سجناء ضمن الإستفادات المشبوهة من عقود التشغيل كشفت التحقيقات الميدانية التي باشرتها مصالح مديرية النشاط الاجتماعي بولاية عنابة منذ مطلع شهر سبتمبر الجاري في قوائم المستفيدين من عقود تشغيل حاملي الشهادات و كذا عقود الإدماج المهني لفائدة عديمي المستوى الدراسي، عن وجود عشرات الإستفادات غير القانونية، حيث أن بعض المستفيدين يتواجدون في المؤسسات العقابية و مع ذلك فإن ملفاتهم لطلب الرواتب أودعت لدى المديرية الوصية، كما أن العديد من الحالات التي تم إكتشافها تتعلق بإقدام بعض الشبان على الإستفادة من نمطين مختلفين في إطار التشغيل، و ذلك بالحصول على عقد من مديرية النشاط الإجتماعي و عقد آخر من مديرية التشغيل، مما جعل المديرية تسارع إلى إتخاذ جملة من التدابير الميدانية الإستعجالية، و ذلك بتعليق رواتب الأشخاص الذين إستفادوا من رواتب بطرق غير قانونية، مع مطالبتهم بالتعويض، و التلميح بإحالة ملفاتهم على الجهات القضائية. و حسب ما كشف عنه مصدر من مديرية النشاط الإجتماعي بعنابة للنصر فإن المسؤولين على مستوى هذه الهيئة قاموا بتشكيل لجنة مراقبة على مستوى المصالح التي تتكفل بإستقبال وثائق إثبات الحضور بالنسبة للشبان المستفيدين من عقود التشغيل و الإدماج المهني، حيث تم الوقوف على الكثير من التجاوزات، لأن أغلبية وثائق إثبات الحضور تقدم إلى المصلحة المختصة من طرف أشخاص غير معنيين إطلاقا بالعملية، مما جعل المديرية تبادر إلى فتح جملة من التحريات الميدانية المعمقة، و كانت الخطوة الأولى بطلب الملفات الإدارية من مختلف الهيئات التي كانت قد تكفلت بتوظيف الشبان على إختلاف مستوياتهم الدراسية، و قد كانت حصة الأسد من هذه العقود قد تم إستغلالها على مستوى البلديات، حيث أن ولاية عنابة إستفادت من نحو 14000 عقد إدماج مهني أو تشغيل، لكن التحريات الميدانية أظهرت بأن بعض الشبان الذين إستفادوا من هذا النمط من التشغيل تورطوا في قضايا زجت بهم إلى مؤسسات عقابية، و مع ذلك فإن ملفاتهم الإدارية ظلت سارية المفعول، و كأنهم لا زالوا يشتغلون بصفة منتظمة على مستوى الجهة التي كانت قد منحتهم العقود.و إستنادا إلى ذات المصدر فإن المعاينة الشاملة لجميع الملفات الإدارية للمستفيدين من عقود التشغيل كشفت عن وجود أشخاص يستفيدون من نمط آخر من العقود على مستوى مديرية التشغيل، مما إستوجب الفسخ الفوري لهذه العقود، مع إلزام اصحابها بتعويض المبالغ التي كانوا قد تقاضوها بطريقة غير قانونية، فضلا عن منح الفرص لمجموعة أخرى من الشبان من أجل الإستفادة من عقود الإدماج المهني. و في سياق ذي صلة فقد سطرت المديرية الوصية طريقة عمل للحد من هذه الظاهرة، و ذلك بإشتراط حضور المستفيد شخصيا لإيداع وثيقة إثبات العمل بصفة منتظمة، مع إجباره على إظهار بطاقة إثبات الهوية على مستوى المصلحة المعنية، و هذا من أجل وضع حد للتلاعبات التي كانت مسجلة، لأن التحريات المعمقة أثبتت بأن بعض المستفيدين من عقود التشغيل لا يلتحقون إطلاقا بالمناصب التي تم تعيينهم فيها، و يقدمون على تكليف أحد الأقارب بتسوية الوضعية الإدارية في نهاية كل شهر، و ذلك بتوقيع ورقة الحضور في الهيئة التي وافقت على التشغيل، مع إيداع الوثيقة لدى المصلحة المعنية لتحصيل الرواتب الشهرية بصفة عادية. على صعيد آخر فقد شكلت مديرية النشاط الاجتماعي بالولاية لجنة تفتيش تتكفل بمعاينة مدى إلتحاق الشبان المستفيدين من عقود الإدماج المهني بمناصب عملهم ، مع شطب الغائبين بصفة أوتوماتيكية و تعليق إستفادتهم من عقود التشغيل، إذ أن المديرية أصبحت تشترط إرفاق ملف تسديد الرواتب الشهرية للمستفيدين من عقود الإدماج المهني على إختلاف أنماطها بوثيقة إثبات الحضور، موقعة من طرف مسؤول الهيئة المستخدمة. و قد كشفت المرحلة الأولى من التحقيق الميداني التي قامت بها فرق تابعة للمديرية الوصية عن وجود إستفادات غير قانونية من عقود التشغيل، الكثير منها على مستوى بلدية البوني، على إعتبار أن مصالح البلدية قامت بتسليم مذكرات عمل للمستفيدين من هذا الإجراء، مقابل مبادرتها إلى القيام بتحقيق ميداني بخصوص الوضعية الإدارية لكل مستفيد، ذلك بإرسال ملفه إلى مختلف المصالح التي لها صلة مباشرة بقطاع التشغيل، منها على وجه الخصوص وكالات " أنساج "، " أنجام "، مديرية السجل التجاري، و صندوق الضمان الإجتماعي. و قد سمحت العملية في مرحلتها الأولى بالقيام بعملية تطهير واسعة في قوائم المستفيدين من عقود الإدماج المهني، و ذلك عقب إكتشاف 443 إستفادة غير قانونية لأشخاص لا يحق لهم الإستفادة من نظام الإدماج المهني، لأن هناك شبان ممن يزاولون عملهم على مستوى مقاولات و شركات خاصة، لكنهم أودعوا ملفاتهم للإستفادة من عقد تشغيل، كما أن هناك من يمتلك سجلا تجاريا و طلب الحصول على عقد عمل في إطار الإدماج المهني، و هي خروقات تم إكتشافها عند إشتراط إرفاق وثيقة إثبات الحضور بملف طلب تسوية الوضعية المالية، لأن مصالح البلدية رفضت التوقيع على بيان الحضور لأشخاص لم يلتحقوا بمناصب عملهم منذ إستلامهم مذكرات العمل، ليتقرر على ضوء ذلك تعميم هذه العملية على مستوى باقي البلديات و المديريات التي إستفادت من عقود الإدماج المهني و التشغيل لتوظيف الشبان من حاملي الشهادات الجامعية و خريجي مراكز التكوين.