تستعد البعثة الأممية لدى ليبيا لطرح "اتفاق سياسي معدل" على الفرقاء الليبيين في محاولة لإعادتهم إلى طاولة الحوار من أجل المضي قدما نحو الحل السياسي للأزمة بالتزامن مع المخاوف الدولية من أن تتسبب العملية العسكرية التي ينفذها الجيش في بنغازي في تقويض جهود السلام وعرقلة مسار الحوار الذي دخل مرحلة حساسة جدا. فقد شرعت البعثة الأممية في الاعداد لمقترح مكتوب لاتفاق سياسي معدل وقائمة لأسماء أعضاء حكومة الوحدة الوطنية لتقديمها إلى أطراف الحوار تمهيدا للتصويت عليها, حسبما أفاد به الناطق الرسمي باسم البعثة الأممية, سمير غطاس, اليوم الأحد. ويذكر أن مسار المفاوضات بين الفرقاء الليبيين قد شهد تطورات جديدة مؤخرا بعد تمسك مجلس النواب المعترف به من الأسرة الدولية (برلمان طبرق) باتفاق السلام الموقع عليه بالأحرف الأولى في يوليو الماضي ورفضه التعديلات التي أدخلت عليه بطلب من المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته باعتبار أنها تختلف تماما عما تم التفاهم عليه سابقا", معلنا انسحابه من المفاوضات التي ترعاها الأممالمتحدة. وجاء ذلك القرار بناء على معلومات مسربة أفادت بأن البعثة الأممية التي يقودها المبعوث الأممي إلى ليبيا, برناردينو ليون, سلمت وفد المؤتمر مسودة جديدة للاتفاق تتضمن جميع التعديلات التي طلبها سابقا بما في ذلك حكم المحكمة العليا في ليبيا بحل مجلس النواب في طبرق. يذكر أن ليون كان قد أعلن أن تاريخ ال20 سبتمبر الجاري (اليوم) "موعدا ثابتا" للتوصل إلى اتفاق نهائي حول حكومة وحدة وطنية في ليبيا ودعا الفرقاء الليبيين في أكثر من مناسبة للالتزام به الأمر الذي لم يتم تحقيقه على ما يبدو مع قرب انقضاء هذا الموعد. مخاوف أممية من تقويض جهود السلام بسبب العملية العسكرية ببنغازي وفي الوقت الذي تجد فيه البعثة الأممية صعوبة كبيرة في لم شمل الفرقاء الليبيين حول طاولة الحوار جاءت التطورات الميدانية لتزيد من مخاوف الأممالمتحدة من تقويض جهود السلام الرامية إلى إنهاء أكثر من أربع سنوات من الصراع الدامي. فقد أكدت بعثة الأممية للدعم في ليبيا الهجمات الجوية للجيش الليبي على مدينة بنغازي, معتبرة ذلك "محاولة واضحة لتقويض لجهود المستمرة لإنهاء النزاع وعرقلتها في الوقت الذي وصلت فيه المفاوضات إلى مرحلة نهائية وحرجة". وشددت في بيان لها على أن "الحل الوحيد للازمة يكون في إطار الحوار السياسي الجاري والتسوية السياسية التي تضمن مشاركة الجميع والتوازن والتوافق", مؤكدة أنه "لدى الأطراف في ليبيا الآن فرصة تاريخية للتوصل إلى اتفاق يضع حدا للانقسامات والمعاناة وتسمح بفتح صفحة جديدة في ليبيا". وبالموازاة, طالبت المسؤولين والشخصيات المؤثرة التي تدعم عملية الحوار السياسي باستخدام تأثيرهم ونفوذهم لتهدئة الوضع العسكري. يذكر أن قائد القوات المسلحة الليبية, اللواء خليفة حفتر, قد أعطى الضوء الأخضر أمس السبت للقيادات العسكرية كي تباشر ما أطلق عليه "عملية الحتف" لتحرير مدينة بنغازي من الملشيات المسلحة وإرهابيي التنظيم الذي يطلق عليه "الدولة الإسلامية" (داعش) وذلك بمشاركة كل الوحدات العسكرية المقاتلة في المدينة بالإضافة إلى سلاح الجو الليبي. وتعيش ليبيا منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في أكتوبر 2011 فوضى أمنية وسياسية في ظل صراع على السلطة بين مجلس النواب المنتخب والحكومة المؤقتة المعترف بهما دوليا واللذين يتمركزان شرقي البلاد والمؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته وحكومة (الإنقاذ الوطني) غير المعترف بها واللذين يتواجدان في العاصمة طرابلس.