الوزير الأول يرسم أهداف الخماسي المقبل رفع نسبة نمو الفلاحة إلى 8% وتقليص البطالة إلى أقل من 10% توقف الوزير الأول أحمد أويحيى خلال عرض بيان السياسة العامة للحكومة على نواب الغرفة السفلى للبرلمان أول أمس عند الإجراءات الاقتصادية الحمائية التي اتخذتها الحكومة في السنتين الأخيرتين التي أثارت جدلا وانتقادات واسعة، قائلا أن الدولة استعادت مهمتها الرقابية والضبطية وعززت سلطتها وتشريعها الاقتصادي دون المساس بالخيارات الجوهرية في هذا المجال وهي بناء اقتصاد وطني على أساس الجدوى والمنافسة وإقحامه في المبادلات العالمية.واستغل المتحدث الفرصة لتقديم بعض التوضيحات حول التدابير الجديدة التي أثارت ملاحظات وانتقادات عديدة، وتساءل هنا عن الضرر الذي يراه البعض بعد إدخال هذه التعديلات على مسار الاقتصاد الوطني؟، وعن القاعدة الدوغماتية التي - باسم حرية المبادرة- تمنعنا من ممارسة الحق في إدخال التصحيحات الملائمة على ضوء الوقائع والتجارب والظروف، في الوقت الذي أفضت فيه الأزمة الاقتصادية العالمية إلى إعادة النظر في الدور الاقتصادي للدولة والعدول عن أولوية حرية المضاربة على حساب الاقتصاد المنتج. وأضاف المتحدث أن الجزائر التي كانت مجبرة خلال عشرية كاملة على فك حصار دولي غير معلن وبعدما قدمت تسهيلات واسعة للاستثمار الأجنبي هل لا يحق لحكومتها اليوم إعطاء الأغلبية في الشراكة للطرف المحلي؟، ليخلص إلى انه انطلاقا من قناعة الحكومة فإنه لا تنمية اقتصادية وطنية بدون وحدة وطنية، وانه لمن الوهم تصور ازدهار مؤسسة وطنية دون صلابة الاقتصاد الوطني. الجزائر ليست بحاجة لرؤوس أموال أجنبية بل للمهارة والتكنولوجيا وكشف أويحيى في هذا الإطار وهم الاستثمار الأجنبي الذي ما انفكت الجزائر تدعو إليه بإلحاح مقابل انفتاح واسع لسوقها، فالأرقام الصادرة عن بنك الجزائر تبين أن البلاد سجلت استثمارات خارج المحروقات سنة 2005 لم تصل 500 مليون دولار، واقل من مليار دولار سنة 2007،في وقت كانت فيه الشركات الأجنبية العاملة بالجزائر تظن أن البلاد ستبقى مجرد سوق جذابة لها، وقد سعت وراء الربح عن طريق المضاربة ومخالفة قوانين البلاد وبعد هذه التوضيحات انتقل الوزير الأول إلى تقديم بعض المعطيات عن الوضع الاقتصادي الحالي للبلاد فقال أن النمو خارج المحروقات ظل معتبرا وثابتا خلال السنوات الأخيرة إلا انه يبقى هشا لأنه ممول من المال العام الذي قد لا يكون دائما متوفرا.كما حرص على ضرورة ترشيد النفقات العمومية خاصة عندما نلعم أن حجم الواردات من السلع بلغ 50 مليار دولار سنة 2008، بينما لم تساهم الصناعة سوى ب 5 بالمائة السنة الفارطة في مجمل القيمة المضافة للاقتصاد الوطني، وهو أمر غير مقبول، في وقت تتوفر فيه البلاد على قاعدة صناعية لا تحتاج سوى للإنعاش والمهارة.أويحيى الذي أشار في بداية مداخلته إلى عودة العجز على مستوى الميزانية العمومية قال انه لهذه الأسباب فإن دور الحكومة هو السهر على الحفاظ على ركائز الاقتصاد الوطني في مجمله والمساعدة على تنمية المؤسسات وكل أشكال استحداث الثروات في البلاد. عودة العجز للميزانية العمومية أما عن الأهداف المسطرة في الخماسية المقبلة فقد أكد الوزير الأول أن الحكومة تتوخى من خلال هذا المسعى كله ثلاثة أهداف كبرى، هي أولا رفع نسبة النمو في القطاع الفلاحي الى 8 بالمائة سنويا بشكل مستمر ومستقر، مشيرا هنا أن الفلاحة ستستفيد من دعم هام أقره رئيس الجمهورية يقدر سنويا ب 200 مليار دينار، هذا الدعم المقترن بتأمين مستثمري الأراضي الفلاحية العمومية يرمي إلى تعزيز الأمن الغذائي للبلاد، واستحداث مناصب شغل عديدة، كما يرافقه أيضا برنامج هام لضمان وفرة المدخلات، والأسمدة والآليات الضرورية للفلاحة، وتحسين الري ووضع ترتيب ناجع لضبط المنتجات الزراعية لفائدة الفلاح والمستهلك.ويتمثل الهدف الثاني للحكومة خلال الخماسية القادمة دائما في رفع حصة الصناعة من القيمة المضافة التي يتم تحقيقها سنويا من 5 بالمائة إلى 10 بالمائة سنة 2014، أما الهدف الثالث والأخير فهو التقليص من نسبة البطالة إلى اقل من 10% سنة 2014.وتحدث أويحيى هنا عن إعادة تأهيل المؤسسات العمومية التي تتوفر على حصة في السوق، حيث ستتحصل على التمويل البنكي الضروري لتحديثها، مع الإشارة إلى أن أكثر من 100 مؤسسة عمومية قد استفادت من هذا الإجراء، ومن جهة أخرى ستعمل الدولة على تجنيد شركاء وفق الشروط التشريعية الجديدة بهدف المساهمة في عصرنة هذه لمؤسسات.واتخذت الحكومة أيضا ترتيبات خاصة بمنح قروض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتخفيف من أعبائها الجبائية مقابل التوظيف، وهناك اليوم برنامج هام لدعمها وتأهيلها يمكن أن يشمل 20 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة، وعلاوة على هذا ستستفيد المؤسسات العمومية والخاصة من هامش تفضيلي قد يصل إلى 25 بالمائة من قيمة الصفقات العمومية، ومن مهلة لرفع الحماية الجمركية.وخلص الوزير الأول إلى أن الجزائر اليوم ليست بحاجة بالضرورة لرؤوس أموال أجنبية قدر حاجتها للمهارة والتكنولوجيا والتسيير العصري، وشركاء قادرين على فتح أسواق أخرى في إطار الشراكة، وهي اليوم بإطار قانوني للاستثمار مدعم ومستقر تمنح لمن يريد مساعدتها ومرافقتها في التنمية مزايا عديدة، فهي سوق ميسرة وهامة يعززها إنفاق عمومي للاستثمارات يفوق 280 مليار دولار على مدى الخمس سنوات المقبلة يقول الوزير الأول.