عادت أعراض التمرد لتظهر على الساحة السياسية في جمهورية إفريقيا الوسطى مثيرة بذلك قلقا دوليا على إستتباب الأمن و إرساء الإستقرار بما يمكن من تنفيذ رزنامة الاصلاحات الموقع عليها ضمن اتفاقات ليبرفيل في 11 جانفي 2013 برعاية المجموعة الاقتصادية لدول وسط افريقيا (إكواس). وأثارت أعمال العنف المناقضة لما تم الإتفاق عليه في ليبرفيل العديد من ردود الفعل المنددة بالتهديدات التي تشكلها ميليشيات تحالف متمردي (سيليكا) في افريقيا الوسطى على المدنيين و أثرها السلبي على مسار الإصلاحات التي تعكف حكومة بانغي على تنفيذها. و عقب الهجمات التي شنها تحالف (سيليكا) في 11 مارس الجاري على مدسنة (بنغاسو) جنوب البلاد والتي تعد من أكبر المدن الرئيسية أعرب مجلس الأمن الدولي عن إدانته الشديدة للعودة إلى إستخدام العنف مؤكدا دعمه لإتفاقات ليبرفيل الموقعة في جانفي الماضي . وبعد ترحيب المجلس بتعيين المعارض نيكولاس تيانغاي على رأس الحكومة في إفريقيا الوسطى أكد على أن "تيانغاي بصفته رئيسا للوزراء فهو مسؤول عن تنفيذ الاولويات المحددة في المادة الخامسة من الجانب السياسي لاتفاقات ليبرفيل"كما حث كل الاطراف على تنفيذ التزاماتهم بشكل تام داعيا حكومة الوحدة الوطنية الى تنفيذ زرنامة الاصلاحات وخاصة تلك المتعلقة بقطاع الامن. و في ذات السياق دعت واشنطن رئيس افريقيا الوسطى فرانسوا بوزيزى وقيادة تحالف "سيليكا" إلى وقف الأعمال العدائية على الفور وتنفيذ بنود اتفاق ليبرفيل معربة عن "قلقها العميق" إزاء استمرار تدهور الحالة الأمنية في البلاد. كما دعت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية في بيان لها المجموعة الاقتصادية لدولة أفريقيا الوسطى (الإكواس) إلى "ضرورة عقد اجتماع للجنة الوساطة التي دعا إليها اتفاق ليبرفيل من أجل دعم الحكومة الانتقالية والمساعدة على استعادة السلم والأمن الوطنيين". وشددت على أن حكومة الوحدة الوطنية هي الممثل الوحيد الذي اتفقت عليه جميع أطراف في ليبرفيل في هذه الفترة الانتقالية "الحرجة" مؤكدة أنه ينبغي على مختلف الأطراف العمل ضمن هذا الإطار السياسي والامتناع عن الأعمال التي تعمل على تقويضه كما حثت"بقوة" القيادة الإقليمية والمجتمع الدولي على الالتزام باتفاق ليبرفيل. - متمردوا سيليكا يعتبرون إصلاحات الرئيس بوزيزى"غير كافية" و يهددون بإستئناف حمل السلاح - ويأتي هذا القلق الدولي عقب إقدام متمردي سيليكا على شن هجمات جديدة جنوب شرق البلاد و إحتجاز خمسة وزراء من أعضاء وفد حكومي كان متوجهين إلى (سيبوت) شمال بانغي في مهمة لدى المتمردين"لبحث مسائل السلام و نزع السلاح ". ومنع المتمردون الوزراء الخمسة الذين كانوا أعضاء في حركة التمرد قبل ان ينضموا إلى حكومة الوحدة الوطنية من العودة إلى بانغي حيث يتواجد من بين الوزراء المحتجزين أبرز شخصيات سيليكا أي رئيسها و نائب رئيس الوزراء الحالي ميشال غوتوديا ووزير الغابات محمد داعفان ووزير الإتصال كريستوف غزام بيتي. كما اعلنوا يوم الاربعاء انهم يعتزمون العودة الى حمل السلاح بعد انتهاء مهلة 72 ساعة التي منحوها للرئيس فرانسوا بوزيزي والذي يطالبونه باحترام اتفاقات وقف اطلاق النار و إحترام البنود التي تم الإتفاق عليها في ليبرفيل معتبرين إن المرسومين الذين اصدرهما بوزيزي باطلاق سراح السجناء و رفع حظر التجول في بانغي "غير كافيين" لأنهما لا يتضمنان ضم عناصر المتمردي إلى الجيش الحكومي و مغادرة قوات جنوب إفريقيا و أوغندا من البلاد. وحول اقتراح رئيس الوزراء المنتمي للمعارضة نيكولاس تيانغاي لبحث موضوع التعديل الحكومى مع سيليكا أوضح ناركويو "ان اجراء التعديل غير مهم بالنسبة إلينا" ما من شأنه ان يزيد من حدة التوتر في الأيام المقبلة. وكان الرئيس بوزيزى أصدر يوم الاربعاء مرسومين متعلقين بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والمحكوم عليهم لأسباب سياسية بعد تاريخ 15 مارس من عام 2012 و كذلك رفع حظر التجوال الذي فرض في 12 جانفي الماضي. يذكر أن طلبات المتمردين تشمل اطلاق سراح السجناء السياسيين ورحيل القوات الجنوب أفريقية من اراضي البلاد فضلا عن توفير الدعم المالي لعناصر المتمردين السابقين اللذين تخلوا عن أسلحتهم. - مخاوف من إنعكاسات الوضع الأمني على الجهود الإنسانية في البلاد- و في هذا الخضم أعربت المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين عن قلقها من إنعكاسات تجدد القتال على الوضع الإنساني في البلاد حيث أكدت الناطقة بإسم المفوضية فاتوماتا لوجون أن "ائتلاف الحركات المتمردة يتقدم شرقا نحو مدينة (زيميو) التي لجأ إليها 3 آلاف شخص" مؤكدة أن "تحالف (سيليكا) أحكم سيطرته على مدينة بانغاسو التي تعد بمثابة بوابة جنوب شرق البلاد ومحطة إمداد للعاملين الإنسانيين". و أوضحت أن "التهديد الأمني أجبر المفوضية الأممية ووكالات إنسانية أخرى على تحويل عدد من العاملين إلى عاصمة إفريقيا الوسطى بانغي". وجعلت الاشتباكات الدائرة منذ ديسمبر الماضي وصول المساعدات الإنسانية صعبا إلى نحو 5300 لاجئ وأكثر من 175 ألف نازح و ان "معظم النازحين الذين التقتهم المفوضية خلال الشهرين الماضيين يعيشون في مناخ من الخوف وانعدام الأمن". ولجأ حوالي 29 ألف شخص لجؤوا إلى الكونغو الديمقراطية المجاورة بينما عبر 5 آلاف شخص آخرين الحدود إلى تشاد هربا من العنف الدائر في البلاد. و على خلفية هذا الوضع المتدهور حثت واشنطن حكومة بانغي و قيادة سيليكا على ضمان احترام قواتهما لحقوق الإنسان معربة "عن قلقها الشديد إزاء تدهور الوضع الإنساني في جمهورية أفريقيا الوسطى والتقارير ذات المصداقية حول انتشار إنتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع من جانب قوات الأمن الوطني ومتمردي سيليكا مشددة على ضرورة محاسبة مرتكبي هذه التجاوزات.