هرعت ربات بيوت في حالة ذعر كبير بعد انهيار منزلهن الواقع ب19 شارع موباس في القصبة عام 2013 إلى مقر ديوان تسير و استغلال الأملاك الثقافية (اوجي بياك) للمطالبة بتوفير سكن دائم أو مؤقت .إنها صورة لمعاناة يومية تعيشها العديد من الأسر في هذا الحي العتيق جراء تباطؤ أشغال الترميم. وقد صرحت إحدى قاطنات المنزل المنهار وهي لا تعرف بعد أين ستقضي ليلتها "لقد انهار المنزل على رؤوسنا رغم تمتينه بالأعمدة الخشبية ". مثل هذا المشهد ليس بالاستثنائي بجوارمقرالديوان الذي أصبح في غياب حل أخرملجأ لملاكي هذه البنايات للشكوى من عدم ملائمة الأشغال أو طول انتظارترميم منازلهم المهددة بالانهيار . أكثرمن 600 بناية من الطراز العربي الأندلسي في حي القصبة تصمد أمام أهوال الطبيعة والزمن في انتظارأشغال إعادة الترميم المعلن عنها والتي "طال انجازها" بسبب "عدم وجود رؤية واضحة وغياب الوسائل البشرية والتعاون بين مختلف القطاعات" بعد مرورسنتين عن المصادقة على المخطط الدائم لحفظ قصبة الجزائرحسب ما أكده معماريون. و رغم تخصيص غلاف مالي أولي في 2013 يقدر ب 27 ملياردج إلا أن أمال السكان قد تبخرت أمام وضع هذه المنازل التي تتفاقم حالتها تدهورا يوم بعد يوم. و يزيد وجود أكثرمن 400 قطعة ارض شاغرة (17 بالمائة من عقارالمدينة العتيقة) و120 بناية آيلة للسقوط من تأزم الوضع بتهديدها صلابة النسيج العمراني في ظل غياب إجراءات عاجلة باستثناء "إعادة بناء فوري ل 50 بيت " حسب ما صرح مدير الديوان عبد الوهاب زقاغ . و أمام هذا الوضع يجد سكان الحي أنفسهم من الناحية الإدارية في كر و جربين ديوان تسيرواستغلال الأملاك الثقافية والوكالة الوطنية للقطاعات المحمية التي لم تنطلق في مهامها عمليا. ويزيد مشكل تحويل قاطني القصبة بشكل نهائي أومؤقت من عرقلة عملية إعادة ترميم البيوت -التي ما يزال بها سكانها الأصليين أومن احتلوها بصفة غيرشرعية مما يستلزم إخلاءها- علما أن عملية إعادة الإسكان هي من صلاحية لجنة مشتركة بين وزارة الثقافة و ولاية الجزائروالتي تنوي إعادة دراسة الملفات. و يرفض سكان القصبة الذين أنهاكم تعاقب الدواوين والمؤسسات"تجديد شكاويهم مصرين على "ضرورة أن تتقدم عملية الترميم بخطى ملموسة ". في ظل هذه الأوضاع قررت صاحبة منزل شبه منهاربيعه لمقاول "خاص" حتى لا تجبرعلى القبول بالسعرالذي تقترحه الدولة لإعادة شراء هذه العقارات و الذي يعد حسبها " زهيدا "مقارنة بأسعار سوق العقار. و تبقى دويرات (بيوت) القصبة الأكثرحظا واقفة مستندة على الأعمدة الخشبية التي أضحت مع الوقت مجرد ركائز تاكلت بفعل الرطوبة. ومع مرورالزمن تزيد حالة الحي تدهورا حيث أصبحت أكوام المخلفات المتساقطة من البنايات تسد ممرات الحي المرصوصة و تعيق الحركة لتزيد من معاناة السكان بفقداهم للمعالم التي تعودوا عليها. نقائص تقنية وغياب المهارة و تكمن الصعوبة الأخرى التي تعوق هذا المخطط الطموح الذي كان من المقرر أن ينطلق في 2012 في عدم توفر مهندسين مرممين وخبراء في المعالم التاريخية لعدم وجود هذين التخصصيين بالجامعة وبمراكز التكوين المهني. و تظهر على العديد من قصور القصبة السفلى التي رممت "نقائص تقنية وغياب المهارة" بشهادة عدد من المؤرخين وعلماء الآثار. و تبدوعلى هذه المعالم التي رممت منذ اقل من 10 سنوات وتم تحويل بعضها إلى مقرات ادارية علامات هشاشة بارزة إضافة إلى إخفاق واضح في الجانب الجمالي. و بخصوص المشاريع الأخرى التي يتطلب انجازها أشغال دقيقة مثل هياكل الطرقات و نظام التطهيروالتزود بالمياه الصالحة فلا تزال في طورالدراسة. و تبقى هذه الأشغال المسجلة في مخطط حماية القصبة شبه مستحيلة بالنسبة لسكان القصبة الذين عانوا كثيرا من جرا ء التجارب الماضية المريرة التي لم تفلح في إنقاذ حيهم من الاندثار المؤكد. ما يتضمنه المخطط الدائم للحفاظ على القصبة جاء المخطط الدائم للحفاظ على قصبة العاصمة الذي اعتمد من طرف الحكومة في مارس 2012 في شكل نص قانوني لتسييرعمليات الترميم كنتيجة لسنوات عمل مهندسين ومعماريين مختصين. يرمي المخطط الذي خصص له غلاف مالي قدرب 90 ملياردينارالى اعادة الوجه الأصلي للقصبة من خلال التركيزعلى المواقع التاريخية مع اقتراح حل نهائي يجمع بين حماية هذا الحي العتيق ذوالقيمة التاريخية والثقافية من جهة والابقاء على جزء من أبناء الحي القاطنين به عبرأجيال متعاقبة من جهة أخرى. وسيتم حسب هذا المخطط اعادة بناء وفقا للنموذج الأصلي ل400 وحدة سكنية تعرضت للانهيار وذلك لتدعيم النسيج العمراني قبل الشروع في ترميم المنازل ذات الطابع العربي -الأندلسي والمساجد وكذا البنايات التي تعود الى العهد الاستعماري. وتقترح السلطات لتسهيل عمليات الترميم بهذا الحي, شراء الممتلكات من أصحابها أو وضع تحت تصرف الراغبين -من السكان المدينة العتيقة- في العودة لمنازلهم سكنات مؤقتة خلال فترة أشغال الترميم . وبموجب هذا المخططولا يسمح باحداث أي تغييرعلى المساكن كما أنه سيتم هدم البنايات الدخيلة على القصبة أوغيرالقانونية منها. ويوجد حاليا بالقصبة -بما فيها البنايات التي تعود الى عهد الاستعمار- 554 بناية في حالة "تآكل كبير" منها 188 في حالة "تآكل جد متقدم" حيث اضحت تشكل خطرا على سكانها. وقد أحصي قرابة ألف منزل في وضعية أقل سوء من سابقتها بينما أتلفت تماما 120 بناية و120 بناية أخرى أغلقت أوسدت منافذها بالاسمنت ومع ذلك فان أغلبها تم الاستحواذ عليها. ولمنع السكنات الفوضية وتوفيرالحماية للفرق القائمة على الترميم, سيتم وفقا للمخطط انشاء العديد من مراكزالشرطة بداخل القصبة التي تتربع مساحتها على 105 هكتار. كما يقدم المخطط حلولا للعديد من المشاكل المستعصية المتعلقة بالتطهير وتسرب مياه الأمطاروتزويد السكان بالماء الشروب ومصادرالطاقة بدء من ردم كل القنوات والكوابل قبل اعادة تهيئة الطرق. واستفاد المخطط الدائم لحماية واعادة الاعتبارلقصبة الجزائرالعاصمة الذي سيكون نموذجا لباقي المواقع المحمية في الجزائرمن الحصة الأولى من الغلاف المالي, بلغت قيمته 27 مليارديناروهوما يعادل ثلث الميزانية الاجمالية المخصصة لانجازه.