتقالات جماعية للكوادر الطبية وأشخاص داخل المستشفى وحوله، وتسبب استهداف مستشفى الشفاء في تضرر عيادة أطباء بلا حدود الواقعة بمحيطه حسب نفس البيان، ودعت نفس المنظمة إلى إجلاء آمن للمرضى المتبقين كي يحصلوا على الرعاية التي يحتاجونها، كما دعت إلى ضرورة تطبيق وقف فوري ومستدام لإطلاق النار لوضع حد لدمار مرافق الرعاية الصحية، والمخاطرة بحياة المرضى والكوادر الطبية. من جانب آخر وعلى صعيد التطورات الميدانية في قطاع غزة يواصل جيش الاحتلال الصهيوني ارتكاب المزيد من المجازر ضد المدنيين الأبرياء والنساء والأطفال، وذلك لليوم 180 على التوالي، وكشفت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أمس عن ارتكاب جيش الاحتلال 5 مجازر ضد العائلات خلال 24 ساعة وصل منها للمستشفيات 59 شهيدا و83 إصابة، كما كشفت عن ارتفاع عدد الشهداء منذ بداية العدوان الصهيوني إلى 32975 شهيدا و75577 إصابة.