قسنطينة في ليلة من زمن الفن الراقي في حضرة نجوم المالوف جمعت السهرة الافتتاحية للطبعة السادسة للمهرجان الثقافي الوطني للمالوف أمس الأول بالمسرح الجهوي بقسنطينة أربعة نجوم متألقة في سماء هذه الموسيقى العريقة بشرق الوطن و هم على التوالي الفنان العنابي مبارك دخلة و السكيكدي فاتح روانة و القسنطينيين توفيق تواتي و أحمد عوابدية الذين أعادوا للركح نسمات الأفراح الراقية بأجوائها البهيجة التي تصادفت و الذكرى الخمسين للاستقلال. و سجل الحفل الافتتاحي حضورا ملفتا للشباب مما عكس وفاء الجيل الجديد و تمسكه بهذا التراث الفني العتيق، حيث تجاوبوا مع أغلب الوصلات و المقتطفات المختارة و التي أبدع كل فنان في أدائها على طريقته، حاملين الجمهور إلى عمق النوبات الخالدة تارة مع نوبة المزموم و تارة مع الحسين و أخرى مع نوبة العراق. و استهل الجوق الجهوي للشرق السهرة ببشراف من تلحين رئيس الجوق سمير بوكريديرة، فكانت إعدادا للوحة فنية متناغمة الألوان لما جسدته من انسجام بين تصاميم الألبسة التقليدية التي ظهر بها أعضاء الفرقة و ديكور الركح و الوصلات الهادئة التي أبدع في أدائها نجوم السهرة بدء بالفنان المتألق مبارك دخلة الذي قدم لمعجبيه مقتطفات من نوبة المزموم قبل أن يترك الركح لزميله توفيق تواتي الذي أتقن كعادته في الصياغة اللحنية بالمزج بين الزجل و الموّشح و الغرناطي. و قبل أن يأخذ الجمهور أنفاسه من المقتطفات الجميلة الأولى ، شده صوت الفنان السكيكدي الناجح فاتح روانة بوصلات خفيفة من نوبة الحسين قبل أن ينهيها هو الآخر بزجل انسجم معه الجمهور بالتصفيق على وقع الإيقاع الخفيف. و كان ختام السهرة الفنية بنوبة العراق التي أعاد من خلالها صاحب الصوت القوي أحمد عوابدية الجمهور إلى الأشعار الأندلسية الساحرة التي عبّر معها الجمهور المتذوّق على عمق تأثرهم بهتافات الإعجاب و التصفيق. و تعرف الطبعة السادسة للمهرجان الوطني للمالوف التي هي في ذات الوقت مسابقة فنية لاختيار أفضل التشكيلات الموسيقية في مجال فن المالوف الراقي، مشاركة 12ولاية من مختلف ربوع الوطن، يبرز ممثليها إبداعهم الفني طيلة ست سهرات تحمل كل سهرة اسم شيخ من شيوخ المالوف الراحلين تكريما لعطائهم الفني الكبير، حيث ستحمل سهرة اليوم الثالث اسم الشيخ الراحل عبد الكريم بسطانجي (1886-1940) الذي تميّز بمهارته في العزف على آلة العود العربي فكان قدوة للكثيرين و على رأسهم الشيخ زواوي فرقاني، الزواوي مخلوف، بلارة، موريس درعي و ريمون ليريس... و كانت السهرة الثانية قد حملت أمس اسم الراحل حمو فرقاني المعروف بتغريده المميّز لطابع الحوزي و المحجوز. و شهد بهو المسرح الجهوي على هامش التظاهرة الفنية معرضين الأول لصور عمالقة المالوف و الثاني للباس القسنطيني التقليدي.