تلعب القصص المصوّرة دورا حيويا في تنمية مهارات الأطفال الاجتماعية و الفكرية والثقافية، فهي تساعدهم على فهم المواقف الإنسانية بطريقة مرحة ومبسطة، وتزرع فيهم قيم نبيلة كالتسامح والتعاون والصداقة، لكن يمكن للإيماءات والدلالات التي تحملها الصورة أن تغيّر من سلوكهم وتجعلهم يتأثرون بثقافات دخيلة، كما يؤكده مختصون، لذلك توجب قراءتها وعيا من الأولياء بالمتغيّرات المؤثرة في سلوك أبنائهم واختيار قصص مفيدة متشبعة بالقيّم الإنسانية والثقافة المحلية تحديدا. لينة دلول ويشير متدخلون للنصر، بأن هناك اهتماما كبيرا بالقصص المصورة المستوردة من طرف الأطفال مقارنة بالمحلية، ويعود السبب إلى شح الإنتاج المحلي الذي يلبي أذواق الأطفال، ناهيك عن تأثرهم بالثقافة الغربية وبأبطال مارفل. القصص المصوّرة خلفية لتغيير سلوك وقيّم الطفل وتؤكد الأخصائية النفسانية و التربوية والمعالجة الأسرية بوراوي صبرينة بأن مرحلة الطفولة من أهم المراحل في حياة الإنسان، حيث تتشكل خلالها شخصيته وتتحدد مواهبه، و تتميز هذه المرحلة بحساسيتها، لذلك يكون دور التربويين والأهالي مهما، لتوفير بيئة داعمة لنمو الطفل وتحفيز قدراته ومواهبه. وتوضح بوراوي، أنه في المرحلة ما بين 3إلى 6 سنوات يكون خيال الطفل مطلقاً متميزاً بالخصوبة فإذا منحه الكبار حرية اللعب والحركة والتعبير، فإنه يبدع ويبتكر لنفسه حلولا، وبذلك ينمي مهارات التفكير. وتمثل القصة نوعا من أساليب التربية الفعالة التي استخدمها الإسلام "نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن " سورة يوسف الآية 03، لما لها من دور مهم في السمو بذات الإنسان نفسيا واجتماعيا وعقليا، وتوجيهه نحو الإيمان بالله - عز وجل - وحب الخير والتحلي بالفضيلة والأخلاق الكريمة، وهي محببة للأطفال، وأثرها أوسع وأقوى في التربية الدينية عن غيرها من المواد الأخرى. ويعد أسلوب القصص بحسب المتحدثة، أحد أساليب التدريس التي يمكن من خلالها غرس القيم وتنميتها، حيث تعد القصة المصورة من أقوى عوامل جذب المتعلم بطريقة طبيعية، وأكثرها شحذا لانتباهه إلى أحداثها ومعانيها، فتثير القصة كثيرا من الانفعالات لدى القراء، وتجذبهم إليها وتغريهم بمتابعتها والاهتمام بمصائر أبطالها، من خلال أفكارها وصراع الأشخاص داخلها وتعقد أحداثها، وبيئتها الزمانية والمكانية وبلغتها وبطرق تقديمها المختلفة. وتعد القصص المصورة من الوسائل الثقافية الأساسية المقدمة للطفل لما لها من أهداف تربوية مهمة لتنشئته تنشئة صالحة من كافة النواحي حيث يولد الطفل فضوليا ومنفتحا لمعرفة العالم وذلك ينطبق على مهارات التفكير النقدي التي ليست عملية سهلة بل تحتاج إلى وقت وصبر من الأهل. ويمكن للطفل التقييم جيدًا واكتساب مهارات التفكير النقدي من سن الثالثة كما ذهبت إليه المتحدثة، لذلك فإن القدرة على حل المشكلات المعقدة في حياتهم تعد من الجوانب المهمة للتفكير النقدي، فضلا عن تعزيز الإبداع والاستقلالية والتشجيع على السؤال دائمًا وعدم كبح الفضول، وبناء علاقات وتقييمها والقدرة على الفصل بين الأمور الجيدة والسيئة والتعامل مع أي تحديات فيها مع معرفة الذات وتقييمها وتحديد الأهداف بدقة، مما ينبأ بحياة مهنية وشخصية رائعة. وأشارت بوراوي، إلى أنه توجد أنواع من القصص المصورة التي تثري تفكير الطفل وتدفعه للتفكير وإيجاد حلول، كالقصص التي تكون نهايتها مفتوحة و القصص التي يكون في أحداثها موقفا أو مشكلة يتطلبان إيجاد حل، كذلك من خلال الأنشطة المقدمة بعد قراءة القصة عن طريق الأسئلة التي يطرحها القارئ سواء من الأهل أو المربي لتحفز خيال الطفل وتفكيره ومن ثم فالقصة تعد سلاحًا قويًا في تغيير السلوك والقيم لدى الطفل مستقبلا، خاصة إذا كانت هذه القصص مصورة. دور الشخصيات في بناء هوية الطفل وتشكيل سلوكه الاجتماعي وأكدت الأخصائية، بأن الواقع والدراسات التربوية يؤكدان بأن للقصة أهمية في تنمية القيم التربوية لدى الأطفال، كما أن دور الشخصيات في القصص المصورة يمكن أن يكون كبيرًا في بناء هوية الطفل وتشكيل سلوكه الاجتماعي، حيث يمكن للأطفال التأثر بالشخصيات وتقليدها في سلوكياتها، وبخاصة الشخصيات التي تكون أقرب لواقع الطفل، فيتخيل نفسه مكان أبطالها ويعايش الأحداث وبالتالي يحاول تقليدها، فتظهر آثارها على سلوكه، الذي يبدأ بالتغير حتى يصبح شخصا محبوبا يلفت الانتباه مثل نجومه. و قالت بوراوي، إن تنمية هذه المهارات لدى الطفل من شأنها تغذية الخيال والإبداع والموهبة لديه، وجعله فرداً منتجاً قادراً على مواجهة المشاكل وحلها بطريقة إبداعية، فمهارات التفكير الإبداعية تؤثر على جوانب متعددة كالعلاقات الاجتماعية والحياة الأكاديمية، والمواهب والهوايات. تنمية القيّم من خلال القصص الدينية والتاريخية وأشارت المتحدثة، إلى أن الدراسات أثبتت أن الأطفال الذين تعرضوا للقصص المصورة قد حققوا نموا واضحا في استيعاب المفاهيم والقيم التي تضمنتها القصص، وظهور تحسن واضح في سلوكياتهم الإيجابية نحو بعضهم البعض، وانعكاس ذلك على الجانب الأدائي لهم والذي يتضمن مشاركتهم في العمل الجماعي، مؤكدة بأن قيم الطفل يمكن تنميتها من خلال القصص الدينية والتاريخية. متابعة بالقول: " لاحظنا من خلال عملنا الميداني أن الطفل في هذا العصر يختلف كثيراً عن طفل الماضي، فكثرة المثيرات والثورة التقنية والمعلومات والتطور الهائل المحيط به، تتطلب منه القدرة على مجاراتها والتعامل معها، وهنا تتجلى أهمية تنمية مهارات التفكير لدى الطفل وتغذية عقله". مضيفة، بأن اهتمام الأطفال بالقصص المصورة المحلية والدولية يمكن أن يؤثر إيجابًا على تنشئتهم الثقافية والاجتماعية من خلال توسيع آفاقهم وتعريفهم بثقافات مختلفة وتعزيز التفاهم بين هذه الثقافات المختلفة. وتبقى أفضل الطرق لتوجيه الأطفال في اختيار القصص المصورة المناسبة لعمرهم ومرحلة نموهم هي من خلال اختيار الأهل والمعلمين، للكتب التي تتناسب مع مستوى تطور الصغير واهتمامه .وأوضحت المتحدثة، أن القيم التربوية ليست فقط من مرتكزات العمل التربوي، بل من أهم أهدافه ووظائفه فالطفل يبدأ بتقليد أفعال أكثر الناس قرباً إليه، ومن خلال الإيحاءات يتشرب مشاعرهم واتجاهاتهم، ويتبنى خصائصهم الشخصية من خلال عملية التقمص، ومن هنا تصبح هذه الشخصيات مثله الأعلى وخلفية لتصوره لذاته وتصوره لما ينبغي أن يكون عليه.وأضافت، أن الطفل يحتاج إلى دعم خياله وإثراء تصوراته ببعض التأملات الخارقة، ولكن يجب تطعيم ذلك ببعض القيم التربوية المرغوبة فالقراءات الحرة أكثر تأثيراً وفعالية، والأطفال هم قادة الغد وصانع المستقبل. يجب التعامل بحذر مع القصص الأجنبية و يجب بحسبها، اختيار القصة الهادفة ذات القيم الفنية والجمالية، التي تدعو إلى الأهداف السامية، وتشبع ميول الطفل، كما وجب التعامل مع القصص الأجنبية بعناية من خلال فهم ما يترجم ويتم إيصاله في المقام الأول، وذلك لأجل تحديد القيم السالبة وغربلتها، و التأكد من القيم الإيجابية اللازمة والضرورية لصناعة الطفل الجزائري وتثبيتها. وأضافت بوراوي، أن كل قصة تتميز بقيم جمالية تستمر أو تزول، منها القيم التربوية التي تراعي الجوانب الأخلاقية و السلوكية و النفسية لدى الناشئة، كما تنمي في الطفل الحس الإنساني و العطف على ما حوله من مخلوقات، كما تشكل لديه القيم الدينية التي تقوي ارتباطه بخالقه، و بمن حوله من البشر ليشب على تلك المبادئ. وذكرت الأخصائية أيضا، أهمية القصة في تشكيل القيم الاجتماعية التي تجعل الطفل قادراً على التعامل مع غيره من أفراد المجتمع دون حرج أو عقد، وهو بذلك يرى نفسه عضواً في المجتمع، يتمتع بالحقوق و عليه واجبات وأعمال تعود عليه وعلى غيره بالنفع.كما تنمي القيم المعرفية أيضا، وتكون شاملة لكل ما يحصل عليه الطفل من ثقافة وأفكار ومعارف علمية تؤهله في مجالات الحياة، أما بالنسبة للقيم الترفيهية فهي تلك القيم التي تحقق الراحة النفسية والجسمية لدى الطفل وتجدد نشاطه وتوقظ في داخله عامل الذكاء والفطنة وتمكنه من الموازنة بين حياة الجد و الهزل. تعزيز الانفتاح الثقافي لدى الأطفال وترى المختصة، بأن القصص المصورة الأجنبية يمكن أن تسهم بشكل كبير في توسيع آفاق تفكير الأطفال الجزائريين وتعريفهم بثقافات مختلفة عبر تقديم قصص وشخصيات تعكس تنوع العالم، وتساعد في تعزيز الانفتاح الثقافي من خلال تعريف الصغار بقيم وثقافات مختلفة و تكريس التفاهم بين الثقافات المختلفة. و يمكن للأهل والمعلمين بحسبها، دعم الأطفال في فهم وتقبل القصص المصورة الأجنبية عبر مناقشة المواضيع المطروحة في القصص بشكل ملائم يتناسب مع ثقافتهم وتجاربهم الحياتية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن حسب بوراوي، توجيه الأطفال نحو اختيار القصص المصورة الأجنبية المناسبة لثقافتهم وتجاربهم الحياتية انطلاقا من توجيهات الأهل والمعلمين واختيار الكتب التي تتناسب مع مستوى تطورهم واهتماماتهم.كما يمكن أن تؤثر القصص المصورة الأجنبية على تنشئة الأطفال بشكل سلبي، إذا لم تتم معالجة المواضيع بشكل مناسب أو إذا كانت تحمل قيمًا متنافية مع القيم الاجتماعية والثقافية للمجتمع الجزائري. لذلك يجب كما قالت، مراقبة المحتوى والتأكد من أن القصص المصورة التي يتعرض لها الأطفال تعكس القيم والمفاهيم الاجتماعية المناسبة. * الباحثة في علوم التربية كريمة سعادنة جل ما توفره المكتبات الجزائرية كلاسيكيات من الأدب الغربي تؤكد الباحثة في علوم التربية ومستشارة التوجيه والإرشاد المدرسي والمهني كريمة سعادنة، بأن القصص المصورة يمكن أن تكون وسيلة تعليمية تحمل في طياتها مجموعة من القيم والأهداف التي يتم غرسها في شخصية الطفل، كما يمكن أن تكون أسلوبا يستخدم لحل المشكلات التي يعاني منها الطفل، بحيث تجعله يفكر في الحلول المناسبة لمواجهة تلك المشاكل، كظاهرة التنمر مثلا، أو الكذب وما إلى ذلك، وتزرع فيهم قيّم الحب والصداقة والإحسان. وتساعد القصص المصورة كذلك، على تعزيز مهارات القراءة والكتابة للطفل، وتعالج الكثير من المشكلات التواصلية كالتأتأة، كما تجعله يعبر عن مشاعره بكل صدق وإخلاص، كالتعبير عن الخوف و الفرح و التردد والانفعال، كما تفتح له أبواب الخيال والإبداع من خلال العوالم الخيالية والشخصيات المثيرة، و تشجعه على التفكير النقدي والإبداعي وتطور مهاراته في المشاهدة والتحليل، كما تزيد من قدرته على التركيز والهدوء، إضافة إلى ذلك فهي تساهم في توسيع مفردات الأطفال وتعزيز استخدامهم للغة بطريقة مبتكرة وممتعة. وأضافت الباحثة، بأن القصة فعل تربوي ضروري في عملية تشكيل الطفل نفسيا واجتماعيا، خصوصا في سنواته الأولى، أين يخزن كل ما يشاهده بشكل غير واع في عقله الباطني، مؤكدة بأن الدراسات أثبتت أن كل مرحلة عمرية من حياة الطفل، تتطلب نوع من القصص المصورة فعلى سبيل المثال، تقدم للطفل في أشهره الأولى بطاقات عليها أشكال وصور تحمل لونين مختلفين ليخزنها في ذاكرته، ثم بعد أشهر تعرض عليه صور بعدة ألوان. وبعد عمر السنة، تقدم له قصص مصورة تحمل كلمات وجملا، حيث تتم عملية اختيار القصص المصورة للأطفال، وفق استراتيجية دقيقة لأن هناك فروقات فكرية ونفسية بين كل طفل وآخر. وترى المتحدثة، بأن القصص المصور مفيدة أكثر للأطفال فوق سن الثالثة، مشيرة إلى أن أغلب القصص المجودة في المكتبات حاليا، قصص كلاسيكية مأخوذة من الأدب الغربي كسندريلا و سناوايت و عقلة الأصبع وفلة والأقزام السبعة، متابعة بالقول: " رغم بعض المحاولات لإنتاج قصص مصورة ذات خصوصية ثقافية جزائرية أو على الأقل عربية إسلامية مثل قصص الأنبياء والصحابة إلا أنها ليست منتشرة كثيرا لكي تلبي احتياجات مجتمعنا". القصص المصوّرة مهمة لعلاج المشاكل النفسية للتلميذ وأوضحت سعادنة، بأنها لاحظت خلال مسيرتها المهنية بأن التلميذ أصبح قليل المطالعة والقراءة، ونادرا ما تجده يبدع في كتابة القصة رغم أنها أسلوب تعليمي لحل المشكلات، عكس السنوات السابقة فقد كانت المكتبات بحسبها، أكثر اكتظاظا بالتلاميذ، فضلا عن حب التلاميذ لحصة المطالعة، وأرجعت السبب إلى انتشار استخدام الهواتف النقالة والشاشات. ولتعزيز ثقافة القصص المصورة في البيئية المدرسية يجب بحسب المتحدثة، أن تدرج في المنهاج وحدة تعليمية تدور حول القصة وكيفية كتابتها وأهميتها في حياتنا، وكذا الإكثار من المسابقات الأدبية ومضاعفة الأنشطة الثقافية بالمدارس، وتأسيس نواد للكتابة. وتقول الباحثة:" كأخصائيين نفسانيين نستعمل القصص في عملنا كي نصنع نموذجا يحاكيه الطفل ويقلد سلوكه، لأن الصغير يتعلم بالتقليد والمحاكاة حسب نظرية التعلم الاجتماعي، إضافة إلى أنه يوجد اتجاه في العلاجات الحديثة يسمى العلاج بالفن،حيث يقوم الأطفال بإيجاد حلول لمشكلاتهم النفسية والدراسية، عن طريق المسرح السيكودرامي، الذي يمكن أن يتعلم فيه الطفل مهارات التمثيل وكتابة القصة و كتابة المسرحية. * منتج القصص المصوّرة محمد أمين بن علي أقترح تقديم قصص مصوّرة بالدارجة يرى منتج القصص المصورة محمد أمين بن علي، بأن هناك اهتماما بالقصص المصورة من طرف جميع فئات المجتمع، وبالأخص جيل التسعينيات والألفية، الذي يحب جمع القصص المصورة، قراءتها والاحتفاظ بها، عكس الأطفال الصغار الذين يميلون أكثر إلى الرسوم المتحركة، ولا يدركون بأن معظم الرسوم الكاريكاتورية المفضلة لديهم مستوحاة من الكتب المصورة، كما يرى بأن اهتمام الناشرين الجزائريين بهذا الفن في تزايد مستمر، من أجل تقديم قصص تعكس ثقافتنا وعاداتنا المحلية. وبخصوص اللغة الأكثر استقطابا لقارئ القصص المصورة، يقول المتحدث:" إذا اضطررت إلى الاختيار فسأقترح تقديم قصص مصورة بالدارجة للمستهلكين، لأن القصص المصورة في الأصل كانت تُصنع في المقام الأول للأشخاص الذين يبحثون عن وسيلة للترفيه عن أنفسهم لذلك فإن الدارجة تجذب شريحة من الأفراد غير المعتادين على قراءة الكتب عكس اللغة العربية، التي سيظل يُنظر إليها على أنها لغة أكثر تخصصا وتعقيدا، أما بخصوص القصص المصورة باللغة الفرنسية فهي في متناول أقلية من القراء، عكس الإنجليزية التي أصبحت أكثر شعبية". وأضاف، بأن القصص المصورة تتمتع بخاصية لا تمتلكها وسائل الإعلام الأخرى، فهي تشجع القارئ على التفاعل مع أبطال القصة، واستخدام خياله وتجميع الصور والحوارات في ذهنه والسفر عبر اللوحات والصفحات. وأكد المنتج، أن قارئ القصص المصورة، لا يعتبر مجرد متلقي سلبي كما هو الحال في السينما، بل يشبه إلى حد كبير الممثل النشط في عرض أحداث القصة، وهو ما يطور بحسبه، حس الطفل التحليلي والنقدي وتنمية خياله وقدرته على فهم وتصور عالمه الداخلي. وأوضح بن علي، أن قراءة المانغا اليابانية ساعدته كثيرا على تعلم وتبني قيم إنسانية و اجتماعية، مثل الانضباط و الشجاعة و الصدق والصداقة، ويرجع ذلك إلى الخط التحريري لمجلات المانغا، حيث يؤكد المحررون على ضرورة أن يحمل أبطال القصة قيما إنسانية واجتماعية نبيلة. متابعا بالقول:"ينبغي أن يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار في الجزائر لتقديم قصص مصورة محلية قادرة على نقل هذه المبادئ التربوية المحفزة للقراء الصغار، ولما لا تقديم قصص مسلية وثرية للأطفال في المدرسة بل واقتراح يوم سنوي للاحتفال بالقصص المصورة في المجال التربوي". وأضاف، بأن الأطفال يتفاعلون بسهولة مع أبطال القصص المصورة ويستلهمون منهم سلوكيات وقيما خاصة، كما أنه عندما يواجه البطل صعوبات أو عقبات، نجد الطفل يبحث له عن الحلول المناسبة في خياله. يمكن الاهتمام بالقصص المصورة المحلية من خلال تقديم مجموعة متنوعة من القصص التي تخاطب فئات مختلفة من الأفراد، صغارًا أو كبارًا رجالًا أو نساءً، وهو ما يساهم بحسبه، في تنمية الهوية الثقافية والاجتماعية . وعن أفضل الطرق لتوجيه الأطفال لاختيار القصص المصورة المناسبة لأعمارهم ومرحلة نموهم، يقول بن علي، بأنه يمكن تصنيف أنواع القصص المصورة، حسب الأساليب التي تستقطب الجمهور، على سبيل المثال في اليابان أسلوب "شونان" مخصص بشكل أساسي للأولاد الصغار، أسلوب "شوجو" مخصص للفتيات بشكل أساسي، و أسلوب "سينين" يستهدف الذكور الشباب في المقام الأول. وأكد المؤلف، بأنه يمكن للأسرة والمدرسة أن تستخدما القصص المصورة كأداة لتعزيز التنشئة الاجتماعية للأطفال، من خلال التواصل مع الناشرين والمؤسسات الثقافية التعليمية، حتى يختاروا لهم أهم القصص المصورة التي تحمل أبعادا وقيما اجتماعية وإنسانية نبيلة، وكذا المشاركة في المهرجانات، ومعارض الكتب، حتى يتعرفوا أكثر على مؤلفي القصص المصورة والتواصل معهم حول كيفية اختيار النوع المناسب لأطفالهم. وأكد المتحدث، بأن القصص المصورة الأجنبية تسهم بشكل كبير في تعزيز الانفتاح الثقافي لدى الأطفال في الجزائر، لأنها هي ما يحدد تصوراتهم فيما يتعلق بالعالم الخارجي وفيما يتعلق بأنفسهم، لأننا نحتاج إلى معرفة وفهم الآخرين لفهم أنفسنا كما عبر، متابعا بالقول: "من الذكاء أن نستلهم من الثقافات الأجنبية ونثري معارفنا، خصوصا وأن التكنولوجيا جعلت جميع أفراد العالم متصلين ببعضهم البعض، وكأنهم في بناية واحدة"، مضيفا بأننا أيضا لدينا الكثير من القيم التي يمكن أن نتشاركها مع العالم وشجع اهتمامهم بها. من جهة أخرى، فإن تقديم القصص المصورة الأجنبية للأطفال دون قراءتها وفهمها من قبل الأهل والأخصائيين، سيتسبب حسبه، في التأثير على سلوك الطفل وقيمه، لذلك فإن توجيه الأطفال نحو اختيار القصص المصورة الأجنبية المناسبة لثقافتهم وتجاربهم الحياتية، يتم من خلال التعاون بين أولياء الأمور ووسائل الإعلام المتخصصة في القصص المصورة و المدرسة، وكذا تقديم برامج أو مقالات نقدية فنية و تقارير عن أحسن القصص المصورة لتوجيه المستهلكين بشكل أفضل. ويرى المتحدث، بأن أفضل حل لمواجهة الخوف من القيم والثقافات التي تحملها القصص المصورة الأجنبية وتؤثر على أطفالنا، هو تقديم قصص مصورة محلية يمكنها المنافسة في السوق الخارجية. * مؤلف القصص المصوّرة سمير توقي فن بحاجة إلى تكوين أكاديمي من جهته، يرى مؤلف القصص المصورة سمير توقي، بأن الأطفال في الجزائر يظهرون اهتماما متزايدا بالقصص المصورة في السنوات الأخيرة، بدليل إقبالهم على المهرجان الدولي للكتاب بالجزائر وتظاهرة "فيبدا" المخصصة للقصص المصورة، لاقتناء هذه القصص باعتبارها وسيلة ممتعة وجذابة لاستكشاف العوالم الخيالية وتعلم القراءة. وأوضح المتحدث، بأنه ورغم أن الكثير من الكتاب والرسامين يعملون على إنشاء قصص مصورة جديدة، تتنوع في الأساليب و المواضيع، إلا أن وجودها في السوق قليل مقارنة بالقصص الأجنبية، متابعا بالقول بأنه لا يمكننا تحديد أكثر أنواع القصص المحلية طلبا، لسببين أساسيين هما قلة النشر وغياب التنويع، لذلك فالقارئ يشتري ما هو متوفر في السوق. وأضاف توقي، أن فئة كبيرة من المؤلفين ينتجون القصص المصورة حسب ميولاتهم الشخصية وخلفياتهم الثقافية، والتراكم المعرفي المستلهم من القصص الأجنبية، وذلك لغياب التكوين والمعاهد المتخصصة في هذا المجال الواعد، مشيرا إلى جهود عدد من الرسامين الجزائريين الذين أرادوا التعبير عن أنماط الحياة في الجزائر واختزال ثقافاتهم المجتمعية في حكايات مرسومة، على غرار سعيد صباو، سفيان بن عسكري، فلة ماعتوقي، ومنتجين آخرين ينشطون على الإنترنت. ويتم اختيار لغة القصص المصورة كما أوضح، بحسب الجمهور والسوق المستهدفة، وهذا لا ينفي بحسبه، أن تكون هناك إصدارات بلغات متنوعة تلبية لاحتياجات القراء. وقال المتحدث، بأن القصص المصورة الأجنبية، تؤثر بشكل أو بآخر على التنشئة الاجتماعية للطفل، لأنه رغم أهدافها الترفيهية إلا أنها تحمل مضامين ومدلولات وتصورات وأفكار مشبعة بالثقافات الدخيلة. وأكد بأن القصص المصورة، مثلها مثل الوسائل الإعلامية الأخرى، فهي أداةً تثقيفية وتربوية وإعلامية وترفيهية، تعبر عن عصرها وزمانها، وتقوم بمهمة نقل وغرس القيم والمبادئ وأنماط السلوك، وتدعمها إيجابا وسلبا من خلال العتبات الإخراجية، وتزود الطفل بالأفكار والقيم التي تؤكدها له، وتقنعه بها من خلال أبطالها، كما تتميز بقدرتها على تشكيل ذوق الطفل والمساهمة في تكوين شخصيته. لذلك يجب بحسبه، اختيار القصص المفيدة والمتشبعة بالقيم والمناسبة لعمر الطفل وميولاته، مطالبا بضرورة الإكثار من الإنتاج المحلي في هذا المجال، وإتاحة خيارات متنوعة تشبع ذائقة الأطفال. * الرسامة الكاريكاتورية ومنتجة القصص المصوّرة سلمى مناعي القراء يفضلون المانغا! تقول المنتجة والرسامة الكاريكاتورية، سلمى مناعي، بأنه ورغم بعض محاولات إنتاج قصص مصورة تحمل طابعا محليا وتروج للثقافة الجزائرية، إلا أنها لم تحقق النجاح المنشود، بسبب عدم الإقبال عليها وتفضيل المستهلكين للمنغا الأجنبية على المحلية. وذلك لأن الأطفال متأثرون بالثقافة الغربية وبأبطال مارفل العالمين والدليل حسبما قالت: " أننا نجد خلال فعاليات المهرجان الدولي للشريط المرسوم، أن الغالبية تتجه لاقتناء القصص المستوردة ولا تعير اهتمامها للمحلية". وأكدت، بأن القصص الأجنبية تؤثر بشكل أو بآخر على التنشئة الاجتماعية للطفل، لأنها تحمل دلالات ومعاني ضمنية تروج للعادات الغربية، كما أنها تشجع على العنف وعلى بعض السلوكيات السيئة. وأكدت مناعي، أن الطلب كبير على القصص الفرنسية أكثر من العربية مشيرة في سياق منفصل، إلى مجلة "فينكو" الجزائرية، التي تتضمن قصصا مصورة للأطفال وتروج للثقافة المحلية بالشكل المطلوب ويجب بحسب الكاريكاتورية، توجيه الطفل من أجل استكشاف شخصيتها المستلهمة من الواقع، لكي لا يتأثر كثيرا بأبطال القصص الخيالية.