قدم الوزير الأول عبد المالك سلال يوم الأحد مداخلة أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، تضمنت عرضا حول مخطط عمل الحكومة من اجل تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية. هذا النص الكامل للمداخلة: السيد رئيس المجلس الشعبي الوطني السيدات والسادة النواب لقد عبر الشعب الجزائري يوم 17 أبريل 2014 تعبيرا سيدا وواسعا، وفصل في اختياره لصالح رجل وبرنامج، حيث أسند قيادة شؤون البلاد إلى فخامة السيد عبد العزيز بوتفليقة، ليؤكد بذلك تمسكه بوحدة الأمة واستقرارها، وبخياراته في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وفور أدائه لليمين الدستورية، عكف السيد رئيس الجمهورية على تجسيد الالتزامات التي تعهد بها أمام الأمة من خلال إطلاق المسار الجاري لمراجعة الدستور وتعيين الحكومة التي أتشرف بتنسيق عملها. وقد ألح رئيس الدولة، خلال اجتماع مجلس الوزراء المنعقد يوم 07 ماي 2014 على ضرورة التزام السلطات العمومية بالسرعة في الاستجابة لتطلعات الساكنة ولاسيما الشباب، وذلك من خلال بناء اقتصاد تنافسي ومتنوع من شأنه أن يضمن ديمومة التنمية الوطنية وسياسة العدالة الاجتماعية. ومن هذا المنطلق، فإن الالتزامات الواردة في برنامج فخامة السيد عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية، ستصبح من الآن بمثابة مهام الحكومة وتشكل جوهر مخطط عملها الذي أتشرف اليوم بعرضه على أعضاء المجلس الشعبي الوطني، تطبيقا لأحكام الدستور ذات الصلة. وإن أملي هو أن تكون هذه المناسبة المتجددة لتبادل الأفكار مع ممثلي الأمة، لحظة قوية للديمقراطية في بلادنا، وفرصة للنقاش المثمر والبناء حول الحقائق الميدانية والآفاق المستقبلية. وأود من على هذا المنبر أن أؤكد من جديد على التزام الحكومة بالعمل على تحسين تعاونها مع السلطة التشريعية وتعزيزه. وثقوا بأنني على مدى المناقشات التي ستجمعنا في هذه الأيام القادمة، سأولي كل العناية وسأكون مصغيا لكم. كما ستتلقى الحكومة تعاليقكم وأرائكم واقتراحاتكم بروح متفتحة وتقدير كامل، وستسهر على تقديم الأجوبة الضرورية بشأنها. انطلاقا من أن إيماننا بفضائل الحوار والتشاور هو إيمان راسخ، ومن أن اقتناعنا يتمثل في العمل مع كل أبناء الجزائر، دون استثناء ودون أحكام مسبقة، حرصا على خير بلادنا ومستقبلها. السيد رئيس المجلس الشعبي الوطني، السيدات والسادة النواب، إن مشروع مخطط عمل الحكومة من أجل تنفيذ برنامج فخامة السيد رئيس الجمهورية، ينبغي أن يساهم في مسعى التقويم الوطني. ولذلك، فإنه يدمج تدعيم الأعمال التي شرع فيها أصلا من خلال تحسين الحكامة ويرمي إلى تفعيل المجال الاقتصادي وتحقيق تحول الاقتصاد الوطني المنشود. ولهذا الغرض، فإن المشروع يرتكز على المحاور الرئيسية والأعمال الآتية: توطيد أركان دولة القانون، وتعزيز الاستقرار وترقية الحوار الوطني. وفي هذا لمنظور، فإن مسار المصالحة الوطنية سيتم المضي به قدما إلى أجله، حيث ستستفيد الملفات العالقة لضحايا المأساة الوطنية بمختلف فئاتهم، بمتابعة صارمة إلى غاية اختتامها، مثلما سيتم إدخال ترتيبات جديدة في مجال حماية وإعادة إدماج الضحايا وأولئك الذين ساهموا في استعادة السلم والاستقرار. وبالموازاة مع ذلك، ستظل سياسة (اليد الممدودة) منتهجة إزاء (المغرر بهم) الذين يبدون توبتهم، وستواصل الحكومة القيام بكل عمليات مكافحة الإرهاب من أجل تعزيز الأمن الوطني، كما ستحارب كل أشكال الإجرام دون هوادة. من جهة أخرى، ستعكف الحكومة على إتمام النصوص التطبيقية للقوانين الصادرة في إطار الإصلاحات السياسية، وستشرع في التجسيد التدريجي للتقسيم الإقليمي الجديد من اجل تقريب الإدارة من المواطن والتكفل الأحسن برهانات التنمية المحلية، ولاسيما في الجنوب والهضاب العليا. وفي هذا الإطار، سيتم تعزيز وتكثيف عمليات تدعيم القدرات البشرية والمادية للجماعات المحلية، وكذا العمليات المتعلقة بتعزيز الترابط المشترك ما بين البلديات. وعلى صعيد آخر، فإن التشاور المنتظم مع المجتمع المدني والمجالس المنتخبة وعلى رأسها البرلمان، سيكون بمثابة القاعدة و لن يدخر أي جهد من أجل إرساء مبدأ الفصل بين السلطات وتعزيز دور الغرفتين وتدعيم مكانة المعارضة وحقوقها في الحياة السياسية والبرلمانية . بل إن الحكومة ستسهر، ضمن مقاربة مشتركة ومتعددة القطاعات، على مواصلة عملها في مجال إعادة تأهيل وتجديد الخدمة العمومية قصد القضاء على كل أشكال التعسف أو التجاوزات التي تغذي الفساد والشعور بالإقصاء، وتقوض ثقة المواطنين. وبهذا الشأن فانه من المهم الإشارة إلى أنه فضلا عن إنشاء مرصد للخدمة العمومية، سيتم الانطلاق في مشروع بطاقة التعريف الإلكترونية والبيومترية، وتطوير الإدارة الإلكترونية وتحسين التغطية في مجال الشرطة الجوارية. أما مسار الإصلاح من أجل تحسين المرفق العمومي للقضاء وتدعيم استقلاليته، فسيتم تعميقه من خلال إثراء المنظومة القانونية الوطنية، وتكييف جهاز التكوين، وعصرنة مناهج التسيير وإصلاح المنظومة العقابية. وبهذا الخصوص فإن احترام الحريات الفردية والحقوق الأساسية وحمايتها سيكون نقطة الارتكاز التي يقوم عليها هذا المسعى. وستعمل الحكومة على تجسيد حرية الصحافة والتعبير والحق في إعلام موضوعي وذي مصداقية. ولهذا الغرض، سيشرع في تنصيب سلطتي ضبط الصحافة المكتوبة والسمعي البصري فضلا عن مجلس أدبيات وأخلاقيات المهنة. كما سيتم إعادة تأهيل قطاع السمعي البصري والوسائل العمومية للنشر مع توفير الشروط الملائمة لاستحداث قنوات خاصة خاضعة للقانون الجزائري، وإقامة شبكة للبث الرقمي الأرضي ودخول محطات البث الإذاعي بالموجات الترددية (FM) وكذا شبكة جديدة للبث الإذاعي والتلفزي عبر الأقمار الاصطناعية حيز الخدمة تدعيم المجال الاقتصادي والمالي: لقد أحرزت بلادنا خلال السنوات الأخيرة تقدما اقتصاديا هاما وسجلت مؤشرات اقتصادية إيجابية. وهكذا، فقد شهد النمو الاقتصادي، على مدى الفترة 2010 - 2014، تحسنا متوسطا بنسبة 4% في حين تم التحكم في التضخم في حدود 3،5 %. أما نسبة البطالة فقد تراجعت بشكل معتبر إذ انخفضت من 29،5 % سنة 2000 إلى 9،8 % سنة 2013 . ومن أجل تعزيز النتائج المحرزة وتجسيد الالتزامات الواردة في البرنامج الرئاسي، ستقوم الحكومة، في إطار التشاور، بإعداد مخطط خماسي للنمو 2015 – 2019 تتمثل أهدافه في تخفيض نسبة البطالة وتحسين ظروف معيشة المواطنين وتحقيق نسبة سنوية للنمور قدرها 7 %، وضمان تسيير وصيانة المنشآت الأساسية المنجزة وتنويع الاقتصاد الوطني. كما سيتم الشروع عن قريب في تنفيذ برنامج خاص لتنمية ولايات الجنوب والولايات الحدودية . وقد تضمن مشروع مخطط العمل المعروض عليكم تفاصيل عن الأعمال التي سيتم القيام بها في مجال عصرنة النشاطات المالية وتعزيز مكافحة الفساد وتبييض الأموال، وتحسين مناخ الأعمال وإعادة النظر في الإجراءات المتعلقة بالاستثمار وتوفير العقار الصناعي. كما تم إقرار تدابير خاصة من أجل تأطير السوق الوطنية وضبطها، وضمان التموين المستمر بالمواد والبضائع وحماية المستهلكين وقدرتهم الشرائية. وفي هذا الإطار، ستواصل الحكومة جهودها بهدف القضاء على التجارة غير المشروعة من خلال تنفيذ البرنامج الجاري لإنجاز 1000 منشأة تجارية و08 أسواق للجملة جهوية ووطنية ودخول 30 مخبرا لمراقبة النوعية حيز الخدمة. تفعيل تنمية النشاطات المنتجة : لقد حدد العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي الذي تم التوقيع عليه يوم 23 فبراير 2014 مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين السبيل الواجب انتهاجه من أجل إقامة اقتصاد وطني قوي وتنافسي ومن شأنه إنتاج الثروة واستحداث مناصب الشغل . وستعمل الحكومة، دون تمييز بين القطاعين العمومي والخاص، على توسيع القطاع الصناعي الوطني وعصرنته، لاسيما من خلال ترقية الإنتاج الوطني ودعم النشاطات التي تشجع على الاندماج وتثمن مزايانا الطاقوية والطبيعية المقارنة وكذا تعزيز مسار الشراكة. كما ستتخذ تدابير أخرى من أجل تحسين حكامة المؤسسات وتطوير الترتيبات المعمول بها في مجال التقييس والاعتماد، وتعزيز قدراتنا في مجال تكوين الموارد البشرية وتحيين أنظمتنا للإعلام والإحصاء والرصد الاستراتيجي لقطاع الصناعة. وجدير بالذكر إن إنشاء مجمع صناعي منجمي من شأنه أن يسمح بإنجاز مركب كبير لإنتاج الأسمدة والشروع في استغلال مناجم الحديد في كل من غارة جبيلات ومشري عبد العزيز، ومضاعفة إنتاج الرخام والملح، وأخيرا، فتح مناجم جديدة لاستغلال الزنك-الرصاص، والباريت والذهب في ست (06) ولايات من البلاد. أما فيما يخص النشاطات الفلاحية، فتتمثل الأهداف المتوخاة في توسيع المساحات المسقية في حدود مليون هكتار وتدارك العجز في مجال المكننة وتعميم استعمال البذور ذات مردودية عالية وتطوير الفلاحة الصحراوية وتعزيز حماية الصحة والصحة النباتية. وسيتم تعزيز تطوير الصناعة الزراعية- الغذائية قصد تثمين المنتجات الفلاحية واسعة الاستهلاك وترقية تصدير المواد ذات مزايا مقارنة أكيدة. كما سيتم تنفيذ مخطط للتهيئة الغابية على مستوى 000. 172 هكتار وكذا برنامج اعادة التشجير على مستوى 340.000 هكتار منها 100.000 هكتار من الأشجار المثمرة التي تتحمل الظروف المناخية القاسية لاسيما على مستوى الأحواض التي تصب في السدود من أجل الحد من ظاهرة الانجراف. وستستمر الدولة في دعم الاستثمار وفي نشاطات الصيد البحري وتربية المائيات، حيث ستسمح الجهود الرامية إلى عصرنة الأسطول البحري الوطني وتهيئة الموانئ وملاجئ الصيد البحري بمضاعفة الإنتاج الوطني في هذا الفرع من النشاط. فضلا عن ذلك ستسهر الحكومة على ضمان الأمن الطاقوي للجزائر على المدى الطويل والحفاظ على مكانتها كفاعل نشيط في السوق الدولية للمحروقات، من خلال بذل مزيد من الجهود في مجال الاستكشاف والتطوير والشروع في الإنتاج على مستوى حقول البترول والغاز الجديدة قصد رفع الإنتاج. وسيتم إنجاز عمليات حفر نموذجية لتحديد طرق إنتاج المحروقات غير التقليدية. كما سيتم إنجاز 14 أنبوبا جديدا لنقل المحروقات منها أنابيب الغاز المخصصة لتموين منطقتي تمنراست وجانت. مع الإشارة على أن انطلاق برنامج لإنجاز 6 معامل للتكرير وإعادة تأهيل المنشآت المتوفرة، من شأنه أن يرفع القدرات الوطنية في مجال التكرير وتخزين الوقود الى 60 مليون طن سنويا في آفاق سنة 2018 . وجدير بالذكر أنه سيتم ربط 1،5 مليون مشترك جديد بشبكة الكهرباء ومليوني مشترك بشبكة الغاز الطبيعي. وسيتم تعزيز قدرات إنتاج الكهرباء إثر إتمام أشغال مصنع إنتاج عنفات الغاز ووحدات إنتاج الطاقة . وقد تم وضع برنامج واسع للطاقة المتجددة، حيث دخلت محطة هجينة أولى حيز الخدمة منذ سنة 2011 . كما ستشرع 23 محطة للطاقة الشمسية ومزرعة لإنتاج الكهرباء بقوة الرياح، في الإنتاج عن قريب. إن القدرات الوطنية تجعل تنمية صناعة سياحية حقيقية ضرورة حتمية. وستُمنح الأولوية في هذا المجال لمتابعة المشاريع الجارية ولاسيما توفير قدرات للاستقبال تتمثل في 50.000 سرير و15 مؤسسة حموية. وموازاة مع ذلك، سيتم تعزيز عمليات التهيئة السياحية وترقية وجهة الجزائر وتدعيمها. من جهة أخرى، ستدعم الدولة نشاط الصناعة التقليدية ببعدية المتمثلين في الحفاظ على التراث الوطني والمساهمة في التنمية الاقتصادية، من خلال استكمال برنامج انجاز غرف الصناعة التقليدية والدعم المباشر وغير المباشر للحرفيين والمساعدة في إنشاء شبكات التموين والتسويق. تسيير المنشآت الأساسية، وصونها وتوسيعها بغرض تعزيز دورها في دعم البرنامج الاقتصادي والاجتماعي: سيتم تجسيد إطار تشريعي وتنظيمي من أجل ضمان حماية مثلي للاستثمارات المنجزة وتسيير عصري للمنشآت الأساسية بما يضمن ديمومة التجهيزات وكذا خدمة عمومية تتماشى مع الطلب المتزايد والملح. وتعتزم الحكومة الاستمرار في توسيع شبكة الطرق من خلال إنجاز الطريق السيار للهضاب العليا واستكمال أشغال المنافذ إلى الطريق السيار والانطلاق في إنجاز 07 طرق أخرى على طول 663 كلم وفك العزلة عن الأقاليم وذلك بإنجاز طرق جديدة على مسافة 2000 كلم في الجنوب والهضاب العليا. ومن المقرر مواصلة عمليات إزدواجية السكك الحديدية على مستوى السكة الاجتنابية الشمالية كلها والكهربة التدريجية لمجمل الشبكة وانجاز محطات جديدة وكذا الشروع في عمليات جديدة لتوسيع أو إنجاز خطوط الميترو والترامواي والمصاعد الهوائية. أما في مجال النقل البحري، فسيتم استلام محطة نهائية للمسافنة بميناء جن جن، والانطلاق في اشغال انجاز 04 محطات بحرية جديدة وانجاز موانئ في المياه العميقة وتعزيز الأسطول الوطني من خلال اقتناء سفن لنقل البضائع والمسافرين. وسيتم تعزيز الشركات الوطنية للطيران المدني من خلال استلام 16 طائرة جديدة، والإنطلاق في أشغال بناء مطاري الجزائر ووهران الجديدين فضلا عن برامج إعادة تأهيل مطارات أخرى وتوسيعها. كما سيتم تعزيز جهود الدولة في مجال الموارد المائية من أجل تغطية احتياجات البيوت وقطاع الصناعة من الماء والمشاركة في تنمية قطاع الفلاحة. وفضلا عن متابعة المشاريع الجارية، ستولى عناية خاصة للاقتصاد في هذا المورد ورفع مردودية الشبكات وقدرات إنتاج المياه التقليدية وغير التقليدية. وتخزينها وتوزيعها . وفيما يتعلق بالمنشآت الأساسية للاتصالات السلكية واللاسلكية، فإن الحكومة تعتزم العمل على عصرنتها بهدف ترقية استعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال والتشجيع على اندماج مجتمعنا في اقتصاد يقوم على العلم والمعرفة. وعلاوة على رخص الجيل الثالث الممنوحة لمتعاملي الهاتف النقال، فإن نظام الجيل الرابع للهاتف الثابت يغطي حاليا مجمل عواصل الولايات. كما ستتم مواصلة تعميم التدفق العالي والعالي جدا ليشمل كل البلديات التي يزيد عدد سكانها عن 1000 نسمة في الشمال وأكثر من 500 نسمة في الجنوب، وكذا المناطق الصناعية والمؤسسات التربوية والصحية. وسيتم إنجاز حظائر تكنولوجية في كل من عنابة ووهران وورقلة، ودخولها حيز الخدمة. وسيشرع في إنشاء هيئات لتأمين المعلومات وهيئة للتصديق الإلكتروني . إرساء تنمية إقليمية متناسقة وتحترم البيئة: ستسهر الحكومة على شغل التراب الوطني بصفة عقلانية من خلال توزيع متكافئ للنشاطات المنتجة وتكثيف نسيج المؤسسات لفائدة الجماعات المحلية الأكثر حرمانا في مجالي التشغيل والتنمية. وسيتجسد ذلك من خلال تسيير متكامل للمناطق الجبلية والحدودية وكذا إنشاء أقطاب اقتصادية في ولايات عديدة من البلاد. وبهذا الشأن، فإن البيئة تشكل محورا واعدا سواء في مجال تحسين إطار معيشة السكان أو المساهمة في الجهود الرامية الى تحقيق التنمية. ولذلك، سيتم استكمال برنامج إنجاز المنشآت القاعدية قصد الحد من الآثار السلبية الناجمة عن التلوث. كما سيتم تشجيع الاستثمارات في مجال الاقتصاد الأخضر ونشاطات جمع النفايات ومعالجتها وإعادة استعمالها وتثمينها. مواصلة بذل الجهود في مجال التنمية البشرية من أجل تكفل فعال وصارم بحاجيات المواطنين: يتعين علينا حتما تحسين مردود المنظومة الوطنية للتعليم والتكوين وأدائها من اجل تلبية حاجيات البلاد في مجال التكوين المتميز والتحكم فيه. وستستمر الدولة في بذل الجهود من أجل تعميق دمقرطة التعليم من خلال تحسين ظروف التمدرس وتطوير التجهيزات والمنشآت القاعدية وتعزيز الحوار مع الشركاء الاجتماعيين حول ظروف العمل ومعيشة الموظفين والأساتذة في قطاع التربية الوطنية. كما سيتم تطوير الإمكانيات الهيكلية والتنظيمية لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي وتعزيز دوره باعتباره دعامة للابتكار وتدعيمه بتكوين وبحث يتوخى أهدافا محددة وتنظيم علاقاته مع القطاعات الاجتماعية- المهنية. فضلا عن ذلك، سيتم تكثيف التكوين المهني وتنويعه، إذ ستعمل الحكومة على تطوير مسارات التكوين لفائدة مختلف الفئات الاجتماعية لاسيما ذوي الاحتياجات الخاصة وكذا البرامج الجوارية لفائدة سكان الريف. وبما أن التشغيل والسكن يشكلان أهم انشغالات مواطنينا، فإن الحكومة يعتبرها من أوليات عملها. ولهذا الغرض، فإن قوام البرنامج الحالي للسكنات بمخالف صيغه، يقدر بأزيد من 2،2 مليون وحدة، منها 1،2 مليون وحدة قيد اًلإنجاز. وخلال السنة الجارية وحدها سيتم استلام 300.000 مسكن، الإنطلاق في أشغال إنجاز 600.000 مسكن . وفي هذا الإطار، فقد شرع في أعمال من أجل إعادة هيكلة الأداة الوطنية للانجاز وتوفير الأوعية العقارية وتطوير طرق البناء وترقية سوق التأجير وإرساء مسعى نوعي في مجال تصميم السكنات وإنجازها. وستتم، بالإضافة الى ذلك، مواصلة تنفيذ سياسة مجددة للمدينة من أجل تحسين إطار المعيشة من خلال عمليات التجديد الحضري وإدماج الهياكل الإدارية والتجهيزات العمومية والثقافية والترفيهية. كما ستعزز الدولة الاستثمار في القطاعات المستحدثة لمناصب الشغل كالفلاحة والصناعة والسياحة والصناعة التقليدية وستشجع تطوير المؤسسة الصغيرة والمتوسطة. علاوة على ذلك، سيتم تجديد جهاز المساعدة على الإدماج المهني وتخفيفه وتاسيسه على مقاربة اقتصادية في معالجة مسألة البطالة. وسيتم تنشيط إجراءات استحداث نشاطات من قبل البطالين أصحاب المشاريع وتقليص آجالها. وسيستفيد المقاولون الصغار من تسهيلات للحصول على القرض البنكي. كما ستتم مرافقتهم قصد ضمان ديمومة مشاريعهم من خلال التكوين في مجال التسيير وتمكينهم من الاستفادة من الطلبيات العمومية. ومن جهة أخرى، سيتم وضع آليات تحفيزية خاصة لفائدة الشباب حاملي الشهادات عند استحداث نشاطاتهم لاسيما النشاطات التي تقوم على المعرفة والتكنولوجيات الجديدة. وفيما يخص الضمان الاجتماعي، سيتم توسيع مجال التغطية إلى فئات جديدة ومواصلة تحسين نوعية الخدمات وإصلاح تمويل هذه المنظومة . وفضلا عن إعادة تحديد محتوى الأجر الوطني الأدنى المضمون من خلال إعادة صياغة معمقة للمادة 87 مكرر من قانون العمل، سيتمحور عمل الحكومة في مجال علاقات العمل حول التكفل بمسائل المناولة وحماية الأطفال والأشخاص المعوقين والعمل غير المشروع والتحرش الجنسي وترسيم الحوار الوطني على الصعيدين الثنائي والثلاثي. وستستمر الحكومة في منح الأولوية للتكفل الصحي بالمواطنين سواء في مجال الوقاية أو مكافحة الأمراض المتنقلة أو تنظيم عمليات العلاج. وستتمحور الجهود حول أنسنة العلاقات بين السلك الطبي والمرضى وتحسين ظروف الاستقبال والتكفل على مستوى الهياكل الاستشفائية. كما ستواصل الحكومة إنجاز هياكل صحية جديدة سواء تلك التي تقدم خدمات طبية أساسية أو المؤسسات المتخصصة لاسيما المراكز الاستشفائية الجامعية ومراكز مكافحة السرطان، وتزويدها بمستخدمين ووسائل ملائمة. من جهة أخرى. سيتم تحسين وفرة الدواء وتشجيع الاستثمار في المنتجات الصيدلانية . وسنعمل كذلك على استكمال إصلاح المستشفيات وإعداد قانون جديد خاص بالصحة على أساس تشاور واسع مع الشركاء الاجتماعيين ومهنيي الصحة. كما ستستمر الدولة في دعم العائلات المعوزة والطفولة المسعفة وكذا الأشخاص المعوقين من خلال الإبقاء على التدابير والآليات الرامية إلى تحسين ظروف المعيشة ومكافحة الإقصاء وتعزيزها. وسيتم تسريع وتيرة انتشار مصالح النشاط الاجتماعي على مستوى البلديات، وكذا تبسيط إجراءات منح المساعدات في إطار أجهزة الإدماج الاجتماعي والمهني . فضلا عن ذلك، سيتم، بالتشاور مع المجتمع المدني، إعداد إستراتيجية جديدة لترقية المرأة من شأنها أن تُيسر إدماجها في المجالات الاقتصادية، وتعزز مكافحة العنف ضد النساء وتشمل ترتيبات عملية لتسهيل التوفيق بين مسؤولياتها المهنية والعائلية من خلال إنشاء روضات الأطفال ودور الحضانة وتعميم التعليم التحضيري . وستستمر الحكومة في إيلاء أهمية بالغة لتحسين الوضع الاجتماعي والصحي والنفسي للمجاهدين وذوي حقوقهم من خلال الإبقاء على برامج التكفل الطبي وتعزيز المنشآت الأساسية المخصصة للراحة العلاج. وفي هذه السنة التي تتزامن مع الذكرى الستين لاندلاع ثورة التحرير المجيدة، تلتزم الحكومة بمواصلة تنفيذ الاعمال الرامية الى الحفاظ على الذاكرة الوطنية وتبليغها إلى الأجيال الصاعدة لاسيما من خلال إنجاز "مذكرة الثورة" و"المتحف الوطني للمجاهد" وكذا ترميم المواقع التاريخية. كما ستشرع الحكومة في استشارة وطنية واسعة من شأنها أن تفضي إلى إعداد إستراتيجية الدولة لفائدة الشباب والتي ستعرض على البرلمان للمناقشة. وستشمل هذه الإستراتيجية متعددة القطاعات والتشاركية، كل انشغالات أجيالنا الشابة والمتمثلة في التربية ومكافحة الآفات الاجتماعية والتشغيل والاستفادة العادلة من السكن وممارسة الرياضة والتنقل والترفيه والمشاركة في الحياة العامة . من جهة اخرى، سيتم تشجيع ممارسة الرياضة الترفيهية والتنافسية من خلال تطوير متوازن لمختلف التخصصات وترقية المنشآت الأساسية الجوارية وتعزيز الرياضة المدرسية والجامعية والنسوية. وسيتم إدراج تدابير جديدة في مجال الدعم العمومي للأندية المحترفة والهاوية ومكافحة العنف في الميادين الرياضية والكشف عن تعاطي المنشطات. وفضلا عن تثمين تراتنا الثقافي، سيتم دفع حركية تطوير خدمة عمومية جوارية في مجال الثقافة. كما تجرد الإشارة في هذا المجال إلى الشروع في تنفيذ الترتيبات المتعلقة بالظروف الاجتماعية والمهنية للفنان وتعزيز حقوق المؤلفين ودعم الإنتاج الثقافي. كما سنسهر على توفير الشروط الملائمة لتنظيم التظاهرات الثقافية الدولية، لاسيما " قسنطينة، عاصمة الثقافة العربية لسنة 2015 ". وستعمل الحكومة كذلك على ترقية الممارسة السليمة للشعائر الدينية في ظل احترام تعاليم الدين الاسلامي الحنيف والأخوة والتسامح. وسيتم تكثيف تكوين الأئمة وتفعيل الدور الاجتماعي لصندوق الزكاة، كما سيتم السهر على تحسين تأطير حجاجنا وظروف التكفل بهم في البقاع المقدسة. السياسة الخارجية والأعمال الموجهة لفائدة الجالية الوطنية المقيمة بالخارج: ستولي الجزائر عناية بالغة للجزائريين المقيمين في الخارج، وفي هذا الإطار، وفضلا على التدابير الرامية إلى تخفيف الاجراءت القنصلية سيتم الشروع في أعمال من أجل تحسين ظروف الاستقبال و تعزيز الحماية القنصلية و القضائية ودعم الحركة الجمعوية وإقامة جسور مع الكفاءات الوطنية المقيمة بالخارج. وجدير بالتأكيد أن الدبلوماسية الجزائرية، بقيادة فخامة السيد رئس الجمهورية، ستبقى وفية لمبادئها الأساسية المتعلقة بسيادة البلدان ووحدتها ورفض التدخل الأجنبي واحترام القرار السيد للشعوب. كما ستبذل جهودا حثيثة فيما يخص قضايا الاستقرار والأمن والتعاون الذي يعود بالفائدة المشتركة على مختلف مناطق الانتماء على المستوى المغاربي والعربي والإفريقي والمتوسطي . سياسة الدفاع الوطني: سيستمر الجيش الوطني الشعبي، في إطار مهامه الدستورية، خلال الفترة الخماسية القادمة، في تحقيق الأهداف الرامية إلى عصرنة القوات المسلحة واحترافيتها وتأمين الحدود البرية والمجالين البحري والجوي ومكافحة كل أشكال الجريمة العابرة للحدود و الإرهاب. وستعمل الحكومة على مرافقة هذه الأعمال وعلى تدعيم تطوير قطاع الصناعة العسكرية. السيد رئيس المجلس الشعبي الوطني، السيدات والسادة النواب، لقد تبنى الشعب الجزائري مسار التنمية الذي اقترحه عليه فخامة السيد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، الذي تعتزم الحكومة، تحت قيادته، المساهمة في مسعى التجديد الوطني هذا من خلال إشراك كل قوى الأمة الحية وذوي النوايا الحسنة دون إقصاء . ووعيا منها بثقل المهام المنوطة بها وبأهمية تطلعات مواطنيها، تلتزم الحكومة ببذل كل الجهود من أجل تجسيد مخطط العمل هذا في اطار منظور يعزز الإنسجام الاجتماعي والتضامن الوطني للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد. وستظل الحكومة تولي اهتمامها دائما للتوازنات الكبرى للاقتصاد الوطني التي تضمن إستقلالية الأمة وقدرتها على إنجاز مشاريعها التنموية المستقبلية . كما ستسهر الحكومة على وضع آليات للمتابعة والتقييم بصفة منتظمة وفعالة من أجل تنظيم مراقبة العمل الحكومي قصد تحديد الصعوبات المحتملة وايجاد التصحيحات الملائمة. بل إنها ستتبنى سياسة اتصال مجددة موجهة للمواطنين لكي تشرح لهم باستمرار المسعى المنتهج وإزالة كل غموض وقطع الطرق امام الاشاعة والجدل. وإنني على قناعة أن القول بأننا مواطنون جزائريون في القرن الواحد والعشرين يعني، أولا وقبل كل شئ حب الجزائر وإثبات ذلك يوميا، مهما كانت المنطقة التي ننحدر منها. لذا فإنني أمد يدا صادقة وأخوية إليكم بصفتكم ممثلي الشعب بل وكذلك الى كل أبناء الوطن ، وأدعوكم الى العمل على إرساء قاعدة التعايش بصفة دائمة وبناء جزائر الغد، جزائر قوية تنعم بالإستقرار وتعتز بتاريخها العريق وتتجه بحزم نحو المستقبل والعصرنة، وذلكم هو العهد الذي إلتزم به الرئيس بوتفليقة. وأشكركم على كرم الإصغاء.