بأحسن خط هجوم و أقوى دفاع

ترجي آريس في الجهوي الأول بعد 68 سنة من الانتظار
حمل تتويج ترجي آريس بلقب بطولة الجهوي الثاني لرابطة باتنة (المجموعة الأولى) أكثر من دلالة، كما كان تأكيدا على قوة وطموح هذا الفريق العريق، في التخلص من رواسب الماضي ونفض الغبار، ومن ثمة أخذ مكانة تحت الشمس، بعد أن سيطر على مجريات الأحداث، رغم محاولة نجم تازقاغت وجامعة باتنة تحقيق نفس المكسب وتضييق الخناق عليه.
روبورتاج: محمد مداني
ولعل ما أعطى مشروعية أكثر لطموحات أبناء آريس وزاد من قيمة مكسبهم، هو اقتطاعهم ورقة الصعود إلى حظيرة الجهوي الأول، قبل 8 محطات من خط الوصول، ما جعل الفارق يتسع بينه وبين مركز الوصافة إلى 14 نقطة، إلى جانب حصد الفريق لكل الألقاب، منها أحسن هجوم وأفضل دفاع.
توقيع ترجي آريس لشهادة الارتقاء قبل الأوان، وبعد 68 سنة من الانتظار، لم يكن سهل المنال أو هيبة، بقدر ما استوجب الكثير من العمل المتواصل، وتضافر جهود كل الأطراف والتضحية والتفاني، ما جعل مدينة آريس تعيش الأفراح على وقع الحدث، لأزيد من أسبوع وعلى طريقتها الخاصة، وفق ما وقفنا عليه لدى زيارتنا لها.
الإرادة والاستقرار سر النجاح
لا يختلف اثنان في كون ترجي آريس الذي تأسس عام 1946، يملك قاعدة شعبية كبيرة بولاية باتنة، ساهمت بقسط وافر في صعوده التاريخي، وهو ما يجسده الحضور الجماهيري للمباريات التي يحتضنها المركب الرياضي، حيث غالبا ما تجرى بشبابيك مغلقة، مع مرافقة الفريق في تنقلاته العديدة، وهو ما يعكس تعلق المشجعين بالنادي، ومنحه شحنة معنوية إضافية ودعم لا يستهان به، كما أن الوقوف الدائم للسلطات المحلية سيما البلدية، كان حافزا للطاقم المسير برئاسة لزهر بعزيز، لحمل شعار التحدي وتحقيق الصعود لأول مرة منذ إنشاء الفريق.
من جهة أخرى يجمع الأنصار الذين ألتقيناهم، على أن عامل الاستقرار على كافة الأصعدة شكل سر النجاح، بغض النظر عن ثراء التعداد وجدية اللاعبين.
وإذا كان الرئيس بعزيز وبالتعاون مع رئيس الفرع صالحي، قد كسب الرهان من خلال كسره جدار الصمت وإخراج فريقه من دائرة الظل، فإن المدرب فيصل لعلاوي نجح في وضع الترجي على السكة الصحيحة بعد مواسم عجاف.
الاحتفاظ بالركائز وتدعيمات نوعية للموسم القادم
من جهة أخرى كشفت إدارة الفريق أن الموسم القادم سيكون بمثابة ولادة جديدة للترجي، وهذا من خلال المراهنة على عامل الاستقرار، بتجديد الثقة في ركائز الموسم المنقضي، والحفاظ على نسبة 70 بالمائة من التعداد الذي ساهم في تحقيق الصعود، مع محاولة القيام بانتدابات تكون نوعية، وتتماشى واحتياجات النادي.
وحسب المعطيات الأولية، فإن الفريق بحاجة إلى 7 لاعبين جدد من الطراز العالي، في وقت يصر الرئيس بعزيز على الاحتفاظ بالمدرب لعلاوي على رأس العارضة الفنية، بالنظر للعمل الجيد الذي قام به، ومعرفته الكبيرة بخبايا الفريق، خاصة وأن طموحات ممثل الولاية الخامسة قد كبرت، حيث يعتزم لعب الأدوار الأولى في بطولة الموسم القادم.
البحث عن مصادر تمويل انشغال آخر للإدارة
تتوفر مدينة آريس على مركب رياضي من أحسن وأجود المنشآت على مستوى ولاية باتنة، الأمر الذي قد يساعد على استقطاب الفرق الكبيرة، نظرا لتوفره على كافة التجهيزات اللازمة، إلى جانب نوعية بساطه الاصطناعي.
من جهة أخرى بدأت إدارة الفريق في التفكير من الآن في الموسم المقبل، حيث باشرت في مساعيها للبحث عن مصادر تمويل، كونها تدرك بأن الجهوي الأول يستدعي نفقات مضاعفة، حتى وإن كانت البلدية تعد الممول الوحيد،. وبذلك سيكون التمويل الانشغال الآخر للإدارة العازمة على تفادي حدوث أزمة مالية قد تعصف بالمكاسب المحققة.
لزهر بعزيز (رئيس الفريق)
الصعود كلفنا أزيد من مليار سنتيم
قدر رئيس ترجي آريس لزهر بعزيز تكاليف صعود فريقه بأزيد من مليار سنتيم، بغض النظر عن مصاريف أخرى، وهي كلها إعانات من السلطات العمومية، بحكم أن المجلس الشعبي البلدي يعد الممول الوحيد، موضحا أن إدارة الفريق نجحت في اقتناء حافلة للفريق مطلع شهر جانفي المنصرم، الأمر الذي جنب الترجي نفقات التنقل.
وقال رئيس الترجي للنصر بأن الإدارة وضعت الصعود كهدف أساسي منذ البداية، مثمنا المجهودات المبذولة من طرف اللاعبين، وتفاني الطاقم الفني في العمل دون هوادة من أجل تجسيد تطلعات الأنصار.
هذا وأشاد بعزيز بالمشوار الاستثنائي لفريقه الذي هيمن على المنافسة، خاصة خلال مرحلة الإياب. واستنادا لنفس المتحدث، فإن المكتب المسير بدأ من الآن يفكر في الموسم القادم، والذي يريده أن يكون محطة للتأكيد واثبات الذات، وجسر عبور إلى حظيرة ما بين الجهات، مبديا استعداده للبقاء على رأس الفريق، دون غلق الأبواب في وجه الكفاءات المحلية، وكل من يرغب في تقديم المساعدة على حد تعبيره.
من جهة أخرى لم يتوان محدثنا في التأكيد على أن الأنصار كان لهم دور بارز في تحقيق الصعود، مجددا حرصه على الحفاظ على المكسب المحقق، رغم إدراكه بحجم الرهانات المنتظر في الجهوي الأول، بكل ما تتطلب من تضافر الجهود وتوحيد الصفوف أكثر: "نحن نسعى لجعل آريس مستقبلا محطة للأندية الكبيرة، وعلينا وضع المصلحة العامة في المقام الأول، وتوفير كل وسائل النجاح، ما يستدعي تجنيد كل الفعاليات، خاصة وأن صعودنا لم يكن هبة، بل نتاج تضحيات جسام".
وفي سياق متصل دعا الرئيس بعزيز الجهات الوصية إلى مواصلة تقديم الدعم للفريق، مشيرا إلى أنه لن يدخر جهدا بمعية رئيس الفرع صالحي، في طرق كل الأبواب بغية إيجاد مصادر تمويل، كما وعد بالقيام بانتدابات نوعية، تكون في مستوى طموحات الفريق: "أعد سكان آريس بمواصلة المسيرة بنفس العزيمة، والإصرار على تحقيق مزيد النجاحات، لكن على الأطراف الأخرى لعب دورها".
اللاعبون يتحدثون عن الصعود
لبلالطة أسامة:
أنا جد مسرور بهذا الصعود الذي يحمل نكهة خاصة
"لا يمكنني وصف سعادتي بهذا الصعود الذي يحمل نكهة خاصة، حيث لم يكن هبة أو صدقة، بل تطلب منا الكثير من التضحية. أعتقد بأنه أكدنا على أننا كنا الأقوى، ونملك فريقا طموحا ونستحق الصعود، لذلك علينا مواصلة العمل، مع السعي لتثمين المكسب المحقق، وتعزيزه بإنجازات أخرى خاصة وأن الموسم القادم نريده أن يكون للتأكيد".
مفتاح خالد:
الصعود لم يكن هدية
"بكل تأكيد الصعود لم يكن هدية من أي كان، نظرا لهيمنتنا على المنافسة رغم مزاحمة تازقاغت والجامعة. وكما يعلم الجميع فإن اللعب على ورقة الصعود ظل يتصدر اهتماماتنا، كونه كان هدفنا المسطر منذ الانطلاقة، وها نحن اليوم نقطف الثمار بفضل مجهودات الجميع".
زمرة رفيق:
الصعود شرف لمنطقة الأوراس ككل
"ما يمكن أن أقوله هو أن صعودنا يعد شرفا كبيرا لمنطقة آريس، ورسالة للجهات الوصية لتسخير الإمكانيات اللازمة، تحسبا للموسم القادم الذي سيكون أصعب من شتى الجوانب. قبل ذلك أرى بأنه من حقنا التلذذ بفرحة الصعود، باعتبار أن هذا المكسب الهام له دلالات خاصة، بغض النظر عن إسقاطاته الإيجابية على تاريخ ومستقبل الفريق".
فيصل لعلاوي (مدرب الفريق):
لم أشك لحظة في التتويج باللقب والصعود هدية للأنصار
يرى المدرب فيصل لعلاوي أن الصعود إلى الجهوي الأول يعد أحلى هدية للأنصار، خاصة وأنه تحقق- كما قال- بفضل تضافر جهود جميع الأطراف، معتبرا الإرادة وحب التألق سر النجاح، مبديا في هذا الخصوص تشكره لكل من ساهم في إخراج الفريق من دائرة النسيان.
لعلاوي قال أنه وعلى مدار الموسم كاملا، لم يراوده الشك لحظة واحدة في اقتطاع ورقة الصعود، إيمانا منه بقدرة اللاعبين على صنع الحدث ورفع التحدي، بالإضافة إلى الأجواء التفاؤلية المحيطة بالفريق، مضيفا بأن سيطرة الترجي كانت جلية، ولم تقتصر على الظفر باللقب، بل تعدت إلى امتلاكه أحسن خط هجوم وأفضل خط دفاع.
وحسب مدرب الترجي فإنه لم يسبق وأن عمل مع فريق في ظروف مماثلة، ميزتها الجدية والتعاون والنية في بلوغ الهدف، وهو ما مكنه- كما أضاف- من قطف الثمار، مبرزا دور المكتب المسير والجماهير الرياضية في تحقيق هذا المشوار.
هذا واعتبر لعلاوي نجم تازقاغت وجامعة باتنة من أكبر منافسي فريقه، حيث حاولا في نظره مزاحمته وإعطاء أكثر حرارة وتنافس للبطولة، غير أن إرادة ترجي آريس كانت أقوى في تصوره، ما ساعده على تخطي عديد من العقبات، وتسجيل نتائج إيجابية داخل وخارج القواعد، ليخلص إلى القول بأنه سعيد جدا بهذا الانجاز، والذي لا يمكن أن يكون برأيه نهاية مشوار.
التعداد المتوج باللقب