الجزائر ضغطت بقوة على واشنطن لرفع اسمها من القائمة السوداء للنقل الجوي تكشف وثيقتان للسفارة الأمريكيةبالجزائر سربهما موقع ويكيليكس عن ضغوط جزائرية قوية على واشنطن لسحب اسم الجزائر من القائمة السوداء للنقل الجوي، و تعترف السفارة أن القرار اثر سلبا على العلاقات بين البلدين وضرورة مباشرة واشنطن إجراءات لتصحيح الوضع. وفي الوثيقة الأولى المؤرخة في الخامس من جانفي 2010 أي غداة إعلان القائمة السوداء يشير السفير الأمريكي دافيد بيرس إلى استدعائه إلى وزراة الخارجية واستقباله من قبل مدير قسم أمريكا صبري بوقادوم ، حيث طلب منه بأن يبلغ واشنطن بأن الاحتجاج صادر عن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة شخصيا . وقال السفير الأمريكي في الوثيقة أن مدير دائرة أمريكا الشمالية في اللقاء الذي حضرته ممثلة عن الرئاسة أبدى انزعاج الجزائر الشديد لإدراجها ضمن قائمة تضم الدول الراعية للإرهاب، وأن القرار لا يعكس مستوى العلاقات بين البلدين وخصوصا التعاون بين الجانبين في مجال مكافحة الإرهاب. وينقل السفير الأمريكي عن مسؤول وزارة الخارجية قوله بأن إدراج الجزائر في القائمة يوحي بأنها طرفا في المشكل بدل وضعها كشريك كامل في مكافحة الإرهاب. وأنها لا تتعاون وأكد بوقادوم بأن دولا معروفة بممارسة أعمال إرهابية لم تصنف في القائمة . وينقل السفير الأمريكي عن ممثل وزارة الخارجية قوله أن الجزائر لا تريد فقط سحب اسمها من القائمة بل أيضا منحها صفة شريك رئيسي لمكافحة الإرهاب لإزالة سوء الفهم الذي ترسخ في الصحافة الدولة بعد تصنيفها من قبل وكالة امن الطيران الأمريكية في القائمة. و تعهد السفير الأمريكي بإيصال المطالب الجزائرية فورا إلى واشنطن مرددا مواقف إدارة اوباما بان هذا التصنيف لا يستهدف بلدا أو عرقا معينا بعينه بل كان ردا على الفشل في كشف مخطط تفجير طائرة أمريكية بمناسبة أعياد نهاية السنة.وتشير الوثيقة إلى موافقة الجزائر على مرور طائرة المراقبة الأمريكية " او بي 3 "التابعة لقوة افريكوم لمراقبة نشاط الجماعة السلفية للدعوة والقتال في منطقة الساحل.ويورد السفير أن خطوات ستتخذ لاحقا لمراجعة الوضع من قبل بلاده، و أن الرئيس الأمريكي يقدر حجم الشراكة الأمنية بين البلدين، ويوصي السفير الأمريكي في وثيقته بضرورة قيام الإدارة الأمريكية باصدار بيان لطمأنة الجانب الجزائري، معتبرا الجزائر أهم بلد على الإطلاق لواشنطن في مجال مكافحة الإرهاب في المنطقة. لكنه استبعد أن تكون للأزمة تأثير على العلاقات بين الجانبين في المجال الأمني، لكنه أشار إلى تأثيرات على المبادلات التجارية وتجميد قنوات الاتصال و التعاون في المجالات الأخرى.ويحذر السفير الأمريكي في وثيقة أخرى مؤرخة في 11 جانفي الماضي عقب لقائه بوزير الخارجية مراد مدلسي من أن العلاقات بين البلدين انتقلت إلى مرحلة حرجة. الجزائر دافعت عن دول إسلامية وينقل السفير الأمريكي استمرار الغضب الجزائري على قرار إدارة سلامة الطيران الأمريكية، و يورد موقف وزير الخارجية مراد مدلسي خلال اجتماعهما في 11 جانفي من أن القرار يخالف طبيعة العلاقات و التعاون الوثيق بين البلدين في كل المجالات والتي تم التأكيد عليها خلال زيارتيه للعاصمة الأمريكيةواشنطن. و يوضح الوزير خلال استقباله للسفير الأمريكي عزم الجزائر على الوفاء بالتزاماتها في مجال مكافحة الإرهاب و المضي في التعاون مع واشنطن في هذا المجال. ويورد السفير الأمريكي عن وزير الخارجية قوله بأنه لا يوجد ما يبرر إدراج اسم الجزائر ضمن القائمة السوداء فالمصالح الأمريكية لم تستهدف على الأراضي الجزائرية. ويضيف أن الاحتجاج الجزائري لم يكتف بتصنيف الجزائر لوحدها فقط بل بالبلدان الإسلامية الأخرى التي اعتبرت الجزائر تصنيفها إجراء تمييزيا على أساس الدين ، إذ أن 13 من البلدان المصنفة من أصل 14 مسلمة ينقل السفير الأمريكي عن مراد مدلسي وزير الخارجية.وتضمن الاحتجاج أيضا عدم إبلاغ السلطات الجزائرية مسبقا بالقرار، فهي لم تطلع عليه إلا عبر الصحافة. و تضمنت الوثيقة الثانية جملة من الملاحظات التي تضم تحذيرا من السفير الحالي دافيد بيرس لمرؤوسيه في واشنطن من آثار التصنيف على المصالح الأمريكية في الجزائر، و شرح في الخلاصة طبيعة هذه المصالح التي تضم تبادل الزيارات والوفد العسكري ومنها قائد قوة افريكوم و الترخيص لطائرة الاستطلاع بعبور الأجواء الجزائرية إلى منطقة الساحل الإفريقي، و استقبال المساجين الجزائريين بغوانتانامو، وتعزيز التعاون القضائي و في مجال مكافحة الجريمة الالكترونية . ويشير السفير أيضا إلى حجم التعاون الاقتصادي المقدر ب20 مليار دولار، و فوز شركات أمريكية بصفقات مهمة ضمت 11 طائرة بوينغ بقيمة 847 مليون دولار، برغم الضغوط الفرنسية لشراء طائرات من نوع ايرباص،توقيع صفقات لتورد مولدات من الطاقة الشمسية بقيمة 320 مليون دولار ونظام تسجيل البصمات ب45 مليون دولار برغم المنافسة الفرنسية و التوجه لتوقيع صفة بقيمة 500 مليون دولار لتوريد أجهزة اتصال لصالح الجيش الجزائري.و يختم السفير برقيته بالإشارة إلى تلقيه رسالة مباشرة من وزير الخارجية مراد مدلسي بانه يجب انتظار رد فعل جزائر لاحقا ليخلص في الأخير إلى أن العلاقات بلغت مرحلة حساسة و انتقلت من الضوء الأخضر إلى الضوء الأصفر، أي إلى مرحلة حرجة.