الجزائر- تشهد ليبيريا يوم غد الثلاثاء الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية وسط مخاوف داخلية وخارجية من إنفلات أمني في البلاد تجلت ملامحه إثر إنسحاب وينستون توبمان المنافس الوحيد للرئيسة المنتهية ولايتها إيلين جونسون سيرليف والذي حث مناصريه على مقاطعة هذا الموعد السياسي. وقبيل أيام من تنظيم الانتخابات أعلن توبمان إنسحابه من السباق الرئاسي مبررا ذلك ب"وقوع تزوير" في الجولة الاولى التي نظمت في 11 اكتوبر الماضي قائلا انه مستعد للمشاركة في الجولة الثانية "عندما يتم تحقيق شروط الشفافية في المسار الانتخابي". ودعا بالمناسبة مؤيديه و مناضلي حزبه "المؤتمر من اجل التغيير الديمقراطي" الى "التعبئة سلميا" والابقاء على هذه التعبئة الى ما بعد يوم الانتخابات. وقد إعتبرت سيرليف من جهتها هذه الدعوة "إنتهاكا للدستور" بإعتبار ان الدستور الليبيري ينص على تنظيم دورة ثانية من الانتخابات إذا لم يتمكن المرشحون من الحصول على الأغلبية المطلقة من الاصوات المعبر عنها وهو ما حدث في الدورة الاولى التي تمكنت فيها سيرليف من افتكاك 9ر43 بالمائة من مجموع اصوات المرشحين في حين حصد توبمان 7ر32 بالمائة من الاصوات المعبر عنها. وبالرغم من اعلان توبمان عزمه مقاطعة الجولة الثانية للانتخابات الا أن رئيس اللجنة الانتخابية بليبيريا أكد أن جولة الإعادة ستجري في موعدها المقرر حيث ينتظر ان يشارك 8ر1 مليون ناخب ليبيري في الاقتراع. وأثارت هذه الاختلافات السياسية مخاوف داخلية وخارجية من ادخال البلاد في دوامة جديدة من الحرب الاهلية التي لم تتعاف من آثارها بعد ليبيريا والتي مزقتها طيلة 14 سنة (1989- 2003) مخلفة نحو 250 ألف قتيل ومئات الآلاف من المصابين مع تدمير البنية التحتية والاقتصادية للبلاد. وقد دعا في هذا الشأن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الليبيريين الى "تفادى اللجوء الى أعمال العنف" خلال هذا الموعد "المهم" رغم وجود خلاف سياسي بينهم والعمل على الحفاظ على السلام في هذا البلد الذي لم يتعاف بعد من سلسلة من الحروب. وأعرب بان كي مون عن دعمه للجهود المشتركة التي تبذلها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ومبعوثه الخاص لدى ليبيريا لتعزيز الحوار بين الأطراف المعنية في البلاد في محاولة لبناء الثقة خلال العملية الانتخابية. كما أكد على أهمية إجراء إنتخابات "سلمية وموثوق بها وشفافة" مجددا استعداد بعثة الأممالمتحدة لدى ليبيريا لدعم السلطات الليبيرية وفقا لتفويضها. وكانت الأممالمتحدة قد أرسلت قوات حفظ سلام إلى ليبيريا منذ عام 2003 لتعزيز اتفاق وقف اطلاق النار الذي أنهى الحرب الأهلية. ويشمل تفويض هذه القوات المساعدة على استعادة سيادة القانون ودفع العملية الديمقراطية إلى جانب تسهيل وصول المساعدات الانسانية إلى البلاد. كما تسعى من جهتها المجموعة الإقتصادية لدول غرب أفريقيا "ايكواس" الى الحفاظ على سير العملية الانتخابية في أجواء تسودها الشفافية والديمقراطية من خلال إرسال المزيد من عناصرها لمراقبة جولة الاعادة. وقال فيكتور جبيهو رئيس مفوضية هذا التكتل الافريقى "إن مجموعة الايكواس تتوقع أن تتسم هذه الجولة من الانتخابات بالشفافية والمصداقية وانه سيتم اجراؤها بطريقة سلمية" مبرزا أن " مجموعة ايكواس ستنشر مائتي مراقب عبر أنحاء ليبيريا وستقوم بالتنسيق مع جماعات مراقبين دوليين آخرين لمراقبة العملية ". وأضاف قائلا " انه لن يكون بوسعنا التواجد في كل لجنة انتخابية ولكننا سنتواجد في اقليم بليبيريا وسنجري مشاورات مع المراقبين التابعين لمركز كارتر وسنتبادل وجهات النظر معهم". كما أثارت الخلافات التي تشهدها ليبيريا قلق الاتحاد الافريقي الذي دعا على لسان رئيس مفوضية الاتحاد جان بينج الأطراف إلى التحلي بالارادة المطلوبة لاجراء جولة اعادة "ناجحة وسلمية" على غرار الجولة الاولى التي شهدت اقبالا كبيرا للناخبين ووصفها المراقبون المحليون والدوليون بأنها "حرة ونزيهة وموثوق بها". وقد حذت الولاياتالمتحدة حذو الاتحاد الافريقي وقالت وزيرة خارجيتها فيكتوريا نولاند أن "أدعاء" حزب المؤتمر من اجل التغيير الديمقراطي بان الجولة الاولى من الانتخابات شابها الخداع والتزوير هو "أمر واه لا يدعمه دليل". وتعد هذه أول انتخابات تنظمها ليبيريا منذ انتهاء الصراع الذي استمر 14 سنة وأصبحت جونسون سيرليف أول رئيسة منتخبة في القارة الإفريقية في الانتخابات التي أجريت عام 2005 ونظمتها الأممالمتحدة. وقد استنزفت الحرب الأهلية الطاقات الاقتصادية لليبيريا التي تعتمد في الاساس على منتوج الخشب والماس الى جانب بعض المنتوجات الزراعية. فيما تأثر قطاع المناجم بالأزمة العالمية. كما يعتمد هذا البلد الافريقي من أجل انعاش اقتصاده على المداخيل التي يجنيها من الاستثمارات في النحاس والبترول وكذا زيت النخيل. وقد استفادت ليبيريا من تخفيف لمديونيتها التي بلغت 6ر4 مليار دولار في إطار المساعدات الممنوحة للدول الاكثر مديونية في العالم.