"القوال" هو عنوان الفيلم الوثائقي حول الماضي العريق لتاريخ عاصمة الزيانيين للمخرج بوعلام عيساوي الذي قدم ضمن عرض أولي أمام الجمهور في سهرة أمس الأربعاء بدار الثقافة "عبد القادر علولة" لمدينة تلمسان. ويعد هذا الشريط الوثائقي الذي أنتجته وزارة الثقافة في إطار التظاهرة الدولية "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011" بمثابة دعوة لاكتشاف الكنوز التاريخية ل"جوهرة المغرب العربي" من معالم دينية عتيقية وآثارات وأقطاب. وبالفعل يرافق المتفرج منذ بداية الفيلم الذي يدوم 54 دقيقة "القوال" كشخصية محورية للثقافة الشفوية الوطنية لاكتشاف مرحلة بعد مرحلة المعالم الأثرية والثقافية للمنطقة وأعلامها الذين تركوا بصماتهم الواضحة في الأعمال الفنية والأدبية والعلمية لعاصمة الزيانيين. ويعود "القوال" الذي يتقمص شخصيته علي جبارة باستعمال آلة البندير بمهارة وبارتدائه الزي التقليدي المناسب لكل لقطة أو مقام وإلقاء قصائد من الشعر الملحون أو الفصيح الى ماضي المنطقة التي تزخر بأكبر عدد من المعالم الأثرية والتاريخية الاسلامية للوطن مما جعل تلمسان تحظى باختيارها كعاصمة للثقافة الاسلامية. أما السرد التاريخي فيبدأ من هضبة لالة ستي المطلة على تلمسان مرورا بالمشور ومسجد سيدي بومدين ومسجد سيدي الحلوي قبل الوصول إلى مقام سيدي إبراهيم وبعض الأولياء الصالحين الأخرين. وحسب المخرج فإن هذا السرد التاريخي قد "بني" بواسطة لقطات تم التقاطها فنيا لإعادة تشكيل التاريخ بقالب فني لكل معلم يقدمه "القوال" معترفا أن هذا العمل السينمائي قد استعان بلقطات أخرى من الأرشيف تعود إلى التسعينيات وتصور مدى "الكارثة" التي ألحقت ببعض المعالم والآثارات التاريخية مثل الحريق الإجرامي الذي ألحق بقبة سيدي بومدين مع إبراز في المقابل الجهود الجبارة التي بذلت من أجل ترميم المعالم المتضررة. كما تعبر رحلة "القوال" الاستكشافية مختلف الأحقاب التاريخية والإمارات التي شهدتها "جوهرة المغرب العربي" مع استعمال بعض عناصر التشويق لجلب المتفرج وشد انتباهه إلى آخر العرض باستعمال بعض المجسمات الفنية والآلات الموسيقية التقليدية كالرباب الذي يعكس الرقي الحضاري للناحية فيما ألف الفنان قويدر بركان موسيقى في مستوى عمق وقوة هذا العمل. وبعد التأكيد أنه ليس مؤرخا أكد المخرج في تدخله عقب العرض أنه لجأ إلى أحد المختصين وهو عبد الرحمان خليفة لكتابة النص مؤكدا أن هذا العمل سمح بفتح الباب على مصرعيه أمام المؤرخين من أجل الغوص في أعماق التراث التاريخي واكتشاف كنوزه. كما أوضح أن بحوزته مشاريع فنية تصب في اكتشاف التاريخ "من أجل ابراز للشباب ما يصنع مجد بلدهم ويظهر جذور تاريخهم المجيد". وأضاف السيد عيساوي أن "عمله السينمائي يكتسي بعدا بيداغوجيا باعتباره يضع جسور التواصل بين العلم الأكاديمي والأجيال الصاعدة دون أن يحل محل المؤسسات المكلفة بتلقين العلوم والمعرفة.