يباشر الرئيس المنتخب الحسن واتارا مهامه على راس دولة كوت ديفوار بمواجهة جملة من التحديات الكبرى التي أفرزتها الحرب الاهلية والازمة السياسية الاخيرة فيما بادرت العديد من الجهات بتقديم الدعم له لتمكينه من استعادة الامن و الاستقرار واعادة اعمار البلاد. ولعل أول أولوية سيعكف عليها الرئيس الايفوارى الجديد هي تشكيل لجنة "الحقيقة و المصالحة" التي اعلن عليها فى أول خطاب له بعد استلام مهامه أول أمس عبر التلفزيون الرسمي و هي لجنة كما قال "ستحقق في اتهامات ارتكاب فظائع ضد المدنيين من جانب طرفي الصراع في كوت ديفوارمن جهة" و من جهة اخرى "ستعمل على توحيد جميع الايفواريين على اختلاف انتماءاتهم القبلية والدينية و الايديلوجية من أجل استعادة النظام والقانون" فى البلاد لاسيما في ابيدجان العاصمة الاقتصادية التي تشهد فراغا امنيا. ومن هذا المنظور، أعلن الرئيس واتارا العفو الشامل "حقنا للدماء"و دعا الميليشيات والجماعات المسلحة الى القاء السلاح قائلا "لقد طوى بلدنا صفحة مؤلمة من تاريخه نشهد اخيرا بزوغ فجر حقبة جديدة من الامل" مناشدا جميع المواطنين ضبط النفس و نبذ العنف. وناشد الامين العام للامم المتحدة بان كى مون الرئيس واتارا منع وقوع "حمام دم جديد" و"أعمال انتقامية" حيال أنصار الرئيس غباغبو الذى اعتقل اول يوم الاثنين بعدما رفض التنحى من كرسي الرئاسة. وفي مجال تحقيق المصالحة الوطنية الايفوارية اكد الامين العام الاممى في اتصال مع واتارا حول الوضع الواهن في كوت ديفوار " تطلعه الى تجنب المزيد من اراقة الدماء بعد وقوع غباغبو الآن فى أيدى قوات الرئيس المنتخب" مشددا على وجه الخصوص "على الحاجة الى ضمان عدم حدوث أى انتقام "ضد أنصار الرئيس المعتقل. والتزم الرئيس الامريكي باراك اوباما و الرئيس واتارا في محادثات هاتفية على دعم دور لجنة التحقيق التابعة للامم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق حول أعمال العنف التي ارتكبت في الاشهر الاخيرة في كوت ديفوار و محاسبة مرتكبيها مهما كان الطرف الذي ايدوه". وعلى مستوى الاممالمتحدة عين رئيس مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان لجنة تضم ثلاثة خبراء للتحقق من المزاعم بوقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في كوت ديفوار عقب الانتخابات الرئاسية ستركز على التحقيق في الظروف المحيطة بمزاعم ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في البلاد سعيا إلى تحديد المسؤولين عن ارتكابها وتقديمهم للعدالة. ومن المقرر ان ترفع اللجنة تقريرها إلى المجلس في دورته القادمة التي ستنعقد في جوان المقبل. وكانت المفوضية العليا للامم المتحدة لشؤون اللاجئين قد أعلنت أن حوالي 536 شخصا قد قتلوا منذ نهاية مارس الماضي في مواجهات اندلعت في غرب كوت ديفوار سقط القسم الاكبر منهم فى مدينة" ديوكوى" غبر البلاد. و يبدو أن نداء المصالحة و الوئام الذى اطلقه الرئيس المنتخب بدأ يلقى صدى لدى الايفواريين، حيث دعا الرئيس المعتقل امس الى الحوار ما بين الايفواريين ووضع نهاية للقتال المسلح بين معسكره ومعسكر منافسه الحسن واتارا. وفي ذات السياق اعلن قادة الجيش الذي دعم الرئيس الاسبق غباغبو ولاءهم للرئيس واتارا,حسب ما ذكرته مصادر إعلامية ايفوارية. وميدانيا باشرت القوات الأمنية منذ امس تسيير دوريات مراقبة في شوارع العاصمة أبيدجان التي شهدت إطلاق نار متقطع "نسبيا" لأنصار الرئيس غباغبو بعد يومين من اعتقاله ووضعه رهن الاقامة الجبرية. وتعمل القوات النظامية على استعادة النظام والقانون في كوت ديفوار وبالخصوص في العاصمة أبيدجان التي ما زالت تحتضن اوكار الميليشيات و جيوب الجماعات المسلحة. إلى جانب تحديات الامن و تحقيق المصالحة الوطنية يبقى الوضع الانساني يشكل أحدى الانشغالات في اجندة الرئيس الايفواري الجديد. و في هذا الإطار، أبدت العديد من الجهات نيتها في تقديم الدعم الغذائي والمالي للسلطات الايفوارية من اجل احتواء الوضع الكارثي الذي خلفته المواجهات الاخيرة حيث سيفتح البرنامج الغذائي العالمي في الأيام المقبلة جسرا جويا لتقديم مساعدة غذائية "حيوية "لعشرات الآلاف من الإيفواريين المرحلين بكوت ديفوار و ليبيريا المجاورة، حسبما أوضحه البرنامج الأممي. وصرحت المديرة التنفيذية للبرنامج الغذائي العالمي السيدة جوزيت شيران "ينبغي أن نقترح وسيلة لتقديم المساعدات الانسانية للعديد الإيفواريين الذين يعانون من ندرة المواد الغذائية و نقص المياه و يبقى فتح جسر جوي الخيار الأفضل".