أمير الهارمونيكا جي جي ميلتو يوّقع سهرة للحرية و تقدير الذات بلغة البلوز تحرّرت الليلة الثالثة لديما جاز الدولي أمس الأول بالمسرح الجهوي بقسنطينة من كل القيود فكانت سهرة للحرية كما أرادها أمير الهارمونيكا جون جاك ميلتو و رفاقه الأربعة عازف الغيتار ماني غالفين و عازف الباص جيل ميشالو و المغنيين الرائعين ميشال روبنسون و رون سميث الذين أمتعوا الجمهور بفقرة فنية ميّزها التوازن و التناغم الموسيقي المثالي صوتا و عزفا. و كانت أمسية ديما جاز الثالثة مفعمة برسائل السلام، الحب و الحث على احترام الآخر مهما كان لونه و جنسيته، حيث صبت معظم الأغاني المختارة من قبل تشكيلة جون جاك ميلتو أو "جي جي "مثلما يدعوه رفاقه، في محور "احترام و تقدير الآخر" عنوان ألبومهم الأخير "كونسيديراسيون" المخلّد لموسيقى السود التي قال "جي جي" و هو يعتلي ركح قسنطينة لأول مرة، بأنها كانت أكبر صفعة ثقافية في المائة سنة الأخيرة، لما أضافته ليس على مستوى الطبوع و الريتم و الهارمونيا الموسيقية و إنما بطريقة احترام تعبير و رأي الآخر و علاقته بغيره. جون جاك ميلتو المعروف بعبقريته في أسر أسماع و قلوب جمهوره بتواضعه و حسه الموسيقي المرهف، أهدى جمهور قسنطينة سهرة فنية ستبقى دون شك راسخة في أذهان عشاق آلة الهارمونيكا، آلته السحرية التي منحته تأشيرة عالمية حرة للتعبير عن رفضه الذل و الحث على تقدير الذات والآخر و هو الشيء المفقود في المجتمعات التي ليست على ما يرام مثلما قال للنصر بعد نهاية حفلته التي استمرت أكثر من ساعة و ربع، استمتع خلالها الحضور بسحر موسيقى البلوز التي أسرت قلب أحد أشهر عازفي الهارمونيكا في العالم جون جاك ميلتو فراح بدوره ينشر سحرها على طريقته بآلته البسيطة التي لا تفارق جيبه. و بتواضع العمالقة ترك "جي جي" بصمة مهمة في مهرجان ديما جاز الذي يشهد طبعته الحادية عشر، رفقة تشكيلة نخبوية مشجعة للموسيقى الهادئة و الشاعرية المضفية للأجواء الحميمية مهما كانت شساعة الفضاء لاعتماد الفنانين لطريقة التواصل مع الجمهور بإشراكهم في كل أغنية يؤدوها، مثلما فعلوا في فقرتهم الفنية على ركح قسنطينة التي احتوت طبقا موسيقيا راقيا، انتقوا بعض أنغامه من ألبومهم الأخير، فحملوا الحضور إلى "مامفيس" مهد البلوز، و غنوا "داون إن ميسيسيبي"(أسفل مسيسيبي )للأسطورة مايفس ستايبلس و "لونغ تايم غون"(وقت طويل مضى)و "روكن رول نيفر داي" (الروك رول لن يموت أبدا) و"سان رايز بيسفولي"(شروق هادئ)، "وان لوف"(حب واحد)، "هاير آند هاير"(أعلى و أعلى)... و غيرها من الأغاني التي انسجم معها الحضور بشكل متفاوت قبل أن يقع الفريق على النغم المفتاح لتحريك الجميع دون استثناء بأداء رائعة "روك مي بايبي"التي أبدع في أدائها النجم الأسطورة بي بي كينغ، التي رددّها الكثيرون بصوت واحد مع المغنيين الذين حرصا على اختيار لغة الروح و الإحساس كأفضل لغة تخاطب. و كانت الفقرة الأولى من السهرة الثالثة لديما جاز مفعمة بالموسيقى التأملية الهادئة المازجة بين الموسيقى الكلاسيكية و الجاز بنسمات الشرق، جالت من خلالها عازفة البيانو البارعة ماشا غاربيان و تشكيلتها الرباعية بين أنغام الموسيقى الأرمينية التقليدية العاكسة لأصولها الأرمينية و ألحان الفولك و البوب المعبّرة عن ولعها بالموسيقى التي كبرت عليها بعد تخصصها في الموسيقى الكلاسيكية قبل أن تستلهم من سفرياتها الكثيرة أنغامها المتميّزة التي جمعتها في ألبومها الألبوم الصادر مؤخرا و الذي أثار اهتمام الصحافة الفرنسية التي أثنت عليه و اعتبرته أفضل ما جاء به العام الجديد. و قدمت تشكيلة ماشا "فاندر رودز"طبقا متنوعا من الأنغام المستقاة من ألبومها "مارس" منها "رتيل براير"(طقوس الصلاة)، "بيزانس"(بزنطة)،"باساج دو برانس"(ممر الأمراء) و "آفكت ستوريز"(قصص مؤثرة)...و غيرها من الألحان التي احتكرت فيها ماشا المكان بعزفها المتميّز على آلة البيانو. و طغت على الجزء الثاني من الفقرة المخصصة لغاربيان المؤثرات الصوتية التي اعتمد عليها عازف القيتار دافيد بوتو غزال، فيما تألق كل على طريقته عازف الكونترباص تيو جيرار الذي قدمته المغنية و العازفة للجمهور كصديق طفولتها و مغامراتها الفنية، و عازف الباتري فابريس مورو. مريم/ب /تصوير شريف قليب في ندوة صحفية جون جاك ميلتو يشيد بالمستوى التقني العالي لديما جاز قيّم عازف الهارمونيكا جون جاك ميلتو مشاركته بالمهرجان الدولي لديما جاز بالإيجابية، كما أشاد بالتنظيم المحكم للتظاهرة معلقا "أردت أن أجد شيئا سيئا، لكنني لم أجده". و أشار ميلتو إلى التحكم المتقن في الأجهزة التقنية و الفنية معتبرا ذلك عاملا أساسيا في نجاح التظاهرة التي قال أنها المرة الأولى التي يشارك فيها مع تشكيلته ، لكن ليست المرة الأولى التي يزور فيها الجزائر لأنه سبق له زيارتها في عرض مسرحي حمله إلى العاصمة و وهران. و غلبت الطرافة على حديث الفنان ميلتو و التي كان يلجأ إليها للتهرّب بكل لباقة من بعض أسئلة الصحفيين كرأيه في حرب البترول التي تطرّق إليها في التعليقات التي تعوّد على القيام بها قبل الانطلاق في العزف أو تقديم المعزوفة التي سيؤدونها، مفضلا التحدث عن تجربته الفنية و علاقته بأعضاء تشكيلته و موسيقاهم التي أرادوها لغة أحاسيس و نداء للحرية و تقدير و احترام الآخر. و من جهته قال المغني الأمريكي المتألق رون سميث بأن أكثر ما يحتاجه الفنان هو الإحساس مؤكدا بأنه لا توجد موسيقى جيّدة و أخرى سيئة ، و إنما مشاعر يستسلم لها الجميع. و كشف جون جاك ميلتو عن جولتهم القادمة التي ستحملهم إلى مهرجانات أخرى منها مهرجان الجاز بباريس و قبلها سانت إينيون بفرنسا دائما. م/ب /تصوير شريف قليب العازفة ماشا غاريبيان في ندوة صحفية موسيقى الشعبي تعجبني و تمنحني الرغبة في الرقص قالت عازفة البيانو البارعة الفرنسية ذات الأصول الآرمينية ماشا غاريبيان و ابنة مؤسس فرقة براتش المرّوجة لموسيقى البحر المتوسط وشرق أوروبا و الموسيقى الغجرية ، بأنها معجبة كثيرا بموسيقى الشعبي الجزائرية، مؤكدة بأنها تمنحها الرغبة في الاستسلام للرقص. و تحدثت الفنانة عن تمسكها بجذورها الأرمينية رغم نشأتها بفرنسا و تذوقها للألوان الموسيقية العصرية و الكلاسيكية، لكن ذلك لم يمنعها من الاعتماد على التراث الموسيقي التقليدي لمنطقتها و استلهام معزوفاتها و وصلاتها التي بدأت تعرف رواجا أكبر بعد صدور أول ألبوم لها بداية هذه السنة و الموسوم"مارس" الذي مزجت فيه بين موسيقى الجاز و البوب و الفولك لكن ببهارات شرقية من مختلف بلدان شرق أوروبا و الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط و بشكل خاص تركيا و اليونان... و تطرّقت الفنانة لتجربتها الفنية و انتقالها من الموسيقى الكلاسيكية إلى موسيقى الجاز بعد سفرها إلى نيويورك أين قررت الخوض في تجربة جديدة فراحت تمزج بين الجاز و موسيقى شرق أوروبا و تراث بلدها أرمينيا بشكل خاص. و قالت ماشا أن الحرب التي كانت بين أرمينيا و أذربيجان لم تمنعها يوما من الاستلهام من موسيقى هذا الأخير لأن الموسيقى لا تعرف الحقد، بل جمعت الأرمينيين و الأذريين في الماضي في زمن السلم. و وصفت ماشا مؤلفاتها الموسيقية بالحزينة التي تحاول تخفيفها بإضفاء لمسة الجاز و الفولك عليها. و اعترفت الفنانة بأن الجزائر أول بلد تزوره و تعرض فيه باكورة مشوارها الفني بعد فرنسا مشيدة بحفاوة الاستقبال التي حظيت بها بمدينة الصخر العتيق. و علّقت قائلة"سيحمل كل منا صورة جميلة عن قسنطينة التي تجولنا بين عدد من أزقتها القديمة.