بنسبة توافد هامة وبرنامج متنوع لم يلق استحسان الجميع تكون الطبعة ال 20 لصالون الجزائرالدولي للكتاب (سيلا) قد استجابت نوعا ما لتطلعات الجمهورالواسع والمهنيين الذين ما فتئوا يطالبون بتحسين التنظيم والرقي بالصالون إلى مرتبة المهنية. وقد استقبل الصالون -منذ افتتاحه في ال29 أكتوبرالماضي- ضيوفا من آفاق متنوعة بين جامعيين يبحثون عن مؤلفات علمية متخصصة وطلبة ثانويات جذبتهم أجنحة ممثليات أجنبية ذات طابع ثقافي وتعليمي وأولياء يبحثون عن كتب شبه مدرسية وآخرين وجهوا أبصارهم نحوكتب الأدب والدين. ومع أكثرمن 900 ناشرحاضربالصالون -حسب المنظمين- حققت الكتب الأكاديمية أعلى المبيعات رغم ارتفاع أسعارها كما حضي الأدب باهتمام معتبرهذه السنة بحضورالعديد من الأدباء الشباب الذين برزوا بإبداعاتهم. وانخفضت من جهتها مبيعات كتب الدين والأطفال حيث قررت محافظة الصالون تطبيق قانون منع بين الكتب بالجملة بحذافيره عكس الطبعات الماضية. ويلحظ الزائرللصالون ضعف محتوى كتب الأطفال والشباب رغم التواجد الكبيرللناشرين المختصين وقد تأسف الكثيرمن الأولياء للحضور"البارز" لبعض الكتب الدينية الموجهة للأطفال في الفضاءات التي لا تتناسب وأعمارهم. وعرفت الممثليات الديبلوماسية الأجنبية على غرارالمعهد الفرنسي بالجزائروالمعهد الثقافي البريطاني وجناح سفارة الولاياتالمتحدة توافدا كبيرا للجامعيين وطلبة الثانويات من أجل تعلم اللغات والتعرف على البرامج الدراسية التي توفرها جامعاتها. ولم يستقطب البرنامج الخاص باللقاءات الفكرية والمحاضرات المنظم على هامش الصالون اهتمام الجمهور باستثناء اليوم الدراسي التاريخي حول مجازر8 ماي 1945 حيث اعتبربعض الزوارأن سبب هذا العزوف يكمن في نقص المعلومات حول الأنشطة المبرمجة وغياب الملصقات واللافتات الإشهارية. كما عانى أيضا برنامج هذه الدورة -الذي عرف حضورا مميزا للمؤرخين والباحثين الفرنسيين في محاضرات حول رقمنة الأرشيف والعالم العربي والرهانات الجيواستراتيجية وغيرها- من التأخيرأوإلغاء بعض الأنشطة علاوة على نقص في السندات السمعية البصرية واضطراب في توزيع نشرية الصالون. مهنية الصالون مطلوبة بإلحاح عرفت هذه الطبعة ولأول مرة منح جائزة أسيا جبارللرواية لثلاثة روائيين هم عبد الوهاب عيساوي في اللغة العربية عن عمله "سييرا دي لا مويرتي" (جبل الأموات) ورشيد بوخروب في اللغة الأمازيغية عن "تيسليت نو غنيم" وأمين آيت الهادي في اللغة الفرنسية عن عمله "ما بعد الفجر" وهوما اعتبره مهنيوالكتاب والمؤلفين خطوة مهمة في إقرار "الهوية" المهنية للصالون. وبالرغم من أن اختيارالمنظمين ركزهذه السنة على برمجة موجهة أساسا لمهنيي الكتاب بالتعاون مع الناشرين الفرنسيين -الذين اختيرت بلادهم ضيف شرف الدورة- إلا أن هذه المبادرة لم تجد الصدى المرجولدى الناشرين والكتاب الجزائريين. وقد أثارمهنيون جزائريون وفرنسيون خلال يوم مهني جزائري- فرنسي خصص للناشرين "أزمة" المترجمين إلى اللغة العربية و"ضعف" الشبكة الجزائرية والمغاربية لتوزيع الكتاب معتبرين إياها "عائقا" أمام التعاون الجزائري الفرنسي في مجال النشر. كما أوضح هؤلاء المهنيون أن نقص المترجمين المؤهلين يشكل"عقبة كبيرة" أمام التنازل عن حقوق الكتاب الجزائري أوالأجنبي المكتوب باللغة الفرنسية. وإضافة الى مطالبتهم ب"ترقية أحسن للناشرين الصغار" دعا المهنيون أيضا إلى "ترويج أفضل للصالون وبرنامجه التنشيطي" في حين تأسف آخرون "لقلة اللقاءات" بين المهنيين الجزائريين والأجانب من كتاب وناشرين وموزعين وصحفيين والتي من شأنها تشجيع وتدعيم التبادل. كما أبرزهؤلاء ضرورة تخصيص وقت أطول للتحضيرللسيلا مشددين على أن الوقت قد حان للارتقاء بالصالون إلى مستوى اللقاءت الدولية المهنية الكبرى بعيدا عن لغة الأرقام التي لا تعكس حقيقة مستوى القراءة ولا واقع سوق الكتاب في الجزائر.