الخجل و الموضة يدخلان سوق النظارات الطبية في الكساد تسجل أغلب محلات بيع النظارات الطبية بالجزائر تراجعا كبيرا في مبيعاتها في السنوات الأخيرة لحساب العدسات اللاصقة التي باتت تستهوي كل فئات المجتمع دون استثناء، في وقت يؤكد الأخصائيون على أن استعمالها مربوط بشروط، محذرين في ذات السياق من الانتشار العشوائي لها بمحلات المواد التجميلية. تنقلنا في جولة لنا بين محلات بيع النظارات الطبية بولاية بومرداس، و على الرغم من أن عددها كان كبيرا، إلا أن نشاطها و حسب ما أجمع عليه أصحابها تراجع بشكل كبير، فقد قالوا بأن النظارات الطبية التي تزين واجهات هذه المحلات قابعة بها منذ سنوات، و لم يبع منها سوى مجموعة صغيرة. و يقول أهل الاختصاص بأن اقبال المواطنين على اقتنائها قد تراجع بشكل ملفت على الرغم من كثرة الموديلات التي تتماشى و الموضة، فالنظارات الطبية لم تعد تستهو الجميع سواء تعلق الأمر بالشابة أو الشاب، و حتى المراهق و الكهل، فالكل بات يفضل اخفاء قصر نظره عبر عدسات لاصقة يرون فيها مميزات كثيرة. الآنسة "أمال،ب" بائعة بإحدى المحلات بمقر ولاية بومرداس، تؤكد بأن نسبة تراجع مبيعات النظارات قد فاقت ال50 في مائة، و هو عكس الوضع بالنسبة للعدسات التي قفزت في الأسواق، بارتفاع مبيعاتها، فقد أصبح من النادر جدا وصول شاب أو شابة بوصفة طبية تستلزم تركيب زجاج فوق نظارة، و أصبح مستعملوها مقتصرا على الأطفال الصغار و العجائز فقط. و تضيف محدثتنا بأن الشباب و الشابات باتوا يفضلون العدسات التي يرون فيها تماشيا أكبر مع الموضة من جهة، و اخفاء لعيب قصر النظر من جهة ثانية تفاديا للحرج الذي تسببه النظارات خاصة بالنسبة للمتمدرسين منهم، فهذه الفئة تفضل العدسات، أما بالنسبة للبنات، فالكثيرات منهن تفضلن العدسات خوفا من نفور المجتمع منهن و تأثير ذلك على الزواج، إذ تقول بأن الكثيرات رفضن في الزواج بسبب النظارات، و قررت تعويضها بالعدسات لكي لا يظهر العيب. و على الرغم من ارتفاع أسعارها و تعرضها للضياع بسبب صغر حجمها و لونها الشفاف، إلا أن أصحابها يعودون إلى تعويضها بأخرى، فالمهم لديهم أنها ساعدتهم في التخلص من الكثير من العراقيل التي أحدثتها النظارات، خاصة التأثيرات السلبية على المحيط الخارجي للعين و كذا الأنف، ما ينتج عنه تغيير طفيف في وجه مستعملها لن يكون بالضرورة شيئا جميلا. و ربما من بين أهم المظاهر التي تبين الكساد الذي تغرق فيه سوق النظارات الطبية، هو لجوء عدد كبير منها إلى الغلق، في حين واجهت أخرى ذلك بفرض منتجات أخرى للبيع كالمواد المخصصة لتنظيفها، العدسات التجميلية، إلا أن بعض المحلات قد فاجأتنا بإعلانها لتخفيض على مبيعاتها التي قالت بأنها لم تجد أمامها سوى هذا الباب لتصريف بضاعة ضلت قابعة فوق الرفوف لسنوات. أما بالنسبة للمختصين، فتؤكد الدكتورة أ سامية بذات الولاية بأن أغلب زبائنها باتوا يفضلون العدسات و يرفضون النظارات التي يعتبرونها مشوهة للمظهر، و هو ما يضطرها إلى تقديم وصفة بالعدسات التي تلائم كل شخص، مؤكدة في ذات السياق بأن العدسات اللاصقة تستخدم إلا في الحالات التي لا يصلح معها علاج آخر أو ليس لها بديل في النظارات الطبية مثل حالات القرنية و المخروطية أو العمليات الجراحية التي تجرى بسبب تأخر المرض، إلا أن اتساع سوق العدسات في الفترة الأخيرة، قد فتح الباب لتسويقها بشكل كبير، محذرة في آخر كلامها من الاستعمال العشوائي لتلك العدسات التي تباع بمحلات المواد التجميلية و التي لا تتوفر معها الشروط اللازمة لحماية العين، و كذا من استعمال فئة الأطفال لها بسبب صعوبة التعامل معها و كثرة الظروف الضرورية للاستمرار في استعمالها. و تبقى الرغبة الكبيرة في التخلص من النظارة الطبية و استعمال البديل الأكثر عصرنة المتمثل في العدسات غاية من يعانون نقصا في النظر، في حين تحافظ شريحة صغيرة على الإطار الحديدي كوسيلة وحيدة و مفضلة لتقويم النظر أم تجنيب العين مضاعفات بسبب أمراض الحساسية المعرضة لها.