حققت السلطات العسكرية الحاكمة فى بوركينا فاسو خطوات مهمة نحو تسليم السلطة للمدنيين بعدما أجمع كل من الجيش و المعارضة على تولي المطران بول أويدراوغو منصب الرئيس الانتقالي للبلاد فى انتظار تنظيم انتخابات مقررة فى نهاية عام 2015 القادم. و تنفيذا للمهلة التى منحها الجيش الى اطراف الازمة للاعلان عن أسماء مرشحيها لمنصب رئيس المرحلة الانتقالية بحلول اليوم الاحد كشف كل من الجيش و الاحزاب السياسية و المجتمع المدني عن مرشحيهم لتولي هذا المنصب. و قد وقع فرقاء الازمة فى بوركينا فاسو التى اندلعت بعد تنحي الرئيس السابق بليز كومبابورى تحت ضغط الشارع و تولي الجيش مهام الحكم خلفا له على شخص أسقف منطقة بوبو-ديولاسو المطران بول أويدراوغو على الرغم من أنه قد صرح فى وقت سابق أن " هذا النوع من السلطة لا دخل فيه لرجال الدين". و فسرت المعارضة و المجتمع المدني ترشيح أويدراوغو رئيسا للمرحلة الانتقالية رغما عنه بالقول أن " الفاتيكان قد يتدخل لمصلحة هذا الترشيح عند تأكده من وجود اجماع حول شخص الاسقف" الذي يترأس اللجنة الاسقفية لبوركينافاسو و النيجر. و فضلا عن ترشيح الاسقف رشحت المعارضة و المجتمع المدني شخصين أخرين هما الصحافيين شريف سي و نيوتن أحمد باري المعروفين بمعارضتهما الشرسة للرئيس المخلوع كومباوري. و من جهته و اضافة الى موافقته على الاسقف اويدراوغو قدم الجيش جوزيفين أويدراوغو الخبيرة فى علم الاجتماع و التى تولت عدة مناصب وزارية فى عهد الرئيس الاسبق توماس سانكارا لتولي منصب رئيس المرحلة الانتقالية. و بطرح اسماء مرشحيها و الاجماع على شخص الاسقف أويدراوغو تكون أطراف الازمة فى بوركينا فاسو قد قطعت شوطا مهما نحو الانتقال الى مرحلة الحكم المدني التى طالبت بها المعارضة بالحاح منذ أن سيطر العسكر على دواليب الحكم مباشرة بعد هروب الرئيس السابق كومباوري الى كوت ديفوار المجاورة منهيا بذلك فترة حكمه للبلاد التى استمرت 27 عاما. و جاء تنحي كومباوري اثر مظاهرات شعبية عارمة شهدتها العاصمة واغادوغوا احتجاجا على مشروع قرار كان سيصوت عليه البرلمان يسمح للرئيس المخلوع بتولي عهدة رئاسية اضافية. نحو التوقيع على ميثاق المرحلة الانتقالية و تأتي هذه الخطوة نحو تحقيق نظام مدني فى بوركينا فاسو بعد يوم واحد من قرار حاكم البلاد العسكري العقيد اسحاق زيدا رفع تعليق العمل بالدستور الذي اتخذه هو شخصيا بعد سقوط نظام كومباوري فى 31 اكتوبر المنصرم. و قال زيدا فى بيان تلاه نيابة عنه يوم أمس العقيد دافيد كابري فى مؤتمر صحفي " ان تعليق العمل بدستور الثاني من جوان 1991 قد رفع اعتبارا من السبت بغية السماح ببدء عملية انتقال مدني و التفكير بالعودة الى حياة دستورية عادية". و اكد البيان استمرار العقيد زيدا فى الحكم حتى قيام المؤسسة الانتقالية الجاري العمل على تشكيلها. و يعد اعادة العمل بالدستور عامل مهم فى العملية السياسية فى البلاد اذ يفتح الباب أمام المجلس الدستوري لدراسة ميثاق المرحلة الانتقالية المقرر توقيعه رسميا فى وقت لاحق اليوم. وستكون هذه الوثيقة بعد مصادقة المجلس الدستوري عليها قاعدة دستورية تسير عليها البلاد خلال المرحلة الانتقالية التى تستمر سنة و يتخللها تنظيم انتخابات فى نوفمبر 2015 . و اضطر العسكريون الذين " صادروا الحكم" بحسب المعارضة تحت الضغط الشعبي و الدولي الى تقديم تنازلات الاربعاء الماضي " فى مشروع تمهيدي لميثاق انتقالي" و ذلك بعد أن أمهلهم الاتحاد الافريقي و الشركاء الغربيين فترة أسبوعين لاعادة الحكم الى حكومة مدنية انتقالية. و مع تسارع هذه الخطوات نحو الانتقال الى الحكم المدني يأمل شعب بوركينا فاسو طي صفحة حكم كومباوري و الانطلاق بالبلاد نحو الديمقراطية و العدالة و النمو الاقتصادي للقضاء على المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية التى أنهكت كاهل المواطن سيما منها البطالة و الفقر.