اعترف، المخرج بلقاسم حجاج، بالصعوبة التي وجدها في حبك سيناريو فيلم ”فاطمة نسومر”، وأنّه نص معقد فكانت المعالجة صعبة لأسباب عديدة أدت إلى طغيان مشاهد مقاومة الشريف بوبغلة للاستعمار الفرنسي، حيث احتلت حيزا زمنيا كبيرا، في حين بدأ يبرز بشكل كبير دور فاطمة نسومر في الساعة الثانية من العمل بعد وفاة بوبغلة. أكدّ المخرج بلقاسم حجاج، في جلسة النقاش التي أعقبت عرض فيلمه التاريخي ”فاطمة نسومر” أمس، بقاعة ابن زيدون برياض الفتح بالعاصمة، بأنّه وجد صعوبة في فصل جانبي مقاومة الشريف بوبغلة، والبطلة فاطمة نسومر، بالنظر الى غياب كتابات تاريخية عن هذه الأخيرة، في الوقت الذي تتوفر فيه بالمئات نصوص عن الشريف بوبغلة. وأشار بأنّ الصعوبة لاحقتهم حتى تركيب أجزاء العمل، مما استدعى لحذف بعض المشاهد. وأشار بلقسام حجاج في السياق بأنّه في ظل غياب كتابات تؤرخ لفاطمة نسومر قام باستبدالها بالتركيز على الجانب الروحي الذي تميزت به البطل واتسامها بالصوفية والتدين كنضال يخلف نضال الميدان، وهو ما اعتبره قوتها الروحية، كما جعله يتناول دور الشريف بوبغلة من زاوية أخرى تتعلق بحركته ومقاومته وثورته ضد الفرنسيين، على أرض الواضع. وقال: ” فاطمة تعيش في عالم روحي وهذه هي قوتها، بينما بوبغلة مناضل ومقاوم ثائر حركي، تتوفر المئات من النصوص التي كتبت عنه، ما جعلني أصور الفيلم بهذه الطريقة”. وأكدّ كذلك بلقاسم حجاج في السياق ذاته بأنّ تسليط الضوء على الجانب الصوفي والروحي لفاطمة نسومر يأتي كون الفيلم خيالي ورائي وليس وثائقي حتى لا تستطيع تجنب نضال المقاومة نسومر، وبالتالي ضم مشاهد عاطفية تخاطب الجمهور والمشاهد وتحرك مشاعره، ويقول يجب على أن توظف بقوة حتى تصل إلى هدفها، غضافة الى أنّ فاطمة نسومر أو بوبغلة هما بشر ولديهما عواطف باعتبار ”علاقة الحب التي جمعتهما”، كما أنّ السينما تبرز كل شيء إلا أنّ اظهارها كان بتحكم وبشكل يحافظ على التقاليد والعادات التي يعمل بها المجتمع الجزائري. وبخصوص الجانب التاريخي الذي صور بداية الاحتلال الفرنسي في القرن التاسع عشر، أوضح بأنّه يجب أن يبدأ بتلك الصور التي تكشف متى كان الاحتلال وبأية طريقة جاء بها، بالنظر إلى أنّ الأفلام التاريخية التي تبرز هذا الجانب قليلة مما استدعى توظيفها في الفيلم، الى جانب توضيح الطريقة والكيفية الوحشية التي أعرب عن نية خبيثة للمستعمر الفرنسي الذي لم يأت لا بالحضارة ولا بالعلم للجزائريين، كما يدعي الفرنسيون في أفلامهم السينمائية. حيث قال ”لهذا الغرض أردنا كشف الحقيقية وبداية الاحتلال وكيف جاء، حاملا معه وحشية رهيبة”. أمّا فيما يتعلق بطريقة موت بوبغلة مخدوعا، فأشار حجاج أنّه ليس اعتراف بسلبية المقاومة ولاشيء من هذا القبيل بل هو إبراز للحقيقة التاريخية، حيث لا يمكن الحديث عن الأبطال ومن ناضل وأفدى حياته دون التنويه أو التطرق إلى عثراتهم أو هفواتهم كونهم في النهاية بشر يخطئون وهو نفس الحال بالنسبة لقصة الحب بين فاطمة وبوبغلة الذي أراد أن يتزوجها. مشددا في الوقت نفسه على أنّ ذلك الوقت لم تكن فكرة الوطن موجودة، إنّما لدى كل قبيلة أو قرية وطن، تسير مع هويتها ومشاكلها ولهذا على –حسبه- الأمير عبد القادر لم يتمكن من توحيد الناس ضد الاحتلال لأنّ فكرة الوحدة الوطنية كانت غائبة أنذاك وجاءت تدريجيا وهذا ما أريد توضيحه في الفيلم. على صعيد أخر، قال حجاج: ”العمل استغرق مدة أربع سنوات، بين كتابة السيناريو، التصوير والتركيب والبحث عن الأرشيف والحقائق التاريخية، وبأنّ مدة سنة ونصف خصصت فقط للعمل على السيناريو باعتباره معقد لأنّه نص تاريخي، كما استغرق لوحده 6 أشهر نظرا لصعوبة ايجاد ممثلة تؤدي دور فاطمة نسومر وباللغة الأمازيغية، فرحلة البحث استقرت في النهاية على الممثلة الإيطالية ليتيتيا عيدو التي صبرت معنا وبذلت كل مجهودها وأرى أنّها وفقت في ذلك”