يوجد الاقتصاد المصري في نفق مظلم على خلفية المظاهرات المؤيدة للرئيس مرسي المعزول من طرف الجيش منذ 45 يوما اول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر وهي المظاهرات التي قمعتها قوات الامن. و لاتزال الفوضى سائدة إلى غاية اليوم الأحد بكبريات المدن المصرية في حين قدرت الحصيلة المؤقتة للمواجهات منذ يوم الأربعاء باكثر من 750 قتيل. هذا الوضع الهش زاد من تعكر المناخ الاقتصادي المصري في الوقت الذي اعلنت فيه كبريات الشركات الصناعية و المستثمرون ببورصة القاهرة مغادرتها. و في هذا السياق أعلنت شركة صناعة السيارات الأمريكية جنرال موترز غلق مصنعها بمصر و تعليق نشاط مكتبها بالقاهرة في حين أعلنت الشركة السويدية للمنتجات الكهرومنزلية "ايليكترولوكس" تعليق الانتاج بمصانعها بمصر التي تشغل أكثر 6000 عامل. أما الشركة الفرنسية للأسمنت "لافارج" فقررت "متابعة الوضع باهتمام". إلا أن سلطات البورصة و القيم العقارية "لم تتخذ أي قرار استثنائي" في ظل الأحداث الحاصلة على الساحة السياسية حسبما أكده يوم امس السبت المكلف بالسلطة العمومية لمراقبة القيم العقارية ببورصة القاهرة. و ذكر نفس المصدر حسبما نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط أنه "لن يتم اتخاذ أي قرار استثنائي (بشأن غلق البورصة) إلا في حالة جد استثنائية و لمدة محدودة". فالانسداد السياسي و تصاعد موجة العنف و ارتفاع عدد الضحايا من مؤيدي الرئيس المعزول كلها عوامل تلقي بظلالها على مستقبل الاقتصاد المصري و تزيد من تراجع مؤشرات بورصة القاهرة و فرار المستثمرين الأجانب (من العرب و غير العرب). و كانت أولى آثار تدهور الوضع الأمني هو تقلص مدة التسعير في بورصة القاهرة إلى ثلاثة ساعات فقط. و جاء في بيان للسلطة العمومية لمراقبة القيم العقارية ببورصة القاهرة أن "الأحداث التي يعيشها البلد حاليا و حظر التجول (19 ساعة) يرغمنا على تقليص مدة حصص التسعير ببورصة القاهرة حتى يتمكن المتعاملون و المستثمرون و العمال من العودة إلى ديارهم". من جهته أعلن البنك المركزي المصري يوم الخميس عن المواقيت الجديدة للعمل حيث حددها من الساعة التاسعة صباحا إلى غاية منتصف النهار. و بخصوص السوق المالية فتوجد مؤشرات البورصة في الخط الأحمر منذ يوم الأربعاء الفارط الذي شهد تدخل قوات الأمن ضد المعتصمين مما أسفر عن سقوط أكثر 500 قتيل. و مع نهاية الأسبوع تراجع مؤشر بورصة مصر "30" (حيث توجد أكبر القيم على غرار أوراسكوم تيليكوم) ب 2ر1 بالمئة إلى 5459 نقطة حيث خسر 9ر3 مليار جنيه مصري مقابل 4ر364 مليون جنيه مصري قبل أسبوع حسبما أكدته البورصة. و أرجع نفس التقرير تراجع مؤشر البورصة إلى تقليص التسعير إلى اربعة أيام و غلق العديد من البنوك يوم الخميس غداة فض اعتصامي مؤيدي الرئيس مرسي بالقاهرة. و في نهاية الأسبوع تراجع مؤشر البورصة "70" حيث تتواجد المؤسسات الصغيرة و المتوسطة ب 56ر0 بالمئة (02ر429 نقطة) في حين تراجع مؤشر البورصة "100" المخصص للقيم الموسعة ب 77ر0 بالمئة (83ر737 نقطة). فرار المستثمرين الأجانب أخذ المستثمرون الأجانب غير العرب في بورصة القاهرة على خلفية اللاستقرار السياسي في بيع أسهمهم الأسبوع الماضي (15ر88 مليون جنيه مصري) متبوعين بالمستثمرين العرب الذين باعوا ما يعادل 82ر2 مليون جنيه مصري أي 825ر2 بالمئة من المبيعات ببورصة القاهرة. و منذ بداية السنة الجارية بلغ مبيعات أسهم المستثمرين غير العرب ببورصة القاهرة 077ر1 مليار جنيه مصري (143ر0 دولار) مقابل 09ر357 مليون جنيه مصري بالنسبة للمستثمرين العرب. و تتميز سوق البورصة بالقاهرة بفرار المستثمرين و ذلك منذ حوالي 45 يوما بعد تسجيل قفزة قدرت ب 4ر6 بالمئة غداة إزاحة الجيش للرئيس مرسي. و يعاني الاقتصاد المصري منذ الإطاحة بالرئيس مبارك من مغادرة المؤسسات الصناعية الأجنبية و تراجع الاستثمارات المؤسساتية و الأجنبية و توقف السياحة التي تعد مصدرا للعملة الصعبة للبلد و انخفاض ايرادات الفلاحة و بالتالي عجز كبير في الميزانية. و حسب وزارة المالية المصرية تجاوز العجز في الميزانية العامة 29 مليار دولار (8ر11 بالمئة من الناتج الداخلي الخام) خلال الأشهر ال11 الأخيرة. و أفاد تقرير لوزارة المالية أن العجز في الميزانية قد ارتفع بين جويلية 2012 و ماي 2013 ليبلغ 9ر204 مليار جنيه مصري (حوالي 24ر29 مليار دولار) مقابل 5ر136 مليار جنيه مصري (48ر19 مليار دولار) مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية. و مما زاد الأمور تعقيدا بالنسبة للحكومة الانتقالية بلوغ مديونية مصر في ماي الماضي 6ر38 مليار دولار أي ارتفاع ب 6ر15 بالمئة. و في هذا السياق دعا صندوق النقد الدولي السلطات المالية المصرية إلى تقليص العجز في الميزانية سريعا و مباشرة اصلاحات عاجلة لتقويم الاقتصاد المحلي. ************ بورصة القاهرة تغلق على تراجع كبير القاهرة - سجلت مؤشرات البورصة المصرية تراجعا ملحوظا لدى إغلاق تعاملات اليوم الأحد و هو يوم بداية تعاملات الأسبوع بسبب الأوضاع الامنية في البلاد وسط عمليات بيع مكثفة من المستثمرين الأجانب قابلها عمليات شراء من الأفراد والمؤسسات وصناديق الاستثمارالمحلية. و خسر رأس المال السوقي لأسهم الشركات المقيدة بالسوق نحو 4ر7 مليار جنيه مسجلا 1ر353 مليار جنيه بعد تداولات بلغت 1ر431 مليون جنيه وهبط مؤشر السوق الرئيسي "إيجي إكس 30 " بنسبة 87ر3 بالمئة ليصل إلى 55ر5334 نقطة وهو أدنى مستوى له خلال شهرأوت الجاري. فيما هبط مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة "يجي إكس 70" بنسبة 85ر1بالمئة ليصل إلى 07ر421 نقطة. وامتد الهبوط إلى مؤشر"يجي إكس 100" الأوسع نطاقا الذي فقد نحو 17ر2 بالمئة من قيمته مسجلا 79ر721 نقطة. وصرح وسطاء بالبورصة أن عمليات البيع تركزت من قبل الأجانب على الأسهم الكبرى والقيادية خاصة "البنك التجاري الدولي" و"هيرميس" و"حديد عز" إلا أن عمليات الشراء الواسعة من الأفراد المصريين والصناديق المحلية جنبت السوق المزيد من الهبوط للأسهم. يذكر أن جلسة تداولات اليوم الاحد بالبورصة المصرية اقتصرت على 3 ساعات فقط بدلا من 4 ساعات بسبب الأوضاع الأمنية في البلاد وفرض حظر التجوال. و قد أعلنت إدارة البورصة في بيان لها اليوم أنه بعد التنسيق مع الهيئة العامة للرقابة المالية فقد تقرر الإبقاء على ساعات التداول غدا /الإثنين/ لمدة 3 ساعات فقط بدلا من 4 ساعات لتبدأ التداولات في تمام الساعة العاشرة والنصف صباحا وحتى الواحدة و النصف ظهرا, موضحة أن القرار يأتي تماشيا مع قرار البنك المركزي بتقليص ساعات العمل في الجهاز المصرفي وتيسيرا على العاملين والسادة المتعاملين في ظل استمرار ساعات حظر التجول. و تعرف مصر منذ الاربعاء الماضي اضطرابات امنية عنيفة تمخضت عن فض قوات الامن لاعتصامين لمناصري الرئيس المنتخب و المعزول محمد مرسي.