لجنة الأهلة هددتني بالمتابعة و هناك علماء اختصوا في ترهيب الناس قال البروفيسور جمال ميموني منسق مدرسة الدكتوراه للفيزياء الفلكية و رئيس جمعية الشعرى لعلم الفلك بأن أغلب الأساتذة يتقاعدون علميا بمجرّد ضمانهم المنصب مؤكدا بأن أكثر الأبحاث الموجودة بالجامعة هي من تجسيد طلبة الماجستير أو الدكتوراه . و انتقد واقع الجامعة التي شبهها بالإسطبل لكثرة الأوساخ و غياب الانضباط بها. كما تحدث نائب رئيس الاتحاد العربي لعلم الفلك في هذا الحوار الذي خص به النصر عمن وصفهم بالمتخصصين في ترهيب الناس و زرع الخوف باسم العلم. حاورته مريم بحشاشي * تصوير: ع.عمور يتكرر سيناريو نهاية العالم مع نهاية كل سنة كما يتضاعف الحديث عن الظواهر الفلكية المرعبة التي كان آخرها العواصف الشمسية التي ترقبها الكثيرون في شهر سبتمبر مثلا فما رأيك في ذلك و ما مدى صحة تقويم الماية؟ -هناك أشخاص متخصصين في تخويف الناس و المؤسف أن الأمر لا يقتصر على بعض الأشخاص العاديين بل انتقلت العدوى إلى الجامعيين و بعض المتخصصين الذين باتوا يستغلون سذاجة الناس و يروجون لأفكار لا مكان لها من الصحة رغم ما لها من منطلق علمي، لكن يبقى كل ما يقدمونه مبالغة المراد منها التخويف أو الترويج و يعتمدون في ذلك على نظريات ذاتية و يتركون النظريات التي عليها إجماع و نحن بالجزائر لدينا هذه الشكيلة التي يحرّكها حب الظهور و استقطاب الأضواء و التي تنجح في استقطاب وسائل الإعلام المساهم الأول في الترويج لمثل هذه الأخبار المرعبة عن الزلازل و التسونامي و العواصف الشمسية... إلى آخره، في حين لا نرى رجال العلم و الباحثين الناشطين ممن لديهم أبحاث و دراسات يحظون بنفس الاهتمام الإعلامي لأسباب نجهلها. كما لدينا من يظهر بآراء تختلف تماما عن باقي العلميين و المختصين حول نفس الظاهرة. أما بخصوص تقويم الماية فقد أكد المختصون أنه ثمة سوء فهم و استغلال جزء منه. كثيرا ما تختلف تقديرات بوناطيرو عن تلك التي تتضمنها تقارير أو بلاغات جمعيتكم فيما يخص رؤية الهلال، ما سبب ذلك؟ - أظنه يحب الانفراد في أمور علمية دقيقة و واضحة لا تحتاج لفلسفة كما هو حال رؤية هلال رمضان حيث يقدم تصريحات مبكرة بغية الانفراد بشيء المعروف أنه يتم بإجماع فلكي عالمي. لكن ثمة من يصدق كل ما يقول و بالأخص ما له علاقة بالزلازل؟ - الأمر الأكيد أن ثمة مركز مختص و باحثين في السيسمولوجي لم ينتهجوا أسلوبه الذي أقل ما يقال عنه أنه ينطلق من نظريات ذاتية و قد تم منعه من قبل “الكراغ" من تقديم معلومات من صلاحيات المركز وحده و ليست من مهامه باعتباره مختص في الفلك بالدرجة الأولى و ذلك للحد من خرجاته الغريبة و محاولاته المستمرة في زرع القلق و الهلع في أوساط المواطنين. و مع هذا يبقى الأكثر استقطابا للأضواء الإعلامية ببلادنا؟ - العالم و الباحث يظهر بأعماله و أبحاثه و ليس بكثرة خرجاته الإعلامية، فهذا الرجل لم يقدم و لم ينشر بحثا جديدا منذ عشرين سنة و كل ما نجده عنه مجرّد قصاصات جرائد، أو مقالين واحد عن رسالة الدكتوراة و آخر يخص التنجيم و الذي تم نشره بمجلة فرنسية خاصة بالتنجيم"آسترولوجي". كما استغرب من ظاهرة توزيع الألقاب الأكاديمية مجانا على فلان و علان و مناداة أحدهم ببروفيسور أو عالم و هو لم يحز هذا اللقب أكاديميا و في السياق ذاته هناك أشخاص آخرين ممن أعتبرهم محتالين محسوبين على العلم، يقدمون أنفسهم كدكاترة و هم لم يقوموا بدراسات عليا و ثمة شخص يقدم نفسه كدكتور و رئيس فيدرالية الأندية العربية العلمية التي أسست و اختفت في نفس سنة ظهورها منذ 15سنة و مع هذا يستمر هذا الشخص في حضور ملتقيات علمية دولية على هذا الأساس و هو مجرّد تقني سامي...لا بد من إسقاط الأقنعة عن الوجوه و فضح مثل هؤلاء الأشخاص. لم يعد الكثيرون يصدقون بياناتكم الفلكية بخصوص إمكانية أو استحالة رؤية الهلال في كل شهر رمضان، لأنها نادرا ما تصدق؟ - صدقا توّقعنا الإعلان عن رؤية هلال رمضان الماضي بالعين المجرّدة رغم تأكدنا و بإجماع مراكز الرصد الدولية استحالة ذلك، و قد نشرت مقالا مفصلا عن هذه الفضيحة عبر موقع جمعيتنا “الشعرى لعلم الفلك" و كشفنا الخطأ الذي وقع فيه ممن ادعوا رصدهم و رؤيتهم لهلال رمضان 2012 حيث تبيّن بعد التحقيق أجري بباتنة من قبل “ممثل أيكوب"أن عدد من رأوا الهلال لم يكونوا عشرة و إنما خمسة عكس ما تم الإعلان عنه من قبل لجنة الأهلة، كما اعترف الإمام بأن السماء كانت غائمة بشكل يستحيل معه رصد الهلال. لكن كالمعتاد فضلوا السكوت بحجة تجنب الفتنة و البلبلة، في حين كان من المفروض الإعتراف بالخطأ. ألم تواجهوا مشاكل بسبب بياناتكم المكذبة لتقارير لجنة الأهلة؟ - بلى هددتنا وزارة الشؤون الدينية و الأوقاف ذات مرة بالمتابعة القضائية بعد احتجاجنا على عدم احترام المواطنين و إبلاغهم بالتغييرات المتخذة بخصوص الانتقال من الرؤية المحلية إلى الدولية دون سابق إنذار، لكن هذا لم يمنعنا من مواصلة إرسال تقاريرنا الفلكية للوزارة و لمديرية الشؤون الدينية في كل مرة. كما تلقينا العام الماضي رسالة اتهمنا فيها بالمساس و التهجم على المشايخ و ذلك على ضوء مقال نشرته إحدى الصحف المستقلة. هناك من يرى بأن بداية رمضان يحدد وفق اعتبارات اقتصادية فما رأيك في ذلك؟ - أنا أعتبرها اجتهادات غير بريئة و أجد الأسباب جيوسياسية أكثر منها اقتصادية، لأنها لا تخدم الاقتصاد في أغلب الأحيان...و كل ما في الأمر أن أصحاب القرار يرفضون الخروج عن المجموع. هل أنت مع توحيد تاريخ رمضان أو ضده و لماذا؟ - إذا تحلت لجان الأهلة بالقدر الكافي من المصداقية و الموضوعية فلما لا، لكن للأسف هذه الأخيرة تحرّكها عوامل جيوسياسية ، لذا فأنا لا أثق كثيرا فيها. المعروف أن السلطة الجزائرية تحث على التوفيق بين العلم و الرؤية العينية و مع هذا يستمر مشكل الرصد سنويا. - لا مكانة للعلم بلجنة الأهلة رغم تذكيرها باحترامها للعلم في تقاريرها و وجود فلكي ضمن المجموعة، غير أن الواقع يثبت في كل مرة عدم أخذها بعين الاعتبار تقارير الفلكيين حتى تلك المقدمة من قبل “الكراغ". لنعد إلى العواصف الشمسية التي تحوّلت إلى كابوس موّحد،هلا أخبرتنا عن مدى تأثير ذلك على الحياة بكوكبنا؟ - بالفعل هناك تزايد للعواصف الشمسية لأن الشمس في أوج نشاطها غير أن ذلك ليس له تأثير مباشر على حياة البشر و قد اخترنا هذه الظاهرة الفلكية كمحور للصالون الجماهيري الدولي الذي نظمناه مؤخرا بقسنطينة بعد ما سجلناه من تساؤلات كثيرة حول الموضوع، كما قدمنا شروحات مبسطة عبر عدد من وسائل الإعلام، أكدنا من خلالها بأن الظاهرة لا تشكل خطرا على حياة البشر و إنما تؤثر على الأقمار الصناعية و بالتالي وسائل الاتصال أو المنشآت الكهربائية، لكن يبقى الشيء المقلق في العواصف الشمسية احتمال تأثيرها على جيولوجيا الأرض الذي قد يتسبب في زلازل و فيضانات. من جهة يقال أن العالم مهدد بالعطش و من جهة أخرى بالغرق احتمالين متناقضين أيهما تصدق؟ -الاحتمالان معا لأن تأثيرات الاحتباس الحراري كثيرة ، لقد تسببت في ذوبان القطب الشمالي، و جفاف مناطق كثيرة في المعمورة. كيف تقرأ واقع علوم الفضاء في الجزائر؟ - أنا متفائل لأن الخطوات التي حققها باحثونا بمصنع تركيب الأقمار الصناعية الصغيرة بأرزيو مهمة جدا، أما عن إمكانيات إطلاقها فنحن بعيدين كل البعد عن هذا المجال الذي يتطلب إمكانيات و استثمار كبير جدا، بالإضافة للكفاءات البشرية التي نفتقرها، و عليه فإن عملية الإطلاق تبقى غير ضرورية إذا ما نظرنا إلى تكلفتها في الدول الرائدة في هذا المجال كالهند مثلا. لا زال الكثيرون يربطون التنجيم بعلم الفلك لماذا في رأيك؟ - مرة أخرى يبقى الإعلام وراء ذلك،فلا وجود لأي حقيقة أو صلة علمية بالتنبؤات التي يتم نشرها ضمن الأبراج أو الطالع...التي تبقى تجارية محظة و تستغل سذاجة الناس دون خلفية علمية. ما الذي استوقفكم خلال رحلتكم إلى غزة؟ - جامعاتهم عبارة عن قصور، تعكس مكانة العلم عند الفلسطينيين و كذا مكانة الإنسان و الأخلاق... صدقا شعرت بالأسى على جامعتنا التي أقل ما يقال عنها أنها باتت أشبه بإسطبل يميّزه الوسخ و الفوضى ، زرنا أربع جامعات و لم تختلف الواحدة عن الأخرى من حيث الانضباط و التنظيم و النظافة. هناك من انتقد رحلتكم و علّق بأن أهل غزة في حاجة إلى طعام و ليس لعلم فلك أو فضاء فكيف كان رد فعلكم؟ - المنتقدون يجهلون همة و إرادة الغزاويين الذين رغم الحصار يبقى اهتمامهم بالعلم واسع و مثير للإعجاب، و قافلتنا كانت علمية بالدرجة الأولى و ليست فلكية هدفها فك الحصار الأكاديمي و تعزيز معنويات الزملاء هناك و مساندتهم. و نشطنا حوالي 20محاضرة. و قد لقيت القافلة صدى كبيرا في أوساط الطلبة. كثرت التظاهرات العلمية في السنوات الأخيرة بشكل مثير للإنتباه، شأنها شأن مخابر البحث لكن دون أن تقابلها أبحاث و تقارير تثري المكتبة الجامعية ما تقييمك لذلك؟ - في الواقع التظاهرات العلمية قليلة جدا مقارنة بما هو موجود بدول العالم،و بالنظر إلى عدد الأساتذة و نحن لدينا فائض في عدد الأساتذة بالجامعات لكن المردود يبقى هزيلا جدا، هذا على الأقل ما نسجله بمجال الفيزياء مثلا باعتباره تخصصي، و أكثر الأبحاث الموجودة هي من تجسيد طلبة الماجستير أو الدكتوراه. و الواقع يثبت بأن أغلب الأساتذة يتقاعدون علميا بمجرّد ضمانهم المنصب و يتراجع نشاطهم الذين تعوّدوا على إظهاره قبل الارتقاء إلى ترتيب و تصنيف أعلى.