تصوير - مكتب قسنطينة مدير المرصد الفلكي بليون اعتنق الإسلام بسبب تطابق علم الفلك مع القرآن لأبراج مجرد مزحة.. ولا علاقة لها بالواقع وعلم الغيب مفاتيحه بيد الله بعد أكثر من ثلث قرن قضاها في البحث والدراسة بين الجزائر وباريس وكاليفورنيا، وبعد رحلة فلكية طويلة في كل أصقاع المعمورة، عاد الدكتور محمد الأخضر لوصيف إلى الجزائر على أمل أن ينجز أحد أهم المراصد الفلكية في منطقة الهڤار ونزل ضيفا علميا على الشروق اليومي، حيث سبح بنا في مجرات هذا العلم الذي مازال ألغازا في الجزائر. * هل عودتك المؤقتة إلى الجزائر من أجل بعث علم الفلك؟ * العودة متعلقة بالبداية، أذكر أنه في عام 1973 عندما كنت طالبا جامعيا بقسنطينة، قام أستاذ من أصل هندي بنقلنا إلى تامنراست لمتابعة حادثة كسوف كلي للشمس وقعت بموريتانيا وتشاد وهي الحادثة التي كشفت لي أن منطقة الهوڤار مهيأة لأن تكون أحد أهم المراصد الفلكية، وجعلتني أتعلق بهذا العلم، والآن بعد 32 سنة من الدراسة والبحث وحصولي على الدكتوراه في مناسبتين في باريس الفرنسية وفي كاليفورنيا الأمريكية، حان الوقت لجني الثمار عبر مشروع أراه سينقل الجزائر علميا في هذا الاختصاص، ثم أن حادثة مذنب هالي أمكن مشاهدتها في تامنراست رفقة علماء كانوا معي من فرنسا وألمانيا الديمقراطية بشكل هو الأهم بالنسبة لهذا الحدث التاريخي ومازال مرجعا لكل علماء العالم، حيث أرسلت اليابان أقمارا صناعية لأجل رصده، بينما تمكنا نحن بسهولة من رصده من تامنراست التي تمتلك كل الصفات، لأن تصبح عاصمة عالمية لعلم الفلك.. يمكنني القول أنني قضيت 15 يوما في تامنراست أفنيت لأجلها 32 سنة من عمري والبقية تأتي بحول الله.. ولعلمكم فإن صورة رصد مذنب هالي في الهوڤار بقيت معلقة عشر سنوات كاملة في أكبر كلية بباريس. * * هل دخل هذا المرصد مرحلة التجسيد؟ * وزارة الداخلية رصدت ميزانية لأجل ذلك وإن شاء الله في أقرب الآجال تنطلق أشغال إنجازه وهذا بالتنسيق طبعا مع مرصد علم الفلك والفيزياء الفلكية والجيوفيزياء ببوزريعة، الذي أنا موظف فيه.. لقد سافرنا عدة مرات على الموقع وقمنا بكل التجارب الضرورية من إحصاءات واستكشافات للضوء والمطر والحرارة والعلو وأنجزنا ملفا ضخما أقنعنا بأننا أمام أهم موقع فلكي. * * ما الذي سيقدمه هذا المرصد للجزائر وللمنطقة الجنوبية بالخصوص؟ * نهدف من خلال هذا المرصد إلى دراسة العلاقات الشمسية الأرضية وهي دراسة مهمة ولها علاقة بعالم الاتصالات والدفاع والزراعة والنفط، النشاط الشمسي له تأثيرات مهمة على الرادارات والجاذبية وكل ما يدور في محيط الأرض.. وفي مختلف دول العالم مثل هذه المراصد ترجع إليها مختلف القطاعات إضافة إلى أن هذا المرصد الفلكي مرشح لأن يأخذ أبعادا عالمية وستصبح تامنراست عاصمة لعلم الفلك، خاصة أن المشروع شارك في دراسته علماء من روسيا وأمريكا وأستراليا وطبعا الجزائر، كما هو حاصل مع منطقة لاسييا في الشيلي التي تعتبر حاليا أهم مرصد في الوقت الحالي.. والهوڤار تمنح الشروط الجغرافية والمناخية لتجعلها الأكثر أهمية، حيث يوجد حاليا مرصد فلكي واحد في أوربا في جزر الكناري، ولكن الزوابع الرملية المسجلة أحيانا تعرقل أدائه وسيمنح هذا المرصد العلمي بعدا سياحيا وعلميا عالميا للمنطقة وتكوينيا للعلماء.. إضافة إلى أن الأقمار الصناعية ستستفيد منه. * * تصلنا أخبار فلكية مرعبة عن حركة زلزالية مدمرة وبراكين وجفاف وغيرها من المآسي المستقبلية.. هل هي أمور يقينية؟ * حكاية ثقب الأوزون حقيقة لا يمكن إخفاؤها، لأن الثقب حدث بسبب تأثر البنية الكيميائية للطبقة بسبب التلوث، وهو ما أدى إلى تسلل إشعاعات وجزيئات الشمس التي تؤثر بالتأكيد، لكن القول بأن كوارث ستحدث بسبب ذلك لا يمكنني نفيه أو تأكيده، أنا أؤمن بأن العالم الحقيقي لا يمكنه أن يعطي شيئا مؤكدا، أما عن الزلازل والبراكين والجفاف، فخلال دراستي الممتدة على مدار 32 عاما لم أعرف علاقة بين حركة النجوم أو الشمس والزلازل، ولدينا أدلة كثيرة، فخلال زلزال الأصنام عام 1954 كانت حركة الشمس في أقل نشاطها عبر التاريخ، والعكس تماما في زلزال 1980 هذا ما تعلمته على مدار سنوات. * * وما علاقة علم التنجيم بعلم الفلك؟، هناك من يحاول إقناع الناس البسطاء بأن ماضي ومستقبل الإنسان مرتبط بالأفلاك؟ * لا وجود لشيء اسمه علم التنجيم، وإذا كان البعض يسمي نفسه دكتورا أو باحثا أو مختصا فإنهم في أوروبا لم يدخلوا الجامعات ولا المعاهد ولا المراصد الفلكية، قد تكون لهم معلومات فلكية يستعملونها، لكنها معلومات ولعب بالكلمات فقط، لا شيء يمكن تسميته علم من دون قاعدة رياضية علمية، حتى الملاحظة البصرية لا يمكن أن تقوم من دون قاعدة رياضية علمية. * * كيف تفسر متابعة الناس منذ القدم للأبراج عبر الصحف، خاصة في أوربا وظهور مختصين يخطفون إيمان الناس وليس فضولهم فقط؟ * هناك من يشتري الأمل والتفاؤل بأي ثمن وهذه هي تجارة المنجمين، عموما نحن نتسلى ونضحك كلما شاهدنا منجما يتحدث باسم علم الفلك، قوتهم أنهم يدافعون عن بعضهم البعض حتى يبقوا، أذكر مرة عندما كنت في باريس تم تقديم مادام سولاي مع أب الفلك الفرنسي إينوري سابستان الذي وافته المنية منذ أسبوع فقط، وحاول التلفزيون إجراء مناظرة بينهما، فكانت مادام سولاي تتهرب وعجزت عن الإجابة عن الكثير من الأسئلة العلمية ومع ذلك مازالت لحد الآن تلقى رواجا.. طبعا عند متوسطي المستوى العلمي.. وأعود وأكرر أن الغرب لا يؤمن بالتنجيم ولا يعترف به كعلم وهو مخصص لأصحاب المستويات المحدودة.. يمكنك أن تستعمل العلم وأنت لست عالما، كما يمكنك أن تستعمل معلومات طبية أو فلكية وأنت لست طبيبا ولا فلكيا. * * هل يعترف الغرب بأفضال العرب على علم الفلك؟ * لا أحد يمكنه إنكار ذلك، ولحد الآن مازالت المجموعات النجمية تحمل أسماء عربية وينطقها الأمريكان واليابانيون والفرنسيون من دون تغيير، بل إن معظم المجموعات النجمية أسماؤها عربية مثل إبط العجوز والديبران، وكل العلماء ينطقونها كما هي وحتى نظريات علم الفلك القديم وهي عربية مازالت سارية في كامل المعمورة، صحيح أن الأستروفيزياء لا علاقة لها حتى بأبحاث غاليلي، لكن أصلها هو علم الفلك القديم. * * وكيف يرى علماء الفلك الأمريكان والأوروبيين توافق ما ورد في القرآن الكريم مع علم الفلك الحديث؟ * لقد طرح عليّ شخصيا هذا السؤال في فرنسا، وكنت أرد بقناعة أنه كلما أبحرت في علم الفلك كلما تضاعف إيماني، ثم إن علماء الفلك الغربيين لو وجدوا عدم تطابق الآيات القرآنية التي تتحدث عن النجوم والشمس مع العلم لبادروا لكشف ذلك وأظنهم حاولوا ولكنهم صدموا بكون القرآن الكريم هو منبع علم الفلك وأيضا الداعي الأول لتدبر ما في السماء من كواكب، أنا شخصيا أعتبر القرآن الكريم أول وأهم كتاب احتوى علم الفلك الراقي وليس التنجيمي، ويوجد أحد أكبر علماء الفلك في أوربا والعالم وهو السيد برونو ديغي داردوني وهو حاليا مدير المرصد الفلكي في مدينة ليون اعتنق الإسلام ويبلغ حاليا من العمر 47 سنة، واختار إسم عبد الحق بعد أن اقتنع بمعجزة القرآن، وصدقني أحيانا عندما أدخل مسجد باريس أجده قد سبقني إلى الصفوف الأولى، وهو ملتزم بالدين الحنيف وتواجده كعالم كبير في علم الفلك أقنعه بمعجزة القرآن الكريم، وأبتهج عندما تقوم مختلف الجمعيات الفلكية باقتباس شعاراتها من القرآن الكريم كما تفعل جمعية ابن الهيثم للعلوم والفلك بعين فكرون، التي شعارها الآية الكريمة: "إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب". * * العالم محمد لوصيف في سطور * هو من مواليد قسنطينة، درس كافة الأطوار التعليمية الأولى إلى غاية الجامعة في عاصمة الشرق، واختص في الفيزياء الرياضية، وبعد حصوله على ما يوازي الليسانس أكمل دراسته في جامعة جوسيو بباريس بالمنطقة السابعة، حيث توجه بإمكاناته الخاصة، ثم منحته الدولة منح الدراسات العليا، وبالموازاة درس في المرصد الفلكي ميدون بباريس وحصل على ديبلوم معمق في الفيزياء الفلكية، وبعد أبحاث حول تنقلات الأشعة في الغلاف النجمي تحصل على دكتوراه دولة في باريس، ونال دكتوراه ثانية في كاليفورنيا بالولايات المتحدة بعد أن زارها لأول مرة عام 1988 بالمرصد الفلكي ساكرامانتونيك حول الرياح الشمسية، وله حاليا مركز أبحاث في باريس، وكان متزوجا من طبيبة فرنسية اعتنقت الإسلام وقدمت أطروحتها بشعار مترجم عن القرآن الكريم، وله منها أربعة أبناء أكبرهم نجمة التي تدرس التجارة في باريس وسمية مختصة في البيولوجيا إضافة إلى طفل وصبية في المدارس الثانوية. * * لقطات من حياة العالم لوصيف * - يعترف الدكتور لوصيف بأن من مساوئه أنه شره في التدخين، وقد منعوه من تعاطي السجائر داخل مكتبه الذي هو مديره في باريس. * - عندما بدأ الأبحاث في ساكرامانتونيك في كاليفورنيا قضى مرة ثلاثة أشهر دون أن يشاهد شخصا واحدا. * - سألنا الدكتور لوصيف عن فريق مولودية قسنطينة التي كان يحبها ويتجه للملاعب لمتابعتها، وتأسف على حالها وقال أنه مشجع لباريس سان جرمان وأيضا المنتخب الوطني. * - يتقن الدكتور لوصيف عدة لغات وسبق له أن حاضر في أنغولا، حيث كرمة رئيس أنغولا وفي الشيلي وأستراليا والولايات المتحدة.. وأخيرا في المركز الجامعي بأم البواقي. * - قال الدكتور لوصيف أن شغفه بعلم الفلك جعل أبناءه يكرهون هذا العلم واختاروا علوما أخرى.. ومع ذلك تسافر معه ابنته الكبرى في كل ترحاله وستكون إلى جانبه في أبو ظبي نهاية الشهر الحالي في ملتقى فلكي.