وهران - تحولت المدرسة-الورشة التي تشرف عليها جمعية "صحة سيدي الهواري" لوهران بالحي الشعبي و التاريخي الذي يحمل نفس الإسم على مر السنين إلى بوتقة حقيقية لتكوين الشباب في مجال تثمين والحفاظ على التراث. و قد استقبلت هذه المدرسة للتعليم منذ أن إتخذت من المستشفى القديم لعاصمة الغرب مقرا لها في مارس 2003 سبع دفعات بمجموع حوالي 250 شاب من المستفيدين من تكوين مهني في الحرف القديمة المرتبطة بالبناءات القديمة. و سمحت هذه البرامج للتكوين التي تتراوح مدتها بين 6 إلى 18 شهر للمتربصين باكتساب مهنة تمكنهم من ولوج عالم الشغل أو استحداث مؤسساتهم الخاصة. و تشكل المدرسة باعتبارها نقطة انطلاق لآفاق فرص تشغيل في المقام الأول "يدا ممدودة" إلى الشباب الذين يواجهون ظروفا صعبة ممن لم يتسن لهم مواصلة دراستهم وحمايتهم بالتالي من الفراغ كما أوضح رئيس الجمعية كمال بريكسي. و أكد نفس المتحدث أن الشباب قد عرفوا كيف يستغلون هذه الفرصة الثانية التي تمنحهم إياها المدرسة مستعيدين الأمل والثقة في قدراتهم بفضل هذا التكوين الذي أفسح لهم الطريق لإدماجهم. و تتربع المدرسة-الورشة التابعة لجمعية "صحة سيدي الهواري" على موقع بمساحة 6 ألاف متر مربع حيث توفر تكوينا في تخصصات البناء التقليدي ونحت الحجر والحدادة وصناعة المعادن والنجارة والخياطة التقليدية والعصرية. و يشرف على تأطير المتربصين فرقة بيداغوجية ذات خبرة حيث تشجعهم على إثراء معارفهم من خلال هياكل المدرسة بما في ذلك قاعة الأنترنت ومكتبة وفضاء سمعي بصري. و في إطار مهمتها تعتمد الجمعية أيضا على الخبرة الدولية في مجال الترميم وبدعم من الإتحاد الأوروبي من 2003 إلى 2005 وكذا الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي للتنمية منذ جوان 2005. كما تسمح الشراكات التي تربطها مع نظيراتها الأجنبية من الجمعيات بتبادل المتربصين من كلا الجانبين حسب بريكسي مؤكدا على نوعية التكوين ومرافقة الشباب المتكونين بهدف إدماجهم اجتماعيا ومهنيا. و للتذكير فان جمعية "صحة سيدي الهواري" قد تأسست في 1991 من طرف مجموعة من المتطوعين من وهران تضم أطباء وممرضين ومهندسين معماريين على وجه الخصوص وهدفها الرئيسي إعادة الاعتبار للموقع التاريخي للحمام التركي ومستشفى المعسكر الواقعيين بسيدي الهواري. و قد سمح تعبئتها بإستغلال تلك الفضاءات المهجورة في السابق للحفاظ على هذه المواقع التاريخية وترقية التراث المحلي من خلال عمليات مواطنة. و في خضم توسيع نطاق نشاطها عبر السنين خاضت الجمعية مجال تعليم الحرف التقليدية حيث أضحت تؤدي دورا رائدا لدى الشباب الباحثين عن الإدماج المهني. و مما لاشك فيه فان هؤلاء الشباب الذين كانوا الأمس عاطلين واليوم مهنيين في مجال إعادة الإعتبار بعدما تكونوا بمدرسة "صحة سيدي الهواري" يشلكون خزانا للمهارات لتنفيذ مشاريع ترميم البناءات القديمة والمعالم التاريخية بوهران.