شوشو فالديس و ميغال غوميز سفيران للموسيقى الأفرو- كوبية بامتياز في ديما جاز 11 طغت الموسيقى الأمريكو لاتينية و الأفرو- كوبية على السهرتين ما قبل الأخيرتين لديما جاز الدولي بتربع عازف البيانو العملاق الكوبي شوشو فالديس على عرش السهرة السابعة التي تمازجت فيها أنغام الغناوة و الريغي مع المورتينو و الجاز بعد انضمام المغربي عزيز سحماوي لتشكيلة فالديس، فيما كانت الصالصا سيدة السهرة الثامنة بتوقيع تشكيلة ميغال غوميز. فمسرح قسنطينة لم يستعد أنفاسه لسهرتين متتاليتين تحت الأنغام الإيقاعية الصاخبة التي رقصت جنباته تحت تأثيرها و تأثير رقصات الجمهور الغفير لساعات من يومي الأربعاء و الخميس، حيث بدأت على وقع الغناوة المصبوغة بألوان الريغي و تأثيرات الجاز المختلفة تبعها سحر الجاز الأفرو- كوبي تحت أنامل عازف البيانو الساحر شوشو فالديس الذي أعاد الهدوء إلى الركح بموسيقاه المصنّفة ضمن سجل العمالقة العالميين، بمقاطع انتقاها من ألبومه الأخير الموسوم "بلا حدود" و التي ميّزتها المعزوفات المفعمة بالأنغام العاكسة للإرث الموسيقي الكوبي مانحا السهرة الفنية أجواء لم تخرج عن المحور المختار لها "جذور"، حيث حمل الجمهور الذي غص به الركح في جولة فنية لم تعترف بالحدود الجغرافية و هو يعرّج على الموسيقى الكوبية بكل تأثيراتها تارة و على الجاز بكل نسماته تارة أخرى و أهدى الحضور باقة شملت عددا من مؤلفاته منها"كوندنزا"، خوليان"التي أهداها لإبنه ثم"بيلار"، "آبديل" و "بيبو" التي وضعها تخليدا لروح والده الموسيقي بيبو فالديس الذي غيّبه الموت في شهر مارس المنصرم. و بعد سفره المعبق بعطر الجاز الممزوج بالصالصا و الغروف و غيرها من التنويع الموسيقي الذي صنع شهرة شوشو و جعله أكثر مرافقة لألمع النجوم عبر العالم لبراعته في عزف كل الطبوع. و كان الجزء الثاني من سهرة الأربعاء راقيا بلمسة شوشو الذي داعب آلته بأصابع ساحر عاشق أثار إعجاب عشاق البيانو و الموسيقى الأفرو- كوبية التي لم تغب عن طبقه المتنوّع قبل أن يزيده تنوعا و ثراء بدعوة الفنان المغربي عزيز سحماوي المعروف ببراعته في زرع الحماس بأنغامه المنتقاة من التراث المغاربي فانسجمت النغمة الكوبية بالنغمة المغاربية، المعطرة بعبق الصالصا و الفلامنكو و الغناوي، عاكسة تمازج ثقافات العالم. و أشاد فالديس كغيره من الفنانين المشاركين في الطبعة الحادية عشر لديما جاز بروح الحماس الفني العالي عند الجمهور الجزائري، كما تحدث عن اهتمامه و استلهامه من كل التأثيرات الموسيقية عبر العالم، مشيرا إلى اكتشافه و إعجابه بموسيقى المالوف التي سمعها عند وصوله إلى قسنطينة فطلب من مستضفيه إهداءه ألبوما لهذه الموسيقى العريقة. و من جهته خطف الفنان المغربي في فقرته بداية السهرة الأضواء و أشرك الجمهور في كل وصلة أداها بإيقاع محفز على الرقص رفقة تشكيلته "يونفرسيتي أوف غناوة". و لم تقل سهرة الخميس حماسا عن سابقتها، حيث لم يجلس الكثيرون بمقاعدهم لانسياقهم وراء الإيقاعات و المعزوفات الريتمية التي ميّزت الليلة ما قبل الأخيرة لديما جاز بدء بالتنويع الكبير الذي احتوته فقرة تشكيلة "فالنتيرد سلايفس" التي لم تخرج عن مجموعاتها الموسيقية المعتادة و المعروفة بمزجها بين الفانك و الجاز و الموسيقى الإفريقية دون إغفال التأثيرات العصرية، فغلب على عرضها الذي استمر قرابة الساعة و النصف إعادة أشهر أغاني السبعينات و الثمانينات إلى جانب معزوفات من تأليف بعض أعضاء التشكيلة كجوليان شارلي و هارفي سامب الذي برز كمرافق بارع على آلة الغيتار مع عدة فنانين في ذات الطبعة و الطبعات السابقة، حيث خطف الأضواء مرات عديدة من باقي عناصر التشكيلة الموسيقية. و من الأنغام المقدمة في السهرة و المستقاة من ألبومهم الأخير "بريكفيست إن بابيلون" الذي تم الترويج له على هامش المهرجان، نغمة "بيبل مايك دي وورلد اراوند"، "سناك ستيرز"، "دافت"...و غيرها من المعزوفات التي أبدع في أدائها رئيس التشكيلة عازف الساكسوفون أوليفيي تميم، و رفاقه آرنولد مويزا و حكيم بورنان الذين تحدثوا بعد نهاية الحفل عن علاقتهم بالجزائر التي ولد فيها حكيم و آرنولد و كذا والد أوليفيي. و برغم إحياء إرهاصات موسيقى الجاز ، لم تتخل التشكيلة عن عزفها المسلي الذي يدعو الجسم للاستجابة لإيقاعات الخفيفة. و قبل أن يأخذ الجمهور أنفاسه من الفقرة الأولى، عاد إلى الرقص على إيقاع الكونغا بلمسة ميغال غوميز و طريقة قرعه المتميّزة و هو المعروف بلقب سفير الموسيقى الأفرو- كاريبية لحرصه على انتقاء أشهر أغاني الصالصا، حيث تنوعت بهارات طبقه بين أنغامجوني أوتيز"ماجيستاد آنتييانا" و أنغام فيلو بيرغازا"سيغيري سين سونار"و بيدرو غنوناس"لو ميجور دي مي.."التي رقص الكثيرون على إيقاعها الجميل و صوت المغنيين آليكسي دوناتيان و كوتسي آلمايدا الذين زادا من حماس الجمهور بدعوتهما المستمرة للرقص و التصفيق. و للتذكير برز ميغال غوميز في بداية الثمانينات كواحد من أفضل قارعي آلة النقر على مختلف الآلات و بالأخص "الكونغا، البونغو و الكاجون..."بالساحة اللاتينية الباريسية خاصة و العالمية عامة بفضل التقائه و مرافقته لكبار الموسيقى الأفرو كوبية و الجاز أمثال "كارلوس بطاطو فلداس. و يوجد حاليا برصيده المسجل أكثر من 90ألبوما. مريم/ب /تصوير شريف قليب