حذر أعضاء من مجلس الأمة اليوم الأربعاء خلال مناقشتهم لمشروع القانون المتعلق بالتجارة الخارجية من احتكار رخص الاستيراد من طرف متعاملين معينين دون غيرهم فيما دعا آخرون في المقابل الى اتخاذ تدابير أكثر "جرأة" لتنظيم النشاط. وان تباينت أراء الإحدى عشر عضوا متدخلا --معظمهم عن حزب جبهة التحرير الوطني-- بين "مثمن" و"متخوف" من إدراج نظام رخص التصدير والاستيراد لتنظيم التجارة الخارجية للجزائر وتبعاته على الاقتصاد الوطني فقد شددوا على ضرورة إضفاء الشفافية في منح هذه الرخص لتفادي احتكارها من طرف متعاملين دون غيرهم. في هذا الصدد وصف صالح دراجي عن حزب جبهة التحرير الوطني النص ب "المهم و الجيد" مطالبا السلطات العمومية التحلي ب "الشجاعة في تطبيقه على الميدان حماية للاقتصاد الوطني وحتى لا يلقى مصير بعض القوانين التي بقيت حبرا على ورق". و تساءل ذات المتدخل عما إذا كان إدراج رخص الاستيراد لا يتناقض مع حرية التجارة ما قد يؤدي الى "ظهور نوع من الاحتكار وخلق لوبيات جديدة تتحكم في التجارة الخارجية". كما طالب بمزيد من التوضيحات حول آليات وكيفيات منح هذه الرخص مستفسرا عما اذا كانت ستمنح "للمحترفين أو لاصحاب الأموال أو لذوي النفوذ" كما قال. وتساءل عضو المجلس العمري لكحل -من نفس الحزب- عن سبب تأخر الحكومة في اصدار مثل هذا التنظيم رغم "تفشي الفوضى في مختلف النشاطات التجارية ونزيف العملة الصعبة" مطالبا السلطات العمومية بالتدخل سريعا لحماية المنتجين والمستهلكين المحليين. ومن جانبه انتقد العضو عبد القادر قاسي عن جبهة التحرير الوطني قاعدة 51/49% التي تحكم الاستثمار الخارجي للجزائر معتبرا إياها بمثابة معرقل لدفع هذه الاستثمارات. ومن جانبه اعتبر الهاشمي جيار عن الثلث الرئاسي ادراج رخص التصدير والاستيرد "حلا ظرفيا لا يمكنه أن يشكل الحل المرجعي والأمثل في تسير التجارة الخارجية". وقال في هذا الخصوص "نظام الرخص كان معمولا به في وقت سابق وأدى الى تفاقم ظواهر البيروقراطية والرشوة والاحتكار". و بحسب العضو موسى تمدراتازا عن جبهة القوى الاشتراكية فان النص أبقى على العديد من الجوانب "غامضة" إذ أنه لا ينص على الاجراءات الواقعية لتطبيقه على المتعاملين المخول لهم الحصول على رخص الاستيراد ولا طبيعة المنتوجات الخاضعة لهذا النظام. وتطرق اعضاء اخرون في تدخلاتهم الى اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي ومسار الانضمام الى المنظمة العالمية للتجارة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة. كما طالب البعض الاخر بتطهير التجارة الخارجية والكشف عن العدد الحقيقي للمستوردين الغشاشين الذي استغلوا -بحسبهم- فرصة انفتاح الاقتصاد لاغراق السوق الوطنية بمنتوجات "رديئة". و في رده على تساؤلات وانشغالات اعضاء المجلس قال وزير التجارة انه سيتم تشكيل لجنة تضم قطاعات الصناعة والفلاحة والمالية تحت اشراف وزارة التجارة تتولى دراسة طلبات منح الرخص التي تتقدم بها القطاعات المعنية بكيفية حيادية وعادلة بين المتعاملين. كما أن الرخصة ذاتها والتي ستمنح بصفة علنية ستحدد المتعامل المستفيد منها والكميات المسموح باستيرادها وكذا مدتها. وبخصوص الاحتكار الذي قد ينجم عن الاجراءات المتخذة أكد الوزير أن التنظيم الجديد من شأنه أن يساهم في اضفاء المزيد من الشفافية والانصاف بين المتعاملين المتدخلين في التجارة الخارجية من خلال تحديد توزيع الحصص بين المتعاملين. وبشأن قائمة المواد التي ستخضع لنظام رخص الاستيراد أكد السيد بن يونس أنه ما بين 20 الى 30 منتوج سيعنى بهذه التراخيص من بينها الاسمنت والسيارات. وشدد من جهة أخرى على وجود تنسيق وتضامن كبير بين مختلف القطاعات الوزارية ولاسيما وزارة الصناعة فيما يخص منح هذه الرخص. ومن المقرر أن يصادق أعضاء مجلس الامة على مشروع القانون المعدل والمتمم للأمر 03-04 المتعلق بالقواعد العامة المطبقة على عمليات استيراد البضائع وتصديرها يوم غد الخميس.