قبل أسابيع من إحياء الذكرى الثالثة لأحداث 25 جانفي 2011 تتعرض الحكومة المصرية لمخاض صعب بسبب حالة القلق الذي ينتاب قوى وأحزاب سياسية مدنية وثورية وناشطون حقوقيون بشان إقرار مادة في الدستور تتيح محاكمة مدنيين أمام القضاء العسكري وكذا الشروع في تطبيق قانون التظاهر الذي يلقى معارضة واسعة في مصر. وأعلنت مصادر بلجنة الخمسين المكلفة بإعداد الدستور الجديد اليوم أن علمية التصويت النهائية على المسودة سيتم يوم السبت المقبل وذلك بعد تجاوز الخلاف حول مواد الشريعة والنص على "حكم مدني" بدل " دولة مدنية" لاسترضاء التيار السلفي والأزهر وكذا المواد المتعلقة بممارسة الشعائر الدينية. و قد تضمنت ديباجة الدستور التي حظيت بموافقة جميع الأعضاء فيما عدا ممثل حزب النور السلفي مصطلح " أن الحكم مدني" وأدرج أيضا فيها نص يتعلق بتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية. وقال المتحدث باسم لجنة تعديل الدستور إن اللجنة رأت بموافقة الجميع أن يأتي البرلمان القادم بدون تخصيص نسبة أو حصص محددة سلفا لأي من فئات النساء والأقباط والعمال والفلاحين ليكون التنافس على البرلمان القادم متساو وحر من أي قيود مسبقة فيما نص الدستور على تخصيص حصص لهذه الفئات في المجالس المحلية. وحسب تحليلات الصحافة المحلية فان الخلافات المتبقية داخل لجنة تعديل الدستور والمتعلقة بمادة محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري وتخصيص نسب في البرلمان للمرأة والأقباط ...هي خلافات تدور في نطاق النخبة ولن تؤثر على توجهات الرأي العام رغم معارضة بعض القوى الثورية والمدنية لها مما يوحي بأن الدستور سيتم إقراره بالتوافق. والشغل الشاغل لدى الأوساط السياسية في مصر هو ليس إقرار الدستور المعدل داخل لجنة الخمسين لان أغلبية القوى داخلها متوافقة على تجاوز المرحلة لكن الهاجس هو كيفية مواجهة سيناريو رفض الناخبين المحتمل للدستور من خلال التصويت ب"لا " أو مقاطعة الاستفتاء الذي تحشد له جماعة الإخوان المسلمين المعارضة وحلفائها. ورغم أن هذا مجرد افتراض جدلي غير أن النقص الذي ابانته القوى المدنية على الحشد الجماهيري في الشارع المصري خلال الاستحقاقات الماضية يشكل هاجسا دفع ناشطين وبرلمانيين سابقين وشخصيات مرموقة مؤيدة للحراك الذي أطاح بحكم الإخوان المسلمين وفيهم شخصيات نافذة مدعمة لترشيح وزير الدفاع للرئاسيات المقبلة إلى تأسيس جبهة سياسية تحت عنوان "مصر بلدي" بهدف الحشد للاستحقاقات المقبلة. وقد دعت هذه الجبهة في بيانها التأسيسي كافة القوى في مصر للانخراط في صفوفها لمواجهة استحقاقات الفترة المقبلة وتنفيذ خارطة الطريق. يأتي هذا في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة المصرية أصعب فترات الاحتجاجات بعد دخول قوى ثورية وحركات سياسية إلى ساحة المسيرات والمظاهرات إلى "جانب" الإخوان للتعبير عن رفض قانون التظاهر الذي دخل حيز التطبيق منذ أربعة أيام وإقرار الدستور الجديد مادة محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري. وقد سجل اليوم سقوط أول قتيل في صفوف الطلبة برصاص قوات الأمن في القاهرة وذلك منذ اعتماد القانون الجديد الذي تبيح للشرطة استعمال القوة المميتة حسب ناشطين حقوقيين مصريين. وسجلت اليوم العديد من المسيرات والوقفات لطلاب الإخوان داخل الجامعات لا سيما بالقاهرة والإسكندرية كما شارات مواقع مؤيدة للإخوان إلى خروج مسيرات غير مرخصة في مدن داخلية وذلك للاحتجاج على الحكم بحبس 21 فتاة من أنصار الإخوان لمدة 11 عاما بتهمة قطع طريق بالإسكندرية وكذا للاعتراض على قانون التظاهر . كما سجلت من جهة أخرى وفقات لناشطين من مختلف التيارات ضد هذا القانون حيث نظم عدد من الصحفيين وقفة احتجاجية مساء اليوم أمام نقابة الصحفيين وسط القاهرة للاعتراض عليه وعلى محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية وإساءة معاملة الصحفيين والقبض عليهم على خلفية أحداث مجلس الشورى أمس الأول . وكان عدد من الأحزاب والحركات السياسية تنتمي للتيار المدني المعارض للإخوان قد نظموا الثلاثاء وفقه احتجاجية أمام مجلس الشورى رفضا للمحاكمات العسكرية للمدنيين والتي أقرتها لجنة الخمسين في الدستور الجديد ومناشدة اللجنة بمراجعة قرارها كما نددوا بقانون التظاهر وهددوا بإسقاطه. وفي الوقت الذي جددت فيه الحكومة المصرية اليوم على لسان نائب رئيس مجلس الوزراء حسام عيسى انه ليس لديها أي نية لتعديل أو إلغاء القانون حذرت وزارة الداخلية من تنظيم أي فعاليات احتجاجية غير مرخصة وذلك بعد دعوات وجهتها جماعة الإخوان المسلمين لأنصارها للقيام بمسيرات عقب صلاة الجمعة غدا والاحتشاد بمحيط قصر القبة وسط القاهرة. وأكدت الوزارة في بيان لها اليوم الخميس أنه سيتم التعامل مع تلك الفاعليات غير القانونية والتصدي لها بالقدر المناسب من الحسم والحزم.