الجزائريون يفتخرون والمصريون لم يهضموا بعد الهزيمة تمر اليوم سنة كاملة عن الموقعة التاريخية للمنتخب الوطني بأم درمان السودانية والتي شهدت عودة "الخضر" إلى المشاركة في كأس العالم بعد غياب دام 24 سنة كاملة، عودة جاءت على حساب المنتخب المصري في أجواء استثنائية وغير مسبوقة، حملت بصمة جزائرية خالصة غذتها الروح الوطنية العالية ووحدة الكلمة والصف تحت عنوان "جيش شعب معاك يا سعدان انروحو للسودان.." التي رددها الجزائريون مطولا قبل التنقل إلى أم درمان التي وصفها الجزائريون في حينها بعاصمة الأمان والمكان. الذي لا يظلم فيه أحد، حيث تنقل الأنصار بأعداد قياسية لم يسبق وأن شهدتها الملاعب العالمية في موقف مماثل على الإطلاق، خاصة أن توقيته والفترة الزمنية التي خصصت لتجسيده كانت قصيرة جدا وكانت بمثابة رقم قياسي حطمته السلطات الجزائرية بنقلها لأعداد كبيرة من المناصرين ليكونوا خلف "محاربي الصحراء" في موقعة كتبت تاريخا جديدا لكرة القدم الجزائرية تجسد بتأهل ثالث ل"الخضر" إلى كأس العالم. المصريون لم يهضموا الغياب عن كأس العالم وكانت مباراة الجزائر ومصر بأم درمان أول مباراة فاصلة في تاريخ كرة القدم الجزائرية، حيث لم يسبق للمنتخب الوطني أن لعب مباراة فاصلة من أجل التأهل إلى منافسة رسمية، كما كانت تلك المباراة أيضا الثانية في تاريخ القارة السمراء بعد تلك التي لعبت بين المغرب وتونس سنة 1970 من أجل التأهل إلى مونديال المكسيك، ورغم حساسية ذلك لقاءأم درمان إلا أن أشبال سعدان كانوا في الموعد وعرفوا كيف يتعاملون مع مجرياته بفضل الهدف الرائع والتاريخي لعنتر يحيى الذي منح الجزائر مقعدا في أول مونديال في تاريخ القارة السمراء، الأمر الذي أعطى بعدا آخر لإنجاز زملاء مغني. مباراة الجزائر ومصر الفاصلة في أم درمان حشدت وراءها تعبئة جماهيرية كبيرة وغير مسبوقة في تاريخ كرة القدم الجزائرية، بعد أن اقترب حلم المونديال من التجسيد ولرغبة الجزائريين في الوقوف وراء زملاء عنتر يحيى الذين كانوا ضحية اعتداء سافر عشية وصولهم إلى القاهرة يوم 12 نوفمبر 2009 لمواجهة الفراعنة في الرابع عشر من نفس الشهر في لقاء الجولة الأخيرة من التصفيات المونديالية، ما صنع إحساسا ب"الحقرة" ترجمه الجزائريون بتنقل تاريخي لن يقدر على تكراره أي بلد آخر بإجماع المتتبعين والعارفين بخبايا كرة القدم لأن أنصار "الخضر" تسلحوا في تنقلهم إلى السودان بالروح الوطنية والكرامة الجزائرية وذابت وسطها المصالح الشخصية والضيقة. تنقل الأنصار إلى أم درمان قبل سنة من الآن تجندت لأجله جميع شرائح المجتمع الجزائري، وتهافتت أفواج بشرية قياسية أمام مكاتب الخطوط الجوية الجزائرية التي جندت حوالي 30 طائرة لنقل الأنصار إلى السودان من أجل مناصرة زملاء زياني في مباراة أثبت الوقت أنها لن تمحى من الذاكرة الوطنية والتاريخ الكروي إلى الأبد للصور الجميلة والمؤثرة التي صنعها الجزائريون بديكور طغت فيه الألوان الوطنية على الفوارق السياسية والاجتماعية، ومن أجل هدف واحد هو إعلاء كلمة الجزائر والذود عن كرامة الجزائري الحر التي تعرضت للقذف من قبل أشباه الإعلاميين المصريين الذين شنوا حملة مغرضة على الثوابت الوطنية بعد أن تأكدوا أن "الخضر" كانوا الأقرب من التأهل إلى المونديال بالاحتكام إلى عدالة الميدان لا إلى سيناريوهات الترهيب وثقافة رشق "الأوتوبيسات" غدرا ولحاجة في نفس يعقوب. وتهافت الجزائريون من مختلف شرائح المجتمع للتنقل إلى السودان ومساندة أشبال سعدان، حيث تحولت المناصرة في أم درمان من مجرد واجب شخصي إلى واجب وطني فرضته التطورات التي كان وراءها الإعلام المصري وتحويله لمباراة الجزائر ومصر إلى قضية أمة لا يقبل فيها إلا النصر على حساب العلاقات التاريخية بين الشعبين، حيث تنقل الشباب والشيوخ والنسوة جنبا إلى جنب مزينين بالألوان الوطنية كدليل ثابت على وحدة الجزائريين وتعلقهم بالمنتخب الذي أعاد البسمة للشعب الجزائري، وبعيدا عن أي حسابات كما ظل المصريون يروجون له طوال فترة الأزمة التي أشعلوا فتيلها بعد أن اشتموا رائحة الإخفاق والهزيمة أمام "محاربي الصحراء".